< قائمة الدروس

الأستاذ السيد منير الخباز

بحث الفقه

37/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الخلل الواقع في الصلاة

ما زال الكلام في الاستدلال على جواز الصلاة في جلد السنجاب استنادا الى مجموعة من الروايات، وقد وصل الكلام الى رواية علي ابن جعفر. وهي ما رواه في الوسائل: عن علي ابن جعفر عن اخيه موسى ابن جعفر : قال: «سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنك؟ فقال: لا يلبس ولا يصلى فيه الا ان يكون ذكيا».
وبحسب رواية الصدوق «ره» قال: «لا باس ولا يصلى فيه الا ان يكون ذكياً». ولم يقل لا يلبس.
والمهم أن هذه الرواية هل يمكن تصحيحها سندا ام لا؟ فإننا إذا اقتصرنا على ما رواه صاحب الوسائل في هذا الباب فلا يمكن البناء على صحتها، باعتبار أن صاحب الوسائل نقلها عن كتاب «قرب الإسناد» الى عبد الله ابن جعفر الحميري، وقد نقلها الحميري عن عبد الله ابن الحسن الذي هو احد احفاد علي ابن جعفر العريضي ومن رواة كتابه «المسائل الحلال والحرام»، وحيث ان عبد الله ابن الحسن وان كان هاشمياً ومن الرواة لكنه مجهول لم يوثق في كتب الرجال، إذاً فلا يمكن البناء على صحة هذه الرواية بهذا الطريق.
وقد يقال: بأن عبد الله ابن جعفر الحميري اقتصر في كتابه «قرب الاسناد» على رواية عبد الله ابن الحسن ولم يروي كتاب علي ابن جعفر عن غيره مع وجود رواة آخرين ثقات، نظير ما سيأتي رواية الشيخ عن العمركي البوفكي، مع ان العمركي ثقة ومن مشائخ عبد الله ابن جعفر الحميري، بلا واسطة، مع ذلك عبد الله ابن جعفر الحميري لم يروي كتاب علي ابن جعفر عن شيخه وهو العمركي الثقة، وإنما رواه عن عبد الله ابن الحسن. فقد يقال بانه يترك رواية الكتاب عن شيخه مع انه ثقة ويقتصر على رواية عبد الله ابن الحسن، هذا شاهد منه على توثيق رواية عبد الله الحسن. وإلا لو كان له قدح وغمز في عبد الله ابن الحسن لما روى الكتاب عن طريقه، لكان قد روى الكتاب عن العمركي الذي هو معروف بالوثاقة ومن مشائخه بشكل مباشر.
فعدم روايته عنه وروايته عن عبد الله ابن الحسن شاهد على توثيقه لعبد الله ابن الحسن، او توثيقه للنسخة التي رواها عبد الله ابن الحسن من كتاب جده علي ابن جعفر.
ولكن مجرد هذا ليس شاهدا واضحا على التوثيق، لان كتاب علي بن جعفر العريضي كما ذكر النجاشي في ترجمته: مبوب وغير مبوب، بمعنى أن نسخه مختلفة، بعض نسخه مبوبه وبعض نسخه غير مبوبه. فلعل عبد الله ابن جعفر الحميري اختار رواية عبد الله ابن الحسن لتميزها على رواية العمركي لكونها مبوبة، لا انه يشهد بوثاقته، او لعل العمركي وان كان شيخه بالمباشرة لكنه لم يروي له كتاب علي ابن جعفر، فحيث لم يتحصل له روايته من قبله نقل رواية حفيده عبد الله ابن الحسن. فمجرد هذا التحليل لا يوجب الوثوق بان هناك شهادة من قبل عبد الله الحميري بوثاقة عبد الله ابن الحسن او توثيق للنسخة التي نقل عنها.
إذاً كيف نصحّح سند الرواية مع ان بهذا الطريق لا يمكن تصحيحها حتى بناء على مسالك سيدنا «قده» في مقام التوثيق.
ولكن يمكن تصحيح هذه الرواية بناء على مباني سيدنا «قده» وذلك من خلال عدّة أمور نتعرض لها:
الامر الاول: ان لصاحب الوسائل طريقا صحيحا الى الشيخ الطوسي «قده»، وللشيخ الطوسي طريق صحيح الى كتاب «المسائل» لعلي ابن جعفر عن طريق رواية العمركي.
خاتمة الوسائل: قد ذكر صاحب الوسائل في «ج30، ص177، من الخاتمة» طرقه الى الكتب في الفائدة الخامسة، عنونها بعنوان: «مشيخة المؤلف» ثم قال: هي الفائدة في بيان الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة عن مؤلفيها. ثم ذكر الطرق، قال:
الطريق الاول: الشيخ الجليل الثقة الورع ابو عبد الله الحسين ابن ظهير الدين العاملي «ره» إجازةً.
وعدد بهذه الطرق الى ان وصل الى الطريق التاسع عشر. الطرق التي قبله اغلبها تنتهي الى الشهيد الثاني. لما وصل الى الطريق التاسع عشر قال:
عن الشهيد الثاني، عن شيخه الفاضل علي ابن عبد العال العاملي الجزيني عن الشيخ ضياء الدين علي ابن الشهيد محمد ابن مكي العاملي «الشهيد الاول»، عن والده، عن شيخ فخر الدين محمد ولد العلامة جمال الدين «فخر المحققين» عن والده العلامة، عن شيخه المحقق نجم الدين أبي القاسم «صاحب الشرائع» عن السيد الجليل شمس الدين فخّار ابن معد الموسوي من مشائخ المحقق المعروفين بالوثاقة عن الشيخ الفقيه ابي الفضل الشاذان ابن جبرئيل القمي المعروف بالوثاقة، عن الشيخ عماد الدين محمد ابن القاسم الطبري المعروف بالوثاقة عن الشيخ ابي علي «ابن الشيخ الطوسي» الحسن ابن الشيخ الطوسي ابي جعفر ابن محمد ابن الحسن الطوسي عن والده.
إذاً لصاحب الوسائل طريق صحيح للشيخ الطوسي مما رواه الشيخ الطوسي من الكتب.
وهذا الطريق ظاهر سياق الطرق أنه إجازة، يعني بالإجازة وصل الى هذا الطريق او كان في سلسته. نأتي الى «ص141» يذكر طريق الشيخ الطوسي الى كتاب علي ابن جعفر. فيقول:
في الفائدة الثانية التي هي بعنوان «مشيخة التهذيب والاستبصار»، فقال هذه عبارة الشيخ الطوسي: وما ذكرته عن علي ابن جعفر _يعني ما ذكره الشيخ في كتبه _ فقد اخبرني به الحسين ابن عبيد الله عن احمد ابن محمد ابن يحيى عن ابيه محمد ابن يحيى عن العمركي النيسابوري البوفكي عن علي بن جعفر. وهو سند معتبر.
إذاً لصاحب الوسائل طريق الى الشيخ وللشيخ طريق صحيح الى كتاب علي ابن جعفر، الذي ذكر عنه في تهذيبيه، فلذلك يقول السيد الخوئي في تهذيبه، والسيد الصدر في شرحه على العروة الوثقى، والشيخ الاستاذ «قده» في إرشاد الطالب: ان لصاحب الوسائل طريقا صحيحا الى «كتاب المسائل» لعلي ابن جعفر.
الامر الثاني: صاحب الوسائل له طريق صحيح الى الكتب، ولكن ما الدليل على ان الكتب التي بين يديه هي الكتب التي له طريق صحيح إليها؟!
صاحب الوسائل تعرّض نفسه لإثبات ان الكتب التي بين يديه ثابتة الانتساب الى مؤلفيها «ص153» من الخاتمة. طبعا بغض النظر عما تعرض له صاحب الوسائل، فالسيد الخوئي يتمسك بأصالة الحس فلا يحتاج السيد الخوئي لهذه الفائدة فهو يقول بالنتيجة: ينقل عن كتاب علي ابن جعفر، فاذا نقل عن كتاب علي ابن جعفر ولا ادري ان نقله عن حس او حدس، مقتضى أصالة الحس انه ينقل عما هو كتاب علي ابن جعفر حسا، متى ما دار الخبر بين كونه خبرا حدسيا او كونه خبرا حسيا مقتضى اصالة الحس ان النقل حسي.
فعلى مبنى السيد الخوئي لا نحتاج الى ما ذكره في الفائدة وانما نبني على اصالة الحس.
فمن يشكك في اصالة الحس، كما نحن شككنا فيما مضى وقلنا لا نحرز بناء العقلاء على اجراء اصالة الحس مع وجود الفاصل الزمني الطويل بين الناقل وبين المنقول عنه. إذا لم نبني على اصالة الحس نرجع الفائدة التي ذكرها صاحب الوسائل «ص153». قال:
الفائدة الرابعة: في ذكر مصادر هذا الكتاب «كتاب الوسائل».
نذكر مقدمتين حتى يتم كلام صاحب الوسائل:
المقدمة الاولى: وهي كبروية: قام بناء العقلاء على الرجوع لأهل الخبرة في الامور الحدسية، وقام بناء لعقلاء على قبول خبر الثقة على الامور الحسية سواء استندت شهادته «الثقة» للحس المباشر ام استندت شهادته الى المبادئ القريبة من الحس، فيقال: يؤخذ بشهادته وان علمنا انه لم يستند الى الحس المباشر وانما استند الى القرائن القريبة من الحس. كما لو خبر بموت فلان فاستند الى القرائن القريبة من الحس، او اخبر بمرض فلان او بنسبه. فإن هذه الامور انما تنال بالحس المباشر تنال بالقرائن القريبة من الحس، فمقتضى بناء العقلاء على قبول الشهادة في الامور الحسية إذا كانت مستندة للحس او للقرائن القريبة من الحس، نقول: ان صاحب الوسائل شهد بان الكتب التي بين يديه كتب منتسبة الى مؤلفيها شاهدة حسية.
قال صاحب الوسائل: في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت عنها احاديث هذا الكتاب وشهد بصحتها مؤلفوها وغيرهم وقامت القرائن على ثبوتها، وتواترت عن مؤلفيها، او علمت صحة نسبتها اليهم بحيث لم يبق فيه شك ولا ريب، كوجودها بخطوط اكابر العلماء «مثل خط الشيخ الطوسي او خط ابن ادريس» وتكرر ذكرها في مصنفاتهم ينقلون عن هذه النسخة وشهادتهم بنبستها، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المعتبرة «يعني اذا وجدت نسخة موافقة لمضامين الكتب المعتبرة اعتبرها قرينة على صحة النسبة الى مؤلفيها»، او نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة على أنها منتسبة لمؤلفه وغير ذلك. ثم ذكر الكتب التي وصلت اليه بهذا الطريق.
فعندما وصل كتاب «الاخوان» للصدوق، قال: والنسخة التي وصلت الينا «من كتاب الاخوان» محذوفة الاسانيد في اكثر الاحاديث وربما نسبت الى ابيه علي ابن بابويه.
ثم لما جاء الى الكتاب العشرين، كتاب «المحاسن» للشيخ البرقي: قال كتاب المحاسن تأليف الشيخ الثقة الجليل احمد ابن ابي عبد الله ابن محمد ابن خالد البرقي والذي وصل الينا من المحاسن كتاب كتاب القرائن الى كتاب المرافق، وباقي كتب المحاسن لم تصل الينا.
ثم عندما وصل الى الخمسة والعشرين قال: كتاب علي ابن جعفر ابن محمد «عليهما السلام».
ولم يقل نسخة وصلت الينا ناقصة محذوفة الاسانيد او محذوفة الكلام، قال كتاب علي ابن جعفر. وظاهر كلامه: ان كتاب علي ابن جعفر وصلت نسخته اليه بالقرائن التي هي قريبة من الحس التي افادته الوثوق بان النسخة منتسبة الى صاحب الكتاب.
في التعقيب «ص159» قال: وغير ذلك من الكتب التي صرحنا بأسمائها عند النقل عنها ويوجد الآن كتب كثيرة من كتب الحديث غير ذلك، لكن بعضها لم يصل إليّ منه نسخة صحيحة وبعضها ليس فيه احكام شرعية معتد به، وبعضها ثبت ضعفه وضعف مؤلفه كابن ابي جمهور الاحسائي ينص على ضعفه وضعف مؤلفه. وبعضها لم يثبت عندي كونه معتمداً، فلذلك اقتصرت على ما ذكرت ونقلت منها ما يتضمن منها شيئا من الاحكام الشرعية والآداب الدينية والدنيوية المروية عنهم وتركت ما سوى ذلك.
ثم يذكر في الكتب التي ما وصلت اليه:
واما الكتب المعتمدة التي نقلها عنها بالواسطة، ولم تصل إلينا ولكن نقل عنها الصدوق والمحقق وابن ادريس، ألخ... كتاب معاوية ابن عمار، نوادر البزنطي، كتاب حريز، كتاب المشيخة لابن محبوب، الى ان يصل الى رقم 26، كتاب علي ابن جعفر. لذلك عقّب: قال: وهذا غير الكتاب الذي وصل الينا ونقلنا عنه بغير واسطة.
الامر الثالث: إن قلت: صحيح ان لصاحب الوسائل طريقا صحيحا الى كتاب علي ابن جعفر وصحيح ان الكتب التي بين يديه كتب ثبت انتسابها حسّاً الى مؤلفيها لكن ما الذي يدرينا ان النسخة التي بين يديه له طريق صحيح اليها؟.
السيد الخوئي يقول: الظاهر انه ينقل من النسخة التي له طريق صحيح اليها لا انه ينقل من نسخة اليها ويترك النسخة التي لها طريق صحيح اليها.
الامر الرابع: هذه الرواية الشريفة ما نقلها صاحب الوسائل عن كتاب علي ابن جعفر، لو نقلها عن كتاب علي بن جعفر لتم هذا البحث، وانما نقلها عن كتاب علي ابن جعفر، نقلها عن كتاب «قرب الإسناد» عن عبد الله ابن الحسن الذي فيه كلام.
ولكن، هذا ليس مانعاً، راجعوا كتاب «المسائل» لعلي ابن جعفر «طبع مؤسسة أهل البيت، سنة 1409 هـ، المحقق له السيد الجلالي» هي انه: كتاب علي ابن جعفر له ثلاث نسخ، النسخة الاولى: نسخة الشيخ الطوسي برواية العمركي البوفكي _الذي ذكره الشيخ الطوسي في طريقه_ كما ذكر الشيخ الطوسي في المشيخة «86» وذكر في الفهرس «ص114» وهذه النسخة هي المشهورة وهي ما كانت برواية العمركي البوفكي. لكثرة الرواية عنها عن هذه النسخة في الكتبة الاربعة، _يعني الكتب الاربع ما رووا عن عبد الله ابن الحسن او عن غيره إلا نادراً_.
النسخة الثانية: نسخة عبد الله ابن الحسن «حفيده» التي رواها عبد الله ابن جعفر الحميري في كتابه قرب الاسناد» في «ج2» وهذا الراوي مجهول، كما ذكر صاحب «منتقى الجمل» «ج3، ص176». ا
النسخة الثالثة: نسخة علي ابن الحسن ابن علي.
السيد الخوئي لا توثيق له، مع ان السيد المرتضى في «الناصريات» قال كان علما فاضلاً. لكن مع ذلك لم يستف منها السيد الخوئي على التوثيق، فان مجرد المدح لا يدل على الوثاقة.
_نسخة علي ابن الحسن وصلت الى صاحب البحار وصاحب الوسائل. يعني صاحب الوسائل لم ينقل عن نسخة العمركي البوفكي، النسخة التي وصلت اليه هي النسخة التي برواية علي ابن الحسن وهي النسخة التي وصلت الى صاحب البحار. _، ووصلت اليهما بالوجادة برواية احمد بان موسى ابن جعفر عن ابي جعفر احمد ابن زيد النظر الخراساني. وبين النسخ الثلاثة عموم من وجه، كما ذكر المحققون.
هناك روايات في نسخة البوفكي ليست موجودة في نسخة عبد الله وهناك روايات في نسخة عبد الله ليست موجودة في نسخة علي ابن الحسن، وهكذا. مثلا نسخة عبد الله التي هي في قرب الاسناد فيها «533 حديث» نسخة علي ابن الحسن فيها «429 حديث» وبينهما «250 حديث» مشترك وكل منهما يختلف عن الآخر في بعض الأحاديث.
من هنا نقول: بناءً عل مطالب مباني سيدنا «قده» أنه: صاحب الوسائل له طريق صحيح الى كتاب علي ابن جعفر، والكتاب قد وصل اليه بنفس النسخة التي وصلت الى صاحب البحار، وصاحب المستدرك، وقد نقل صاحب البحار هذه الرواية عن كتاب علي ابن جعفر كتاب «المسائل، ج10، ص269، من البحار». ونقلها ايضاً صاحب المستدرك في «باب3، من ابواب لباس المصلي، حديث2».
فصحيح ان صاحب الوسائل لم ينقل الرواية عن كتابه، لكن بما ان له طريق صحيح الى كتاب علي ابن جعفر والنسخة التي وصلت اليه هي النسخة التي وصلت الى صاحب البحار وصاحب المستدرك. وقد نقل صاحب البحار وصاحب المستدرك الرواية عن النسخة التي بين ايديهما وهي النسخة التي وصلت الى صاحب الوسائل. مقتضى ذلك ان تكون هذه الرواية معتبرة على مباني سيدنا الخوئي «قده».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo