< قائمة الدروس

الأستاذ السيد منير الخباز

بحث الفقه

37/02/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الخلل الواقع في الصلاة

كان الكلام في أن المجعول الشرعي هل هو شرطية التذكية في لباس المصلي أم هو مانعية الميتة، وعلى فرض أن المجعول مانعية الميتة، فهل الميتة عبارة عن ما ليس مذكّى أم أنها عنوانٌ وجوديٌ وهو عبارةٌ عمّا زهقت روحه بوجهٍ غير شرعيٍ. وذكرنا: أن في المسألة عدّة آراء ووصل الكلام إلى:
الرأي الثاني: وهو ما أفاده جمع منهم سيد المستمسك «قده»:
من أن المانع من صحة الصلاة كون اللباس ميتة. إلا ان الميتة عنوان عدمي وليس عنوانا وجوديا وهو عبارة عمّا ليس بمذكّى، لذلك إذا شككنا في جلد انه ميتة أو مذكى فإن استصحاب عدم التذكية يثبت انه ميتة، لان الميتة ما ليس بمذكى، وهذا العنوان العدمي يمكن اثابته بالاستصحاب، فيترتب على ذلك عدم صحة الصلاة في مشكوك التذكية. وقد تصدى سبطه «دام ظله» في «المحكم» لإثبات هذا الرأي وهو أن الميتة ليست شيئا آخر وراء العنوان العدمي وهو ما ليس بمذكى، الذي يمكن اثباته بالاستصحاب، وذلك لعدة مؤيدات نتعرض لها:
المؤيد الأول: «ص122، ج4، المحكم»: أن مقتضى مناسبة الحكم للموضوع ظهور الدليل الدال على حرمة أكل الميتة وحرمة الصلاة في الميتة ونحو ذلك أن المناط في حرمة الصلاة خبث الموت، أي لأن الموت محل للخبث والقذارة لذلك منع المشرّع الأكل والصلاة في الميتة، وحيث إن الرافع للخبث والقذارة هو التذكية فلا محالة يكون المانع من صحة الصلاة عدم التذكية، إذ المنع من الصلاة في الميتة خبث الموت، وخبث الموت لا يرتفع إلا بالتذكية، فمقتضى ذلك أن يكون المناط في المنع من الصلاة عدم التذكية وليس شيئاً آخر، إذاً قرينة مناسبة الحكم للموضوع تؤدي الى القول بأن الميتة ليست شيئا الا عدم التذكية، لا أنه امر وجودي.
ويلاحظ على ما أفيد:
أن غاية هذا المؤيد: ان مناط المنع من صحة الصلاة في الثوب كون الثوب متلبسا بقذارة الموت الذي لا يرتفع الا بالتذكية، وليس هذا محلا للبحث، فإن الجميع متفق على ان مناط المنع هو تلبس ثوب المصلي بقذارة الموت، وإنما محل البحث في العنوان العرفي المعبر عن ذلك، حيث إن العنوان العرفي المعبر عن ذلك _عن خباثة الموت وقذارته - هو عنوان الميتة، فما هو المدلول العرفي لعنوان الميتة؟.
هل أنّ المدلول العرفي له ما لم يذكّى؟ أو أنّ المدلول العرفي ما زهقت روحه بسبب غير شرعي، فإن كلا العنوانين ما لم يذكى، ما زهقت روحه، يعبران عن خباثة الموت المانعة من صحة الصلاة.
فمجرد اننا نستفيد من قوله: «لا تصلي في الميتة» أن مناط المنع خبث الموت، هذا شيء، وأن عنوان الميتة تعبير عرفي عمّا ليس بمذكى أو ما زهقت روحه بوجه غير شرعي هذا شيء آخر. ومحل البحث هو الثاني، فإن كليهما معبر عن ما هو موطن الخبث والقذارة. أما تحديد أن المدلول العرفي هوا لاول أو الثاني فما افيد في المؤيد أو القرينة مما لا يعيّن احدهما.
المؤيد الثاني: «ص123»: إن اخذ احد الضدين في مفهوم الاخر غير مألوف ولا معهود، بل المعهود اخذ عدم احد المتقابلين في الاخر كالعمى والبصر والغنى والفقر. ومحصل كلامه:
أننا لو قلنا إن تقابل الميتة والمذكّى تقابل الملكة والعدم بحيث يكون معنى الميتة ما ليس مذكّى، نظير تقابل العمى والبصر، فالعمى ما ليس مبصراً، فإن هذا تعريف مطابق للمحاورات العرفية حيث اخذ في عدم الملكة الملكة، فيقال: العمى عدم البصر الجهل عدم العلم، فالتذكية عدم الميتة. واما لو قلنا بمقالة السيد «قده»: أن تقابل الميتة والمذكّى تقابل الضدين، أي انهما أمران وجوديان، فسوف تكون النتيجة: أن نعرّف الميتة: بأنها ما زهقت روحه بغير التذكية. فسوف نأخذ احد الضدين في مفهوم الضد الآخر وهذا غير ما هو معهود في المحاورات العرفية، فبما ان جعل الميتة معنى عدميا بحيث يكون التقابل مع المذكّى تقابل الملكة والعدم ينسجم مع ما هو المعهود بخلاف ما لو جعلنا أمراً وجودياً، كان هذا مؤيداً لمدعى سيد المستمسك «قده» من ان الميتة ما ليس مذكى.
ويلاحظ على ذلك:
أن الماخوذ في مفهوم أحد الضدين عدم سبب الضد الآخر لا نفس الضد الآخر كي يكون منافيا لما هو المألوف والمعهود والمبزبور، فغاية ما يترتب على مبنى السيد الخوئي: هو الميتة ما زهقت روحه بذبح غير شرعي أو ما زهقت روحه بوجه غير شرعي، ومن الواضح ان الضد ليس هو الوجه الشرعي، بل الضد هو ما زهقت روحه بوجه شرعي. فالضدان ما زهقت روحه بذبح غير شرعي وما زهقت روحه بذبح شرعي، إذاً فالمأخوذ في تعريف الميتة عدم سبب الضد الآخر، لا ان الماخوذ في تحديد الميتة الضد الآخر كي يقال بان هذا خلاف ما هو المعهود في المفاهم بحسب المحاورات العرفية. فهذا المقدار من الكلام لا يصلح ان يكون مؤيدا.
المؤيد الثالث: ما في كلام غير واحد من اللغوين، ففي الصحاح والقاموس: الميتة: ما لم تلحقه الذكاة. وفي لسان العرب: الميتة: ما لم تدرك ذكاته. وفي مفردات الراغب: الميتة من الحيوان: ما زال روحه بغير تذكية.
وفي مجمع البيان: «حرّمت عليكم الميتة» قال: أي: حرّم عليكم أكل الميتة والانتفاع بها وهو_ الميتة_ كل ما له نفس سائلة فارقت روحه من غير تذكية. وقريب منه: ما في تفسير الطبري.
فالموافق لتعريف اللغوين لعنوان الميتة هو ما ذكره في المستمسك من أن الميتة أمر عدمي مقابل للمذكى تقابل العدم والملكة.
ويلاحظ على ذلك:
لا ظهور في كلمات اللغوين في أنها بصدد تحديد المفهوم، أي المفهوم العرفي للعنوان، خصوصاً وأن بعضهم مجرد فقهاء ينقلون ما في كتب الفقهاء، بل ظاهر كلماتهم انهم في مقام الاشارة الى المصداق المتشرعي للميتة، فالميتة لها معنى عرفي، والمصداق لدى المتشرعية اي لدى المسلمين لهذا المعنى هو ما لم تلحقه ذكاة أو ما لم تدرك ذكاته، فهذا مصداق لدى المسلمين لعنوان الميتة الذي له مفهوم عرفي مع غمض النظر عن هذا المصداق، والشاهد على ذلك ما ذكره الطبرسي والطبري والزبيدي في تاج العروس، حيث قال: الزبيدي في تاج العروس: «والميتة عند اهل اللغة كذا، وعند الفقهاء ما لم تدرك ذكاته». فهو مشير الى المصداق المتشرعي. يعني المصداق المتعارف لدى المسلمين هو ما لم تدرك ذكاته.
المؤيد الرابع: إن سيدنا الخوئي «قده» فكّك بين الآثار وقال: موضوع صحة الصلاة المذكّى، فيكفي في عدم صحة الصلاة الشك في التذكية، بينما موضوع النجاسة: الميتة، فإذا شك في الجلد انه مذكى أم لا؟ فاستصحاب عدم التذكية لا يثبت انه ميتة فلا يترتب عليه النجاسة. فموضوع النجاسة الميتة بمعنى وجودي الذي لا يثبت باستصحاب عدم التذكية، وموضوع حرمة الصلاة معنى عدمي، فيكفي في عدم صحة الصلاة الشك في التذكية، لذلك عقّب على كلامه في «المحكم» قال: التفكيك بين الأحكام بعيد جدا عن مساق أدلتها لجريها على نسق واحد، إذ من الصعب جدا الالتزام بأن الميتة في ادلة النجاسة من حيث كونها بنفسها موضوعا للنجاسة ولا دخل لعدم التذكية. وأما في ادلة حرمة الأكل والمانعية، فأخذها من حيث ملازمتها لعدم التذكية لا من حيث نفسها.
وتقريب كلامه: إذا نظرنا الى الأدلة نجد في سائر الأدّلة عنوان واحد، وهو عنوان الميتة. مثلاً في دليل حرمة الأكل: قال: «حرّمت عليكم الميتة». في دليل حرمة البيع قال: «ثمن الميتة من السحت». في دليل الصلاة: في موثقة سماعة: «قال: سألته عن تقليد السيف في الصلاة فقال: لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة». وفي دليل النجاسة: قال: «لا تأكل من آنيتهم _النصارى_ إذا كانوا يأكلون فيها الميتة ولحم الخنزير».
فنرى سائر الادلة جعلت المدار على عنوان الميتة. فعندما نقول: بأن الميتة في مسالة حرمة الأكل ومسالة حرمة الصلاة، بمعنى عدمي يعني ما ليس بمذكى؛ وفي مسألة النجاسة وجواز البيع بمعنى وجودي وهو ما زهقت روحه بوجه غير شرعي؛ كان هذا التفكيك غير عرفي لجري الادلة على نسق واحد. فالتفكيك بين المعاني غير عرفي.
ثم قال وكيف يمكن ذلك _الفكيك_ في مثل صحيح الحلبي، «سألت ابا عبد الله ع، عن الخفاف التي تباع في السوق، فقال: اشتر وصل، _يعني رتّب الأثرين معاً وهما جواز الشراء والصلاة_ فيها حتى تعلم أنه ميتة».
فبما ان الاثرين في لسان واحد رتبا على عنوان واحد وهو عنوان الميتة فكيف نقول بأن الميتة هنا بمعنى وجودي وهو في جواز الشراء، وهي هنا: في الصلاة بمعنى عدمي وهو ما ليس بمذكى.
ويلاحظ على ما افيد:
ان هذا المعنى تام لو لم تقم قرينة على الخلاف في الموردين، مورد الصلاة ومورد حرمة الاكل. فبالنسبة الى جواز البيع والشراء والنجاسة، ربتهما الشارع على عنوان الميتة ولم ترد قرينة مخالفة، فالتزمنا أن الموضوع هو الميتة. وحيث إن المتبادر من عنوان الميتة عرفا ما زهقت روحه بغير وجه شرعي قلنا بأن موضوع المنع في مسالة حرمة البيع وفي مسألة النجاسة عنوان وجودي. فإذا شك في العنوان الوجودي جرى استصحاب عدمه فيجوز الشراء ويبني على الطهارة.
أما في مسالة الصلاة ومسالة حرمة الأكل صحيح ورد عنوان الميتة اما ورد أيضاً دليل مخالف ايضا. اما في حرمة الاكل فقد ورد «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ» حيث أنه قال في الذيل: «إلا ما ذكيتم» علم أنه لا يترتب جواز الاكل حتى تتحقق التذكية، ومقتضى مفهوم الاستثناء انه يكفي في حرمة الاكل عدم التذكية.
إذاً مقتضى ذيل الآية مفهوم الاستثناء في الآية: أنه يكفي في حرمة الأكل عدم إحراز التذكية وإن لم يحرز عنوان الميتة وإنما نص على الميتة كمصداق من مصاديق ما ليس مذكى. فلأجل وجود هذه القرينة قلنا بأن موضوع حرمة الاكل هو ما ليس مذكى وليس ما زهقت روحه بسبب غير شرعي. وأما بالنسبة الى الصلاة فصحيح انه ورد في موثقة سماعة: «صل ما لم تعلم انه ميتة». او في الرواية التي قراها: صحيحة الحلبي: «حتى تعلم انه ميتة». لكن ورد في موثقة ابن بكير: «وأما ما يؤكل لحمه فالصلاة في شعره وبوله وألبانه وكل شيء منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكّاه الذابح». فمقتضى الشرط انه: متى ما شككت انه ذكي فلا تصح الصلاة.
إذاً سيدنا «قده» إنما خرج عن القرينة وهي قرينة ورود الأدلة في نسق واحد في مسالة حرمة الصلاة ومسألة حرمة الأكل لوجود قرينة أخرى وهي ما دلّ على أنّ المناط على التذكية فيكفي الشك في التذكية في عدم ترتب صحة الصلاة وعدم ترتب جواز الأكل. بعد المفروغية عن أن العنوان العرفي للميتة هو ما زهقت روحه بوجه غير شرعي.
المؤيد الخامس: وردت نصوص كثيرة في الصيد والذباحة، تضمنت لزوم العلم باستناد الموت للسبب المذكّي، كما في معتبرة سليمان ابن خالد: «سالته عن الرمية، يجدها صاحبها يأكل منها أم لا؟ قال : إن كان يعلم أن رميته هي التي قتلته فليأكل». فظاهرها: أن الشك في الإصابة كافٍ في عدم جواز الأكل».
فظاهرها: ان الشك في الاصابة كاف في عدم جواز الاكل. لذلك تتم الاستدلال فقال:
والظاهر المفروغية لدى الاصحاب على ترتيب جميع أحكام الميتة ومنها النجاسة لا خصوص حرمة الاكل، _صحيح ان هذه الرواية واردة في مسألة الاكل الا ان الظاهر من الاصحاب ان السهم ان اصاب رتب جميع الآثار وان لم يحرز لم رتب شيئا من الآثار_. مع أن الأصل _ وهو استصحاب عدم التذكية_ لا يثبت الميتة بالعنوان الوجودي. فهذا ظاهر بأن المراد بالميتة هو العنوان العدمي.
ويلاحظ على هذا الوجه: كما يلاحظ على الوجه الذي قبله:
إن كان هناك ارتكاز متشرعي بترتب الآثار على موضوع واحد كفانا هذا الارتكاز بلا حاجة للبحث وجمع هذه المؤيدات، وإن لم يثبت هذا الارتكاز فمجرد قيام دليل على حرمة الاكل عند عدم التذكية لا يعني ان سائر الآثار هو هذا العنوان.
المؤيد السادس: لا اشكال في انه لا يجوز بيع الميتة ولا شرائها، فلو كانت الميتة _كما يقول السيد الخوئي_: معنى وجودي، إذاً يجوز الشراء بمجرد في أنه ميتة أم لا. فلو دخلت السوق ووجدت جلداً لا أدري انه ميتة او لا؟ إذاً يجوز لي الشراء وإن لم أحرز انه مذكى لأن المانع كونه ميتة والمتية امر وجودي وأنا لا أحرزه، فإذا شككت في أن الجلد ميتة اجري استصحاب عدم كونه ميتة واشتريه. مع ان المشرع لم يكتف بذلك بل جعل امارة على التذكية وهي: سوق المسلمين، فقال: إذ ا لم تأخذه من سوق المسلمين فلا، فلو كانت الميتة امرا وجوديا يجري استصحاب عدمه لترتب جواز الشراء بمجرد الشك بلا حاجة الى نبحث عن سوق المسلمين مع ان الشارع وضع لنا امارة الا وهي سوق المسلمين.
فهذا كاشف على أن الميتة هي عبارة عما ليس مذكى، وبالتالي اذا شككنا في الجلد انه ميتة ام لا فاستصحاب عدم التذكية يثبت انه ميتة فلا يجوز شراءه ما لم يشتر من سوق المسلمين، وهو لا يناسب ما تضمنته النصوص الكثيرة من جعل سوق المسلمين امارة على التذكية بنحو يجوز ترتيب أحكامها.
فالانصاف: ان التأمل في جميع ما ذكرناه شاهد برجوع الميتة بما ليس بمذكى، ونهوض الاصل لأحرازه _يعني استصحاب عدم التذكية يثبت الميتة_.
ولكن يلاحظ على هذا المؤيد الأخير: انه لا ربط بين الأمرين إذ لا إشكال في أنه يترتب جواز الشراء على سوق المسلمين، وإنما الذي يترتب على سوق المسلمين مسألة الأكل، ولأجل ذلك: إذا اخذ اللحم من سوق المسلمين بشراء بهبة بصلح بسرقة يجوز له اكله، فإن سوق المسلمين محقق لموضوع جواز الاكل ولا ربط له بجواز الشراء، فما أخذ من سوق المسلمين كالذي اخذ من يد المسلم، كالذي اخذ من ارض الاسلام كما بنى عليه سيد المستمسك، فهذه إمارات محققة لموضوع جواز الأكل. المأخوذ من سوق المسلمين او المأخوذ يد المسلم او المأخوذ من أرض الاسلام كما في «السفرة: يجوز لك اكله». لا ان جواز الشراء متوقف على هذه الموارد. بل جواز الشراء اول الكلام انه يتوقف على إمارية سوق المسلمين. بل يجوز شراءه وبيعه وان شك في انه مذكى، غاية ما في الأمر ليس له اكله حتى يحرز التذكية بسوق المسلمين او يد المسلم او ارض الإسلام.
فلا ربط بين الامرين حتى يقال بأن هذا من المؤيدات
والنتيجة: ان ما افيد من المؤيدات بأن الميتة معنى عدمي بمعنى ما ليس بمذكى بحيث يمكن اثباته باستصحاب عدم التذكية محل تأمل بل منع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo