< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: البراءة العقلية
 والآن نشرع في توضيح قاعدة البراءة فنقول:
 هناك حالتان في تكاليف المولى جلّ وعزّ:
 الأول: عدم وجود بيان في الواقع. الثانية: عدم وجود بيان في متناول يدّ المكلف (المجتهد)، أي عدم وصول بيان للمكلف مع الشك في صدوره. أما الحالة الأول: فان النبي () كان يبلغ الناس التكليف. اذن التكليف هو الذي يحتاج إلى صدور بيان من قبل الشارع المقدّس، اما الرخصة والإباحة فلا حاجة إلى صدور بيان فيها، وحينئذٍ إذا علمنا عدم صدور بيان للموضوع من قبل النبي () فتأتي الإباحة. وهذا خارج عن البراءة العقلية، وداخل تحت بحث بحثة القدماء في حدود الشبهة التحريمية تحت عنوان الأصل في الأشياء الحظرأ والإباحة؟ فبكل قال قوم وتوقف آخرون( [1] ).اما الحالة الثانية: فهي احتمال ان يكون هناك بيان للموضوع ولكنه لم يصل إلينا، فنحن نشك في الحكم للشك في صدور بيان لم يصل لنا، فهنا ذهب المشهور إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان أي أنهم يدعون: ان كل تكليف يصدر من المولى لا يحق له مؤاخذة العبد عليه الا في حالة وصوله إلى متناول يد العبد بحيث لو فحص عنه لوجده وجداناً قطعياً [2] .وخالف في ذلك جماعة منهم الشهيد الصدر وقالوا بحق الطاعة (أصالة الاحتياط)، حيث يكون حق الطاعة شاملا للتكاليف الظنيّة والاحتمالية التي لا يحصل القطع بها بعد الفحص في الشبهات الحكمية (الوجوبية والتحريمية).


[1] ـ راجع كتاب العدّة للشيخ الطوسي 2: 295 ـ 296 / طبقه حجرية.
[2] أقول: ذكر المحقّق النائيني(قده) ما حاصله أنّه لا ملازمة بين مسألة أنّ الأصل في الأشياء هو الحظر أو الإباحة وبين مسألة أصالة البراءة العقلية، كما أنّ المسألة الأولى ليست هي عين الثانية، إذ قد يختار المكلّف في المسألة الأولى الحظر ويختار البراءة في الثانية. نعم من قال بأصالة الحظر لا بدّ أن يقيم الدليل على انقلاب الأصل إلى البراءة، أمّا من قال بأصالة الإباحة فهو في فسحة من إقامة الدليل على البراءة، بل على الطرف الآخر إقامة الدليل على الاشتغال. ثمّ قال هناك فرق آخر بين المسألتين وهو: أنّ البحث عن الحظر والإباحة راجع إلى جواز الانتفاع بالأعيان الخارجية من حيث كونه تصرفا في ملك اللّه تعالى وسلطانه، والبحث عن البراءة والاشتغال راجع إلى المنع والترخيص في فعل المكلف من حيث إنّه فعله وإن لم يكن له تعلق بالأعيان الخارجية كالتغنّي» فوائد الأصول3: 328-329، فلاحظ. أقول: إنّ الفرق الثاني قد لا يكون مسلّماً، فإنّ أصالة الحظر والإباحة كما تكون في جواز الانتفاع بالاعيان الخارجية كأكل الفواكه التي لم تكن موجودة في زمان النصّ، ونقطع بعدم صدور نصّ فيها، فإنّها مباحة بناء على القول بأنّ الأصل هو الإباحة، كذلك تكون في جواز تصرف الإنسان والترخيص في فعله بالنسبة إلى بعض الألعاب التي حدثت جديداً ولم يكن فيها نصّ في ذلك الزمان قطعاً كما في الألعاب الكامبيوترية وألعاب التسلية غير القمارية وكذلك الألعاب الرياضية والعاب ما يسمّى بالساحة والميدان وأشباه ذلك ممّا لم يكن فيه انتفاع بعين خارجية، وكذلك البراءة فهي كما تكون في جواز الانتفاع بالأعيان الخارجية وحلّية تناولها وعدم حرمتها كذلك تكون في حليّة تصرّف المكلف من حيث كونه فعله كرقص النساء للنساء او الرجال للرجال على فتوى بعض العلماء فلا فرق بينهما من هذه الناحية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo