< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: القاعدة: حجيّة الإجماع
 الألفاظ الأخرى للقاعدة:
 التوضيح: الإجماع في اللغة يستعمل في معنيين:
 الأول: العزم( [1] ) ومنه الحديث: «مَنْ لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له»( [2] ).
 الثاني: الاتفاق( [3] )
 الإجماع في الاصطلاح: عُرّف بتعاريف.
 1ـ اتفاق أمة محمد () على أمر من الأمور الدينيّة (وهذا محكي عن الغزالي).
 2ـ اتفاق أمة محمد () على وجه يشتمل على قول المعصوم () وهو محكي عن صاحب غاية البادي شارح المبادي.
 3ـ اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد () على أمر من الأمور (وهذا محكي عن الرازي).
 4ـ اجتماع المجتهدين من هذه الأمة في عصر على أمر (وهذا محكي عن الحاجبي).
 5ـ اتفاق جماعة يستكشف منه قول المعصوم () أو رضاه «نسب إلى الإمامية».
 6 ـ إجماع أهل الحرمين مكة والمدينة والمصرين الكوفة والبصرة.
 7 ـ إجماع أهل المدينة فقط(نسب إلى مالك).
 8 ـ المعتبر إجماع أهل الحلّ والعقد.
 9 ـ المعتبر إجماع الفقهاء والأصوليين خاصة.
 10 ـ الاعتبار بإجماع الصحابة فقط (نسب إلى داود وشيعته).
 وهناك أقوال أخر.
 والإجماع عند غير الإمامية قد جعل حجة مستقلة ودليلاً مستقلاً في عرض السنة والكتاب والعقل، أما الإمامية فقد جعلوه أحد الأدلة على الحكم الشرعي ولكن من ناحية شكلية مجاراة للنهج الدراسي في أصول الفقه، أما حقيقة فلا يعتبرونه دليلاً مستقلاً في مقابل السنّة، بل هو دليل إذا كشف عن السنّة (قول المعصوم) فالحجيّة ليست للإجماع، بل الحجة هو قول المعصوم الذي يكشف عنه الإجماع عندما يكون له أهليّه هذا الكشف. فالإجماع بما هو إجماع لا قيمة علميّة له عند الإمامية ما لم يكشف عن قول المعصوم، فإذا كشف على نحو القطع عن قوله فالحجّة في الحقيقة هو المنكشَف لا الكاشف فيدخل حينئذٍ في السنّة ولا يكون دليلاً في مقابلها( [4] ).
 وإذا سألنا أحد عن كيفية كشف الإجماع عن السنة فنقول:
 إذا حصل الإجماع عند الفقهاء القدامى على أمر ولم يوجد بأيدينا ما يقتضي تلك الفتوى بحسب الصناعة، استكشفنا أنهم قد تلقوا لحكم المذكور بنحو الارتكاز العام الذي لمسوه عند الجيل الأسبق منهم (وهو جيل أصحاب الأئمة) الذين هم حلقة الوصل بينهم وبين الأئمة () وهذا الارتكاز استفيد من دلالات السنة (فعل المعصوم أو تقريره أو قوله) على إجمالها. فيكون الإجماع في الحقيقة كاشفاً عن ارتكاز متشرّعي وهو السيرة المتشرعيّة الكاشفة عن السنّة.
 ولهذا فان الإجماع يسمى بالدليل اللبّي نظير الدليل العقلي، بمعنى أنه يثبت بهما نفس المعنى والمضمون من الحكم الشرعي الذي هو كاللبّ بالنسبة إلى اللفظ الحاكي عنه الذي هو كالقشر.
 أقسام الإجماع: إن الإجماع ينقسم إلى قسمين:
 1 ـ الإجماع البسيط: وهو اتفاق جماعة يُستكشف منه قول المعصوم أو رضاه (). وهو ينقسم إلى قسمين:
 أ) إجماع محصّل: وهو الإجماع الذي يحصّله الفقيه بنفسه بتتبع آراء أهل الفتوى.
 ب) إجماع منقول: وهو الإجماع الذي لم يحصّله الفقيه بنفسه، بل ينقله له من حصّله من الفقهاء سواء كان النقل له بواسطة أو بوسائط.
 ثم أن النقل: قد يقع على نحو التواتر، وهذا حكمه حكم الإجماع المحصّل من جهة الحجيّة. وأخرى يقع النقل على نحو الخبر الواحد، وهذا هو المراد عند إطلاق قول الإجماع المنقول في لسان الأصوليين.
 2 ـ الإجماع المركب: وهو عبارة عن الاستناد إلى رأي مجموع العلماء المختلفين على قولين أو أكثر في نفي قول آخر لم يقل به أحد منهم.
 وهنا تارة يفرض أن كلّا ً من القولين قائل بنفي القول الآخر بقطع النظر عن قوله.
 وأخرى يفرض أن قائل كلٍّ من القولين ينفي القول الآخر بلحاظ قوله لاستلزامه نفي غيره.

 مستند القاعدة:
 لابدّ لنا من التماس الدليل (إن وجد) على حجيّة كل من الإجماع المحصّل والمنقول والمركّب لذا فان البحث سوف يتعدد بتعدد هذه العناوين إلى ثلاثة أبحاث:
 البحث الأول: دليل حجّية الإجماع المحصّل:
 أولاً: وقد استدل على حجيته بقانون حجية العقل العملي، وقد نُسب إلى بعض الأقدمين من الإمامية ذلك ومن جملتهم الشيخ الطوسي ()، فقد قال بقاعدة اللطف العقلية، وهي قاعدة متفرّعة على أصل العدل الإلهي في علم الكلام، فيراد بها: ادراك العقل لما يكون واجباً على الله سبحانه بحكم كونه عادلاً( [5] ) وتسمية ذلك باللطف يكون من باب التأدب، وقد تمسك بهذه القاعدة علماء الكلام لإثبات النبوة العامة، وطبّقها الفقهاء الأقدمون لإثبات حجية الإجماع بدعوى أن من اللطف اللازم على الله أن لا يسمح بضياع المصالح الحقيقية في أحكام الشارع على الناس، بل لابدّ من انحفاظ تلك المصالح الحقيقية ولو ضمن بعض الأقوال، وحينئذ إذا أجمعت الطائفة على قول ينكشف أنه هو الحقّ والالزم خفاء الحقيقة بصورة كلية وهو خلاف اللطف.


[1] ـ جمهرة اللغة 2: 103: «جمعت على الأمر إجماعاً» «إذا عزمت عليه».
[2] ـ السنن الكبرى 4: 202.
[3] ـ مجمع البحرين 4: 317.
[4] ـ راجع أصول الفقه للمظفر 2: 97 ـ 105.
[5] ـ أدلة قاعدة اللطف: إن دليل قاعدة اللطف كما ذكر ذلك العلماء هو حكم العقل العملي بثبوت حقّ للعبد على المولى كما يحكم بثبوت حق للمولى على العبد، ولكن يمكن أن تكون الأدلة هي عبارة عن الأدلة الدالة على ضرورة إرسال الرسل قال تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ... وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً رُّسُلا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً النساء: 163 ـ 165.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo