< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة: حجيّة الظواهر
 3 ـ كما لا فرق بين ظواهر الكتاب الكريم وغيرها، وهناك من فرّق بين ظواهر الكتاب فلم يجعلها حجة، وبين ظواهر غير الكتاب فجعلها حجة، بحجة وجود المتشابه في القرآن الكريم الذي نهي عن أتباعه ودعوى أن المتشابه مقابل الصريح يشمل الظاهر والمجمل، لأن المتشابه لوحظ فيه وجود معنيين متشابهيين من حيث صلاحية اللفظ القرآني لإرادة كل منهما وإن كان أحدهما أقرب وأشد علقة باللفظ من الآخر.
 فالجواب:
 1ـ يستحيل أن يشمل النهي عن اتبّاع المتشابه للظواهر القرآنية، لأن غاية ما تقدم ظهور كلمة المتشابه في شمول الظاهر والمجمل معاً، فتكون هذه الآية بنفسها من الظواهر القرآنية، فلو دلت على النهي عن العمل بها فهو يعني عدم حجيتها، فتكون حجيتها مستلزمة لعدم حجيتها، وكل ما يلزم من وجود عدمه فهو محال.
 2 ـ لا يوجد نهي عن اتبّاع المتشابه في القرآن لأن الآية القرآنية هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ( [1] ) عابت على أهل الزيغ والهوى إتباع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة [2]
  [3] والتأويل، وهذا ليس نهياً عن إتباع المتشابه لا لغرض الفتنة والتأويل وهم الذين لا يفصلون المتشابه عن المحكمات وهذا أجنبي عن عدم حجيّة ظواهر القرآن.
 3 ـ أن المتشابه ليس شاملاً للظاهر، لأن مجرد قابلية اللفظ لأن يستعمل في كلّ من المعنيين لا يجعله متشابهاً إذا كان واضحاً بيّنا في أحدهما لكونه المعنى المراد دون الآخر، بل لابدّ من صدق التشابه من تساوي نسبة دلالة اللفظ إلى كل من المعنيين وتقاربهما وهذا لا يكون إلاّ في المجمل.
 4 ـ ثم لو كانت الآية تنهى عن المتشابه والمتشابه هو الظاهر والمجمل، يكون ما دلّ على حجيّة الظواهر من السيرة والسنّة [4] والآيات مخصصاً لها.
 وقد يقال بعدم حجية ظواهر القرآن للروايات الكثيرة الواردة في المنع عن تفسير القران، وتفسير القرآن هو عبارة عن الأخذ بظاهره، وقد عدّها صاحب الوسائل فبلغت مائتين وخمسين حديثاً.
 الجواب:
 1ـ إنّ هذه الروايات معارضة بروايات أخرى متواترة ومحكمة وردت في أبواب مختلفة دلّت على الرجوع إلى الكتاب والأخذ بظاهره وطرح ما خالفه، واستشهاد الأئمة بظواهره فمنها أخبار عرض ما جاء عنهم على الكتاب ومنها عرض الأخبار الصحيحة المتعارضة على الكتاب فما وافق الكتاب أٌخذ به وما خالفه يطرح، منها أخبار الثقلين، ومنها أخبار الشروط في عرضها على القرآن مما خالف القرآن باطل وما لم يخالفه صحيح، منها ما استشهد الإمام به كخبر المرارة ومكان الباء في قوله تعال «برؤوسكم» وغيرها، وهذه الأخبار كثيرة لا تحصى وهي أقوى من تلك الأخبار الناهية، وحينئذٍ لابدّ من حمل الأخبار الناهية، على الاستقلال بحجية الكتاب ـ كما قال ذلك الرجل: حسبنا كتاب الله ـ والإعراض عمّا ورد عن من أئمة الهدى (عليهم السلام) في تفسيرها، أو على تفسيرها بما يطابق القياس والاستحسانات الظنّية وبما تشتهيه أنفسهم ولو كان خلاف الظاهر.
 2ـ على أنّ التفسير هو كشف القناع، وليس بيان المعنى الظاهر الذي لا خفاء فيه والعمل على طبقه، فما وردت فيه الروايات المانعة هو كشف القناع لا الأخذ بظواهر الكتاب، فلاحظ.
 إذن القرأن الكريم له ظاهر وظاهره حجة كبقية الظواهر ما لم يحصل صارف عن ظهوره.


[1] ـ سورة آل عمران: 7.
[2] وله أمثلة أخرى مثل فصل آية «إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ» وآية: «هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا» وأشباهها عن آية «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ» وآية «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ...» بدعوى أنّ الرسول ليس إلّا نذيرا وبشراً رسولاً، وليس له الحكم بين الناس وقيادة الأمّة، فيفصلوها عن مفاد آية إنّ الحكم لله على يد رسوله، وليس لأحد من العباد أن يحكم بما خالف حكم الله، فهم يفصلون بعض الآيات عن بعض ابتغاء الفتنة.
[3] وكذا فصل آية «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» عن آية «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» فيثبتون إنّ الله جسم كبقية الأجسام.
[4] وهو حديث الثقلين «إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo