< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة الأصل فيما لم يعلم اعتباره بالخصوص عدم الحجيّة
 وأما محذور نقض الغرض المولوي فلا يأت هنا، لأن كل خطاب شرعي يقتضي المحافظة على غرض المولى من ناحية ذلك الخطاب، فإذا أُنشا خطابٌ واقعي فهو يقتضي المحافظة على غرض المولى، ولكن لو لم يصل هذا الخطاب إلى المكلف فقد يقبل المولى بتفويت غرضه بسكوته، وقد يُنشأ خطاباً غيره في ظرف الجهل بالحكم الواقعي وقد يكون ترخيصياً، وحينئذٍ لا يمكن القول بنقض غرض المولى لأن غرض المولى صار ترخيصياً في صورة عدم العلم بالحكم الواقعي بل تكون الإمارة الترخيصية هي على وفق غرض المولى ( [1] ).
 أقول: ترخيصه على خلاف الحكم الواقعي هو نقض للغرض.
 وأما محذور الإيقاع في المفسدة أو تفويت المصلحة عند مخالفة الإمارة للواقع فلا محذور فيهما إذا كانت مصلحة التعبد بالإمارة غالبة على محذور المفسدة أو محذور ترك مصلحة الواجب، وكذا نقض الغرض إنّما يكون قبيحاً لا بملاك التزاحم أما نقض الغرض لوجود غرض أهم فلا محذور فيه بل لابد منه. فإما أن تفقد ولدك أو تصرف مليونين تومان و تخسرها للمحافظة عليه.
 وقد تُردّ كلّ المحاذير الثلاثة: بما قاله الشهيد الصدر من أن الأحكام الظاهرية (كالإمارة) إنّما جعلها المولى للمحافظة على الإغراض الواقعية (الأحكام الواقعية) فهي خطابات تكشف عن شدّة اهتمام المولى بغرضه الواقعي لأجل المحافظة عليه عند التردد والاشتباه في حكمه الواقعي.
 وبهذا ستكون الإمارات مثلاً منجَّزة على العبد ورافعة لموضوع البراءة، لأن البراءة مشروطة بعدم إحراز أهمية غرض المولى بجعل الإمارات عند الشك في الحكم الواقعي. ولتوضيح المطلب نذكر خلاصة لما ذكره السيد الشهيد (قدس سره) في كيفية جمعه بين الأحكام الظاهرية والواقعية. فقال:
 1ـ (ان الغرض سواء كان تكوينيّاً أو تشريعيّاً إذا أصبح مورده معرضاً للاشتباه والتردد، فان كان بدرجة بالغة من الأهمية بحيث لا يرضى صاحبه بتفويته، فسوف تتوسع دائرة محركيته فتكون أوسع من متعلق الغرض الواقعي، فمثلاً لو تعلق غرض تكويني بإكرام زيد وتردد بين عشرة وكان الغرض بمرتبة لا يرضى صاحبه بفواته فلا محالة سوف يتحرك في دائرة أوسع فيكرم العشرة جميعاً لكي يحرز بلوغ غرضه، وهذه التوسعة أمر وجداني لا نزاع فيه.
 فالغرض والحب والإرادة باقية على موضوعها الواقعي، وهو إكرام زيد لا غيره، إذ لا غرض نفسي في إكرام غيره ليتعلق شوق أو إرادة به، ولا هو مقدمة لوجود المراد وهو إكرام زيد لتتعلق الإرادة الغيرية به.
 ومرجع ذلك إلى ان نفس احتمال الانطباق منشأ لمحركية الإرادة المتعلقة بالمطلوب الواقعي، كالقطع به لشدة أهميته.
 ونفس الشيء صادق في حق الغرض التشريعي... فانه إذا كان غرضه (المولى) بدرجة عالية من الأهمية بحيث لا يرضى بفواته حتى مع التردد والاشتباه، فسوف يوسع دائرة محركية غرضه من دون أن تتوسع دائرة نفس الغرض الواقعي، بأي لسان من الألسنة فان ذلك لا يغير من جوهرها شيئاً فان روحها عبارة عن خطابات تبرزُ بها شدة اهتمام المولى بغرضه الواقعي بدرجة لا يرضى بفواته مع التردد والاشتباه... وهذا يعني أن الخطاب الموسِّع الذي هو الخطاب الظاهري ليس على طبقه غرض في متعلقه، ولكنه مع هذا ليس بمعنى أن المصلحة في نفس جعله كما تقدم في بعض الوجوه السابقة، بل هذه الخطابات خطابات جدية وتحريكات مولوية حقيقية يراد بها التحفظ على الغرض الواقعي المهم في نظر المولى».


[1] () راجع نهاية الأفكار: القسم الأول من الجزء الثالث 68.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo