< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة الأصل فيما لم يعلم اعتباره بالخصوص عدم الحجيّة
 وما يقال هنا كدليل لابن قبه عبارة عن قسمين من المحاذير:
 القسم الأول: وهو ان جعل الحكم الظاهري مخالف لحكم العقل لقبح العقاب بلا بيان، لأن غير العلم (الإمارة) ليست بياناً وان جُعلت له الحجية، وحينئذٍ يكون العقاب في مورد الإمارة، عقاباً بلا بيان، والأحكام العقلية لا تقبل التخصيص( [1] ).
 وقد رُدَّ هذا المحذور بقولهم: ان العقوبة في موارد الحكم الظاهري تكون على مخالفة الحكم الظاهري لا الواقعي، أو بقولهم ان المجعول في الإمارة هو العلمية أو الطريقية، وبذلك يتحقق البيان والعلم.
 ولكن الأولى أن يقال في ردّ المحذور: بان قاعدة قبح العقاب بلا بيان، يراد بها عدم بيان الحكم الواقعي وعدم ثبوت بيان اهتمام المولى به وحينئذٍ يكون دليل حجيّة الإمارة (الظن) كاشفاً عن اهتمام المولى بالحكم الواقعي، وبذلك يرتفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان فلا محذور في جعل الحجية للإمارة.
 القسم الثاني: فهي محاذير ثلاثة:
 أ ـ ان جعل الحجية للإمارة بل مطلق الحكم الظاهري يؤدي إلى محذور مخالفة حكم العقل النظري وهو اجتماع الضدين أو المثلين وهو محال لأن الحكم الظاهري في معرض الخطأ والإصابة، فيكون في مورده حكم واقعي مضاد أو مماثل، فان قلنا كما هو الصحيح بعدم التصويب، فحصل محذور اجتماع الضدين في حالة مخالفة الإمارة للحكم الواقعي أو المثلين في مورد إصابتها.
 ب ـ ان جعل الحجية للإمارة يؤدي إلى مخالفة حكم العقل النظري أيضاً وهو نقض الغرض المولوي من الأحكام الواقعية المجعولة، لأن الإرادة الجديّة بالتعبد بالإمارة (إذا كانت مخالفة للواقع) تؤدي إلى نقض غرض المولى وهو مستحيل الصدور من المولى وذلك: لأن غرض المولى علّة غائية من أيجاد الأحكام من فعل أو ترك، فإذا التفت المولى إلى غرضه الواقعي الذي يفوت بجعل الحكم الظاهري ولم يتحرك إلى ترك هذا الجعل فقد انفك المعلول عن علّته.
 أي ان الأحكام الشرعية معلولة لغرض المولى فإذا كان الحكم الظاهري لا يطابق غرض المولى ويخالف الحكم الواقعي ولم يتحرك المولى لترك جعل الحكم الظاهري فقد صار الحكم الظاهري غير مطابق لغرض المولى أي انفك المعلول عن علّته، وهو محال.
 ج ـ ان جعل الحجيّة للإمارة يؤدي إلى إيقاع المكلّف في مفسدة الحرام وتفويت مصلحة الواجب عليه إذا خالفت الإمارة الواقع المحرّم أو الواجب، وهذا أمر لا يصدر من الحكيم لأنه قبيح لا ينبغي أن يصدر من المولى لمخالفته لحكم العقل العملي. نعم هذا يصدر من المولى غير الحكيم.
 الجواب: أما محذور التضاد والتماثل في الأحكام: فلا أساس له، لأن مسألة التماثل والتضاد هي من أحكام الأمور الوجودية، أما الأحكام الشرعية فليست أموراً وجودية بل هي اعتبارات فلا تأتي مسألة التضاد والتماثل في الأحكام.على أن التعبد بالإمارة غير العلمية ليس حكماً تكليفياً بل هو من سنخ الأحكام الوضعية، لأن المجعول فيه إنّما هو الحجية (المنجزيّة والمعذريّة) كما أفاده صاحب الكفاية، أو ان المجعول هو العلمية ( [2] ) والطريقية كما أفاده الميرزا النائيني، بينما الأحكام الواقعية هي أحكام تكليفية من أمر و نهي، والتنافي يكون بين حكمين تكليفيين مختلفين أو متماثلين لا بين حكم وضعي وحكم تكليفي.
 أقول: ان هذا الجواب لا يدفع المحذور لأنّ المحذور ليس في الصياغة بل في مبادئ الصياغات والاعتبارات من المصالح والمفاسد وما في نفس المولى من الحب والبغض فيبقى في صورة الإصابة يحب شيئين متماثلين وفي صورة الخطأ يحب الضدين.


[1] () هذا الإشكال يأتي على قول المشهور من ثبوت قاعدة قبح العقاب بلا بيان كحكم عقلي. أما بناء على من ينكرها فلا يأتي هذا الإشكال.
[2] () أي الإمارة علم تنزيلي، ومعنى الطريقية هو أن تكون الإمارة قد جعلت طريقاً إلى الواقع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo