< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

32/12/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 قاعدة: حجية الدليل العقلي
 
 وخلاصته ما قيل في القول الاول لإبطال الدليل العقلي هو أن الحكم الشرعي لا يتنجّز ولا يجوز الأخذ به إلا إذا ثبت من طريق الكتاب والسنة.
 والجواب:
 4ـ قد ندّعي أنّ الشارع أمرنا باتّباع الدليل العقلي القطعي الفطري، وهو اتباع البديهيات أو الفطريات التي قياساتها معها، فقد ذكر في كتابه الكريم وحثّنا على الركون إلى العقل مطلقاً في الأمور العقائدية أو غيرها، وحينئذٍ يكون الأخذ بالدليل العقلي على الحكم الشرعي أخذاً بالسماع كما لو أمرنا باتباع القرعة، فإنّ العمل بها يكون عملاً باتّباع الشرع لا خروجاً عنه، فلاحظ.
 ب ـ وقد يقال: بالنسبة لمدركات العقل النظري، ان المدرَكات العقلية النظرية يكثر فيها شيوع الخطأ والاشتباه، فيكون هناك قصور في كاشفيته (إذا استثنينا الرياضيات والهندسة) فلا يحصل يقين من الدليل العقلي. وعليه فتنحصر المعرفة بالدليل الشرعي النقلي في مجال استكشاف الحكم الشرعي.
 والجواب:
  1ـ ان هذا الكلام يصح عندما نقيم استدلالاً يمارسه غيرنا، اما نفس الإنسان المستدِل بالبراهين التي يمارسها فلا يكون فيها هذه النسبة المعلومة من الخطأ في مجموع القضايا البرهانية، لأن الذي يستدلّ بالحكم العقلي القطعي يرى بداهة استدلاله، أو انتهائه إلى البديهي، ويرى صحة استنتاجه من البراهين العقلية القطعية، فهو يرى القطع واليقين من مدركاته العقلية الأوليّة.
 2ـ ان الجزم بعدم إمكان حصول جزم من الدليل العقلي مع كثرة أخطائه هو آية بطلان هذه الدعوى، لأنّه جزم عقلي.وإذا قال أنني لا أجزم بعدم حصول جزم من الدليل العقلي وإنّما أشك في حصول جزم من الدليل العقلي لكثرة الأخطاء فيه.
 فنقول له: أنت وشكك ولكن لا يمكنك منعنا والاعتراض علينا عند الجزم الذي يحصل لدينا من الدليل العقلي.
 نعم يتمكن أن يقول لنا ويسأل فيقول: كيف يحصل لكم جزم من الحكم العقلي مع كثرة الأخطاء فيه؟
 فالجواب: أننا خلقنا هكذا فلا تكون كثرة الأخطاء مانعة من حصول الجزم.
 3ـ ننقض على الإخباريين بقبولهم الحكم العقلي النظري الذي يثبت به أصل حجية الكتاب والسنّة (النبوة) ونفس الكتاب والسنة فان ثبوتهما يكون بالتواتر (او بخبر الواحد وحجيته التواتر والسيرة).
 والتواتر: ليس إلا اجتماع أحاد كثيرة على أمر واحد يحكم العقل النظري (حسب الواقع العملي) باستحالة خطئها.
 وكذا السيرة: لابد من الرجوع في الاستدلال بها ( [1] ) إلى العقل النظري (استحالة وجودها في عصر المعصوم وعدم الردع أن لم تكن مطابقة لرأيه ورأي الإسلام).
 فإذا كان الخطأ في حكم العقل النظري كثيراً فكيف قبل الإخباري بحجيّة هذا الحكم العقلي هنا ولم يقبله في قبال القرآن والسنّة؟
 4ـ والحل للإشكال الذي ذكره الإخباري: نقول: ان العقل البشري وان كان يتورط في أخطاء كثيرة ولكن يوجد قانون يعصمه عن الخطأ إذا التزم به وهو المنطق، فان المنطق يعصم من الخطأ في صورة الدليل (القياس والاستدلال) ويعصم من الخطأ في مواد الأقيسة. لأن مواد الأقيسة هي البديهات الستة (أوليات( [2] )، فطريات، حسيات، تجريبيات، حدسيات، متواترات) أو المنتهية إلى البديهات.
 5ـ وهو حلّ للإشكال أيضاً أو بيان عدم وروده على الأصولي، بأن نقول: ان اليقين الذي يحصل من الدليل العقلي الذي ينفع الأصولي هو الجزم الخالي من أيّ تردد في النفس، بينما إشكال الإخباري ينصبّ على اليقين المنطقي الذي هو عبارة عن المطابقة للواقع فيقول الإشكال: ان القطع الحاصل من الدليل العقلي لا يطابق الواقع كثيراً ويحصل فيه الاشتباه كثيراً، إلا ان هذا لا يزيل اليقين والجزم باصطلاح الأصولي الذي هو حجة وان لم يطابق الواقع.


[1] () فان أحد ركني الاستدلال بالسيرة هو إثبات عدم ردع المعصوم وسكوته عن السيرة المعاصرة له وهذا يقرّب: بأن السيرة إذا لم تكن مرضيّة ولم يردع عنها المعصوم فيكون قد أخلّ (و العياذ بالله) بوظيفته في تبليغ الشريعة، وهذا مستحيل عقلاً.
[2] () الفطريات لا يحتاج الجزم بها إلى أكثر من تصور الطرفين.والأوليات: قضايا قياساتها معها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo