< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قاعدة أصالة الإطلاق

 تقدم أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد مرحلة الإثبات هو تقابل الملكة وعدمها فالتقييد هو الملكة والإطلاق عدمها، أما التقابل بينهما في مرحلة الثبوت (أي في مرحلة عالم اللحاظ) ففيه أقوال ثلاث.

مزيد من الإيضاح: إذا عرض الإطلاق والتقييد على المعاني فهو عالم الثبوت واللحاظ, فإذا لوحظ المعنى مرسلا في مقام التصور كان مطلقاً وإن ذكر المعنى مقيداً كان مقيداً, أما إذا عرض الإطلاق والتقييد على الألفاظ فهو عالم الإثبات والدليل فإن نطق بلفظ لم يقيده كان مطلقا وإن قيده كان مقيداً, وعلى كل حال ففي مرحلة الإثبات أقوال ثلاثة تقدمة الإشارة إليها واختيار القول الثالث: أي التقابل بين الإطلاق والتقييد هو تقابل بين السلب والإيجاب، إذ يكفي في الإطلاق عدم التقييد, فيكون سلبا ولتقييد هو أيجاب التقييد.

الثمرات العملية المترتبة على الأقوال الثلاثة:

 1ـ بناء على القول الثالث لا يوجد شق ثالث في قبال المطلق والمقيد فلا توجد ماهية مهملة, بينما على القولين الآخرين يوجد ماهية مهملة في مرحلة الثبوت, لأن التقابل بينهما هو التضاد أو الملكة وعدمها وعلى كل منهما يمكن أن يرتفعا في أمر ثالث.

 2ـ بناء على القول باستحالة التقييد بما يكون في طول الحكم (القيود الثانوية)، فعلى القول الثالث إذا استحال التقيد تعين الإطلاق «استحال الإيجاب تعين السلب»، وعلى القول الثاني إذا استحال التقييد يستحيل الإطلاق لعدم إمكان التقييد فيستحيل الإطلاق إذ لو كانت الملكة مستحيلة فاستحال عدمها فالإطلاق إنما يكون فيما لو أمكن التقييد فإن لم يمكن التقييد استحال الإطلاق([1] )، ومثال على ذلك: أن تقييد الحكم بالعلم به مستحيل«بان قال ان علمت به فهو واجب»، فيستحيل الإطلاق أيضاً على القول الثاني. وأما على القول الأول فان امتناع أحد المتقابلين لا يمنع من الآخر ولا يوجب ضرورته أيضاً.

أمثلة على المطلق:

 أ ـ ان العَلَم الشخصي (كمحمد) وكذا المعرف بلام العهد (كدخول اللام على عالم معين قد سبق الحديث عنه) لا يسميان مطلقين باعتبار معناهما, إذ لا شيوع ولا إرسال في شخص معين, ولكن يمكن أن نسمي الَعلَم الشخصي مطلقاً باعتبار أحواله المختلفة كما إذا قال لنا: أكرم محمداً, فانه لم يقيّد الحكم بحال من الأحوال، فنعرف أن لفظ محمد يمكن أن يوصف بالإطلاق بلحاظ الأحوال وان لم يكن له شيوع باعتبار معناه الموضوع له،وكذا الحال في لام العهد إذا دخلت على اسم الجنس, فيكون هذا إطلاقا أحواليا لأفراد العام.

 ب ـ إذا ورد عام كأكرم العلماء، فيمكن أن يكون هذا الكلام فيه إطلاق ولكن لا إلى أفراده فان أفراد العلماء لا يمكن أن تسمى مطلقة, لأن الجمع المحلى بالألف واللام يسمى عاماً، أما بالنسبة إلى أحوال الأفراد فلا مضايقة من تسميتها بالمطلق, وبهذا سيكون تعريف المطلق شاملاً للعام باعتبار أحواله لا باعتبار أفراده.

 ج ـ أسماء الأجناس: فإنها موضوعة للماهية المهملة الجامعة بين المطلقة والمقيدة كعنب وعنب أسود، وذلك بشهادة الوجدان القاضي بعدم وجود عناية في موارد استعمال اسم الجنس مع القيد، مع أن اسم الجنس لو كان موضوعاً للماهية المطلقة لكان استعماله في الماهية المقيدة مجازاً.

ولأسم الجنس حالات:

 1ـ أن لا يطرأ عليه شيء من التنوين أو اللام. وهذا صالح للإطلاق والتقييد كلفظ عالم, فقير, عنب، ماء، تفاح... .

 2ـ أن يطرأ على اسم الجنس التنوين كقولنا أكرم عالماً فكأنه قيل أكرم واحدا من العلماء وحينئذ يستحيل في حقه الشمولي,ة لأن الشمولية تستوجب استيعاب تمام الآحاد وهو خلف الوحدة, ولهذا يتبدل الإطلاق من الشمولية إلى البدلية, لأن هذا التنوين (ويسمى تنوين التنكير أو تنوين التمكين «كما عن الشهيد الصدر»).

أقول: إن تنوين التنكير هو ما يفيد الوحدة نحو أعطه درهماً, وتنوين التمكين هو الذي إذا جيء به مع اللفظ يأخذ اللفظ قراره من المحاورة نحو زيدٌ, وتنوين التمكين قد يسد مسد تنوين التنكير, نحو أعطه درهماً فالنسبة بينهما هي لعموم والخصوص من وجه, وعليه فليس شيئا واحدا كما قاله الشهيد الصدر.

 وعلى كل فإن هذا التنوين يدل على الإشارة بالطبيعة إلى فرد لا بعينه[2] , لأن التنوين يرتبط بكيفية إفناء المفهوم في الخارج، وحينئذٍ يكون إيجاد فرد لا بعينه عبارة عن إيجاد فرد واحد على البدل.

 ولكن إذا قيل: لا تشتم مؤمناً، فالتنوين هنا يدل على الاستغراق والشمول, والسر في ذلك: إن هذه الاستغراقية في مقام الامتثال تكون بقانون عقلي يقضي بأن الطبيعة لا تنتفي إلا بانتفاء جميع أفرادها.

[1] () بحوث في علم الأصول 3: 410-411.

[2] لا الفرد المردد حتى يقال إن المردد لا وجود له في الخارج.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo