< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قاعدة: أصالة العموم.

وأما القسم الثاني (الهيئات اللفظية):

أولاً: الجمع المحلّى بـ: (اللام) ـ الجمع المعرّف باللام ـ عند عدم كون (اللام) للعهد:

 فقد قال صاحب (الكفاية) بأنّ دلالة الجمع المعرّف بـ: (اللام) على العموم، فهي مستندة إلى وضعه كذلك لذلك([1] ), فاللام موضوعة للعموم.

 وقال السيد الخميني ما مضمونه: إنّ العموم فيه مستفاد من تعريف الجمع لا من (اللام) وحدها ولا من نفس الجمع؛ ولهذا لا يستفاد العموم ـ الاستيعاب ـ من المفرد المحلّى، و لا من الجمع غير المحلّى كالعلماء فهو جمع ولكن ليس بعموم([2] ), فهو كتعريف صاحب الكفاية إذ إنّ غاية كلا التعريفين شيء واحد.

 وقال السيد الشهيد الصدر: بناءً على تفسير العموم بأنّه استيعاب مفهوم لمفهوم آخر، «فالاستيعاب هنا يمكن أن يستفاد من مجموع دوال ثلاثة:

أحدها: مادة الجمع الدالة على الطبيعة، وهو المفهوم المستوعب, [فكلمة علماء غير موضوعة للعموم لعدم إفادة الجمع العموم في نفسه بل أنّ مادة الجمع أي مفهوم علماء أحد الدوال على العموم].

والثاني: هيئة الجمع الدالة على معنى اسمي ـ فقد تقدم في بحث المشتق كثير من الهيئات الدالة على معانٍ اسمية ـ هو المتعدد من أفراد المادة [العالم] المستوعب لثلاثة [فأكثر]لا بشرط من ناحية الزيادة.

والثالث: هو اللام الدال على أنّ مدلول الجمع الذي هو المفهوم المستوعب [العلماء]يستوعب جميع أفراد المادة؛ لأنّها هي المتعينة من مراتب الجمع [فاللام موضوعة للتعين وعند دخولها على الجمع تفيد تعيين أفراد الطبيعة لا نفس الطبيعة([3] ).

أقول: وعلى جميع هذه الأقوال فيدّعى ـ إثباتاً ـ دلالة (اللام) الداخلة على الجمع على العموم واستيعاب تمام الأفراد، وأنّ هذا العموم منشؤوه الوضع لا مقدمات الحكمة؛ لأنّ مقدمات الحكمة تجري في مورد يكون المدلول الوضعي مبيّناً ويشك في قيد زائد عليه، فعند قوله جئني بماء يكون معنى الماء معلوماً ولكن يشك في أنّه هل أراد ماء بارداً أو دافئاً فتجري مقدمات الحكمة في المقام, أما تعيين مدلول اللفظ فلا تجري فيه مقدمات الحكمة، وكلامنا هنا هو في تعيين مدلول (اللام) الداخلة على الجمع.

أما المفرد المحلّى بـ: (اللام) عند عدم العهد، فيستفاد منه العموم إلاّ أنّه ليس بالوضع، بل بمقدمات الحكمة, فأكرم العالم يستفاد منه العموم لكن بمقدمات الحكمة.

 وبعبارة أخرى: أنّنا نتكلم عن العموم الذي هو استيعاب أفراد الطبيعة وضعاً أما في المفرد المحلّى بـ: (اللام) مثل: (أكرم العلماء)، فإنّ الطبيعة هنا قد لُحظت بنحو الشمولية المقابل للبدلية، وهذا ليس هو العموم المبحوث عنه.

ثانياً: النكرة في سياق النهي والنفي:

 فقد قيل بإفادته العموم بدعوى أنّ انتفاء الطبيعة لا يكون إلاّ بانتفاء جميع أفرادها، فانتفاء الطبيعة في قولك لا رجل في الدار لا يكون إلا بانتفاء جميع أفرادها, بخلاف إيجادها في موارد وقوعها في سياق الإثبات، فعند قولك أكرم رجالاً يستفاد منه إكرام رجل واحد, وهذه قرينة عقلية يستفاد منها العموم([4] ).

ويرد على هذا:

أولاً: النقض بدخول النفي أو النهي على المعرفة كقولنا: (لا تكرم النحوي) فإنّه أيضاً يفيد العموم مثل: (لا تكرم نحوياً) مع إنّه ليس بنكر.

ثانياً: الحلّ: أنّ العموم هنا لم يستفد من النكرة في سياق النفي أو النهي، بل لأنّ الطبيعة وقعت في سياق النهي، وكل طبيعة وقعت في سياق النهي تدل على الزجر عن جميع الأفراد، بخلاف الطبيعة إذا وقعت في مقام الأمر، فإنّه يكتفى فيها بتحقق فرد واحد منها، وهذا لا ربط للعموم في مرحلة الحكم، بل يرتبط بالعموم في مرحلة الامتثال الذي هو عبارة عن تعدد الحكم.

ثالثاً: على أنّ متعلق النفي أو النهي من الطبائع لا ينعدم إلاّ بانعدام جميع الأفراد خارجاً، ولكن هذه الطبيعة المنفية هل هي مطلقة أو مقيّدة؟ فهذا يتكفله الإطلاق ومقدمات الحكمة، فلا ربط له بالشمول الوضعي([5] ), فالكلام في العموم الوضعي لا الإطلاقي.

الرابع: أقسام العموم

 ينقسم العام إلى ثلاثة أقسام باعتبار تعلّق الحكم به, وهي:

أولاً: العموم الاستغراقي: بأن يكون الحكم شاملاً لكل فرد في عرض واحد، فيكون كل فرد وحده موضوعاً للحكم، وحينئذٍ يكون لكل حكم عصيان خاص وامتثال خاص، مثل: (أكرم كل عالم) فإن كان عددهم مائة لزم إكرام المائة جميعاً.

ثانياً: العموم البدلي: بأن يكون الحكم شاملاً لجميع الأفراد على البدل، وهو موضوع الحكم، فإذا امتثل في واحد سقط التكليف، مثل: (اعتق أية رقبة شئت). وهذا العموم بمعنى صلاح كل فرد لأن يكون موضوعاً للحكم، فإنّ كان هذا المعنى مستفاداً من الوضع فهو عموم بدلي.

ثالثاً: العموم المجموعي: بأن يكون الحكم ثابتاً للمجموع بما هو مجموع، فيكون المجموع موضوعاً واحداً كوجوب الإيمان بالأئمة، فلا يتحقق الامتثال إلاّ بالإيمان بالجميع([6] ).

 وهناك تفسيرات لهذه الكيفيات للعموم أصحّها هو أن القسمين الأولين مستفادان من أداة العموم، فالاستغراقية مستفادة من كلمة (كل)، والبدلية مستفادة من (أي)، وأما العموم المجموعي فهو خارج عن العموم واقعاً، وتابع لكيفية تعلق الحكم بموضوعه على أنّه حكم واحد لا أكثر([7] )، كما في مثال: (ارفعوا هذا الحجر) إذا كان الحجر لا يمكن رفعه إلاّ بعشرة أشخاص وكان الخطاب متوجهاً إليهم، فهو حكم واحد لا أكثر، فيكون خارجاً عن العموم, لكون البحث في العموم عن أحكام متعددة لا حكم واحد.

[1] () راجع: الكفاية : 245، فـ: (اللام) الداخلة على الجمع موضوعة للعموم، بخلاف الداخلة على المفرد.

[2] () مناهج الوصول 2: 238, ونصّ عبارته: «نعمو الجمع المحلى باللام يفيد العموم، و ليس الدال عليه هو اللام و لا نفس الجمع، و لذا لا يستفاد ذلك من المفرد المحلى و الجمع غير المحلى بل انما يستفاد من تعريف الجمع‌».

[3] () بحوث في علم الأصول 3: 240.

[4] () راجع: كفاية الأصول: 217.

[5] () راجع: بحوث في علم الأصول 3: 258.

[6] () راجع: أصول الفقه (المظفر) 1-2 : 139-140.

[7] () راجع للتفصيل: بحوث في علم الأصول : 3: 224.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo