< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الترتب.

كان الكلام في مسألة الترتب، وانتهينا الى جوازه، وذكرنا التطبيقات المذكوره في كتب الفقة وانتهينا الى الاستثنائات وذكرنا استثنائاً واحدا وهو اذا كان عليه صوم واجب وتركه وجاء بصوم مستحب فعلى مبنى الترتب يكون عاصيا بتركه للواجب ولكن الصوم المستحب صحيح، لكن الروايات الواردة في خصوص هذا المورد تقول ان هذا الصوم المستحب باطل، هذا بالنسبة للاستثناء الاول، وقد تقدم بيانه في الدرس السابق.

الثاني: وقد ذكره السيد الخوئي في كتاب الحج من الفقه ولم يذكره في موسوعته الاصولية، فقال نخص الترتب بالأحكام التكليفية، ولا يجري في الأحكام الوضعية، ومن الاحكام الوضعية هذا المثال: اذا كان الانسان عليه حج واجب وآجر نفسه للحج في نفس سنة الحج الواجب الفوري، فهنا يكون مامور بامرين، الاول هو حج عن نفسك حجة الاسلام، والامر الثاني يحج عن الغير، مع انه لايتمكن من ان ياتي بالحجتين في سنة واحدة فعلى مبنى الترتب يقولون ان عصى الحج المتوجه اليه فله ان يحج عن الغير، السيد الخوئي يدعي ان هذا الترتب لا ياتي في هذه المسالة ، يقول في كتابه الحج: فاذا زاحم الوفاء بالعقد واجب آخر أهم كالحج عن نفسه، فاما ان يحكم بصحة العقد مطلقاً او يحكم بصحة العقد على تقدير عصيان الأهم، ولا سبيل الى الاول فانه من التكليف بالضدين، واما الثاني فهو وان كان ممكنا الاّ انه لا دليل عليه، ضرورة ان ادلة صحة العقود لم تكن تأسسية ابتدائية وانما هي امضاء لما ينشأه المتعاقدان، ومن الواضح ان المنشأ انما هو العقد بقول مطلق لا معلقا عى تقدير وهو العصيان، وقد عرفت عدم قبوله للصحة فما هو قابل للامضاء لم يكن منشأً بين المتعاقدين وما هو المنشأ غير قابل للامضاء، ولو فرضنا احيانا ان الانشاء من الاول كان مقيداً ومعلقا على العصيان، فآجرت المرأة نفسها للارضاع معلقاً على مخالفة الزوج بطل أيضا، لكونه من التعليق في العقود المبطل لها بلا كلام، ففي مثالنا الاول وهو اذا آجر الانسان نفسه معلقا على عصيانه لحجه الواجب يكون عقد الايجار باطلا للتعليق، فلا يقاس الوضع بالتكليف كي يجري الترتب فيه بمقتضى القاعدة، فالترتب يجري في الاحكام التكليفية وهنا لا يوجد حكمان تكليفيان بل هنا حكم تكليفي واحد وهو حج عن نفسك ولا يوجد حكم تكليفي اخر (اوفو بالعقود) يدل على الصحة واللزوم كما قال الشيخ الانصاري، فلا يقاس الوضع بالتكليف كي يجري الترتب فيه بمقتضى القاعدة، بل كل عقد أو ايقاع كان الوفاء به مزاحما لواجب اخر حكم ببطلانه مالم يقم دليل أخر على صحته، ثم يقول: اذا فما ذكره المشهور من بطلان اجارة المزوجة على الارضاع لدى المنافاة عن حق الزوج ما لم ياذن الزوج هو الصحيح الذي لا ينبغي التردد فيه، وهذا غير مذكور في كتبه الاصولية.

هنا توجد ملاحظات على هذا الكلام

أولاً: قد يقال ان السيد الخوئي ذكر مثال الحج كتطبيق للترتب ، اي ان لم تحج عن نفسك فحج عن الغير لانه قد ذكر مثال الحج عن الغير ان عصى حجة الاسلام وقد ذكره كمثالا للترتب، فكيف يذكره هنا كاستثناء من الترتب؟

الاّ ان هذا الاشكال على السيد الخوئي غير صحيح لانه يوجد هنا موضوعان، فيوجد (حج عن نفسك) وهو الحج الواجب، وعندنا (يجب عليك العمل بعقد الاجارة) فهنا عقد الاجارة صحيح ولازم، فهنا السيد الخوئي لا يقبل الترتب، ولكنه قال بالترتب في مسالة وجوب حجة الاسلام فان عصيت فيصح الحج عن الغير الذي فيه امر استحبابي، فهو قال اذا لم يحج عن نفسه وعصى فيصح ان يحج عن الغير امتثالا للامر الاستحبابي، ولكنه لا يقبل الترتب في مورد بقاء الاجارة فلو حج عن الغير فانه لايستحق المسمى، فالترتب لايصح بين حج عن نفسك وحج عن غيرك حجة نيابية، فهنا يوجد تكليف ويوجد وضع فالحج صحيح للاوامر التكليفية ولكن لااستحقاق للمسمى، فهنا تثبت اجرة المثل، فكلام السيد الخوئي في نطاق ضيق، فالترتب يجري في صحة الحج عن الغير لانه امر استحبابي تكليفي، ولكن الحج عن الغير استنادا الى عقد الاجارة لا يصح لان عقد الاجارة هو حكم وضعي، فهذ النقض على السيد الخوئي غير وارد.

نحن نقول ان عقد الاجارة الذي عقده مطلق، فيقول اتي بحجة عن الغير في هذه السنه بدون تقييده بعصيانه لحجة الاسلام ، فنقول بصحة عقد الاجارة لاننا نقول بصحة العقد مطلقا، لان مفاد ( اوفوا بالعقود) هو الصحة واللزوم، والمناقشة للسيد الخوئي بناء على ماذهب اليه السيد الخوئي من (اوفوا بالعقود) الوارد في القران يدل على الصحة واللزوم كالشيخ الانصاري والمشهور، ونقول ان عقد الاجارة هو مطلق فيدل على الصحة واللزوم وهما حكمان وضعيان كما قاله الشيخ الانصاري، وان الصحة واللزوم لا يتنافيان مع وجوب الضد، وهو حج عن نفسك حجة الاسلام لانك مستطيع اي لا تعارض بينهما، فيتوجه اليّ حج عن نفسك حجة الاسلام ويتوجة اليّ وكذا يصح حجك عن الغير نيابة باجارة والعقد لازم ولاتعارض بينهما ولكن لا يمكن الجمع بينهما في عام واحد، فلا يمكن ان يكون المطلوب هو الجمع بينهما، فيتقدم الأهم لانه تزاحم وليس تعارض والأهم هنا هو الحج عن نفسه ولكن اذا عصى الحج عن نفسه فيصير الآخر فعليا وهو الحج النيابي المستاجر عليه وان كان مطلقا، فالترتب ياتي في الحكمين المطلقين وهنا الحكم الاول الذي هو حج عن نفسك هو مطلق اي سواء آجرت نفسك او لا، والثاني حج عن الغير نيابة ايضا مطلق اي سواء عصيت او لم تعصي ولكن اذا عصى الحج عن نفسه فيصير الآخر فعليا، لانه هنا يوجد حكم تكليفي رغم اننا قبلنا قول المشهور بأن (اوفوا بالعقود) تدل على اللزوم والصحة، لكن مايترتب على ملكية المستاجر لعملي هو وجوب الاداء وتسليم العمل للغير فـ (اوفوا بالعقود) دلت على الصحة واللزوم، لكن مايترتب على الصحة وهو ملكية المستأجر لعملي، للاتيان بالحج عن ابيه، فالملكية التي هي حكم وضعي يترتب عليها حكم تكليفي وهو وجوب الأداء والتسليم، وهذا يكون مزاحما لحجة الاسلام وهو حكم تكليفي، فنحن وافقنا القوم بان (اوفوا بالعقود) تدل على الصحة واللزوم وهما حكمان وضعيان، فملك المستاجر عليّ العمل وهو حكم وضعي، ولكن الذي يترتب على هذا الحكم التكليفي وجوب تسليم العمل للمستاجر فهذا حكم تكليفي، وهذا يكون مزاحما للواجب الاول(حج عن نفسك) فصارت عندنا احكام تكليفية فنطبق الترتب، فالسيد الخوئي عندما قال ان (اوفوا بالعقود) تدل على اللزوم و الصحة والترتب يجري في الاحكام التكليفية فهنا أيضا توجد احكام تكليفية رغم اننا قبلنا ان (اوفوا بالعقود) تدل على الصحة واللزوم فانما يترتب على الصحة واللزوم وملكية المستاجر للعمل يترتب وجوب التسليم وهذا حكم تكليفي وهذا يعارض (حج عن نفسك) فاذا عصيت (حج عن نفسك) وهو الأهم، فلابد من تسليم العمل المستاجر عليه فاصبح الترتب تابعاً للقاعدة.

ثانياً: نقول ان عقد الايجار مشروط وليس مطلق، فنقول ان عقد الايجار مشروط بعصيان الحج عن نفسه، او المرأة التي آجرت نفسها للارضاع فان عقد الايجار مشروط بعصيان الزوج في استمتاعاته، السيد لخوئي يقول ان هذا خلا ف مقام الاثبات، اي ان المتعاقدين ام ينشئا العقد مقيدا بعصيان المرأة للزوج في استمتاعاته فان العقد لم يقع بهذه الصورة بحيث ان عقد الايجار للارضاع مقيد، نحن نقول ان العقد في الخارج يكون مقيدا ومع هذا يشمله (أوفوا بالعقود)، فالمتعاقدان لم ينشئا العقد على صورة عصيان المرأة لاستمتاعات الزوج، ولكن (أوفوا بالعقود) يشمل صورة ما اذا كان العقد مطلق ولكن المرأة عصت الزوج في استمتاعاته (أوفوا بالعقود) يشمل لهذه الحالة وان لم يكن العقد حينما انشأ مقيدا بهذه الصورة، فان العقد وان كان قد انشأ مطلقا لا معلقا على عصيان الزوج ولا مشروطا بعصيان الزوج، بل لا وجود للعقد القائم على عصيان الزوج، ولكن حالة عصيان المرأة للزوج في استمتاعاته (اوفوا بالعقود) يقول ايتها المرأة في بهذا العقد الذي انشأ مطلقا، فأن للعقد حالات متعددة، مثلاً لوبعتُ بيتي فان اوفوا بالعقود يقول في بالعقد صحيحا كنت او مريضا او في السفر او في الحرم، فهذه حالات للاطلاق فوجد العقد مطلقا لكن حينما تعصي الزوج فهذه حالة من الحالات فاوفوا بالعقود يشمل هذه الحالة كما يشمل غيرها فان حالات الوفاء بالعقد متعددة ومنها عصيان المرأة لزوجها فـ (اوفوا بالعقود) يشمل لهذه الحالة وهذا ليس تعليق للعقد بل هو تقيد للعقد كتقيد صحة عقد الفضولي باجازة المالك فهذا ليس تعليق، وهنا نقول ان المرضعة التي آجرت نفسها للارضاع يصح عقدها لو عصت الزوح في استمتاعاتة، كما نقول ان عقد الفضولي يصح مع الاجازة، وكذا نقول يصح عقد الصرف وعقد السلم اذا قُبض الثمن في عقد السلم وللثمن والمثمن في الصرف فهذا ليس تقيد بل هو حالة، فيصح عقد الاجارة على تقدير عصيان الاهم وهو استمتاعات الزوج.

ثالثاً: نحن لانقبل الشيئ المتعارف الذي قاله الشيخ الانصاري، ودرج عليه مشهور علماء الامامية من ان (اوفوا بالعقود) يدل على الحكم الوضعي، بل بالعكس، نقول: ان أوفوا بالعقود يدل على الحكم التكليفي فيجب عليك ان تفي بالعقد، ويتفرع على الحكم التكليفي الصحة واللزوم، اي عكس ما قاله المشهور، فالمشهور قال ان (اوفوا بالعقود) تدل على الصحة واللزوم، ثم يتفرع على الصحة واللزوم وجوب التكليف ولكننا نقول بالعكس تماما فأن (اوفوا) امر والامر ظاهره التكليف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo