< قائمة الدروس

درس الاصول الاستاذ حسن الجواهري

جلسه 22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قاعدة الترتب.

قلنا ان الادلة التي ذكرت على امكان الترتب لاتكفي مالم تدفع الاشكالات التي سجلت على امكان الترتب، فأن هذه الاشكالات لو لم تدفع تنبهنا على وجود خلل في الادلة التي دلت على امكان الترتب.

اشكال الترتب

أول اشكال سجل على امكان الترتب هو حصول عقابين على فعل واحد فان الوقت لايكفي لانقاذ الغريق والصلاة وانما يكفي لفعل واحد، بينما على نظرية امكان الترتب ينبغي ان يعاقب هذا الانسان الذي ليست له الاّ قدرة على فعل واحد فيعاقب بعقابين ويكون العقاب الثاني على شيئ غير اختياري وهو قبيح.

جواب النائيني(قده)

قال الشيخ النائيني في الجواب ان هذا لاقبح فيه وهو على القاعدة لأن المكلف قادر على الجمع في العصيان بترك الاهم الذي توجه التكليف له وبترك المهم الذي توجه التكليف له، والعبرة باستحقاق العقاب هو ملاحظة كل خطاب بالنسبة الى كل مكلف في حد نفسه وقدرته عليه، فالخطاب الأهم توجه الى المكلف، فتركه يوجب العقاب وتوجه اليه خطاب آخر وهو صلي ان لم تنقذ وتركه مع قدرته فيستحق عقاب آخر، وهذا لاقبح فيه لأن ميزان العقاب هو ملاحظة التكليف بالنسبة الى المكلف وقدرته عليه فالتكليفان متوجهان الى المكلف ومع ذلك فقد تركهما فيستحق عقابين، وقد شبّه الشيخ النائيني ما نحن فيه بالواجب الكفائي كدفن الميت فاذا لم يدفن الميت وكان خمسه اشخاص فكلهم يستحقون العقاب فالعاصي للواجب الكفائي الذي هو أكثر من واحد يحصلون على عقابات متعددة وشبّه هذا المورد بتعاقب الأيادي على مال الغير، مع ان الواجب الكفائي والأمر بأرجاع المال الى صاحبه ليس له الاّ امتثال واحد، لكن صدور الفعل من الكل مقدور، اذاً يستحق كل واحد العقاب في تعاقب الأيدي، فالأول والثاني والثالث قادرون على ارجاع المال ولم يفعل كل واحد منهم، وكذا في الواجب الكفائي فيستحقون عقابات متعددة.

نحن نقول

ان مانحن فيه غير هذين المثالين الذين شبههما بما نحن فيه، فتشبيه الشيخ النائيني مقامنا بالواجب الكفائي وتشبيهه بتعاقب الايادي على مال الغير غير صحيح، لانه في الواجب الكفائي وفي تعاقب الايدي على مال الغير توجد قدرات متعددة بقدر المكلفين، أو بقدر من وضَع يده على المال، ولكن إعمال قدراتهم مشروط بعدم المزاحم الخارجي، فاعمال قدرة الأول مشروط بعدم المزاحم الخارجي، ومن المزاحم الخارجي سبق الغير الى الامتثال في الواجب الكفائي، أو ارجاع مال الغير الى صاحبه ، بينما في مثالنا من ترك الاهم والمهم لا توجد الاّ قدرة على واحد من الفعلين، أي القدرة موجوده على الجامع فالأمثلة التي ذكرها النائيني تختلف.

نعم يمكن ان نوجد نحن مثالاً شبيه بما نحن فيه، وهو اذا كلّف زيد بضدين في زمانين، مثلاً اذا كلّف رجل كبير لا يتمكن من زيارة الامام الحسين (عليه السلام) صباحاً ومساءً لو كلّف بالزيارة صباحا وكلّف بالزيارة مساءً، فالتكليف موجود ولكنه لايمكنه الجمع، فهنا يأتي الترتب وهو اذهب للزيارة صباحاً فان لم تتمكن فاذهب مساءً لأن العملين بينهما تزاحم، فالتكليف بالزيارة مساء على تقدير عدم الزيارة صباحا، وهذا التكليف جائز حتى عند عدم القائل بالترتب، اذ لا يكون جمع بين الضدين في زمان واحد، اذاً لاتمانع بينهما اذ التكليف في كل واحد منهما في زمان غير الآخر، فلو ترك المكلف الزيارة صباحا ومساء فيأتي الكلام باستحقاق العقابين، ويأتي جواب الميرزا النائيني، فالى الآن نحن ناقشنا الشيخ النائيني بتشبيه مقامنا بالواجب الكفائي وتعاقب الأيادي، لانه قدرات متعددة ومقامنا قدرة واحدة، والمثال الصحيح في مثال الزياره صباحا ومساء مع التمكن من الاتيان بزيارة واحدة .

و جواب الاشكال

هنا نقول هل جواب النائيني صحيح أم لا، أما أصل الاشكال على امكان الترتب فهو مبني على توهم، وهو ان تعدد العقاب على عدم الجمع بين الضدين، فلماذا لم تجمع بين الضدين فعليك عقابان، فأصل الاشكال مبتني على توهم ان تعدد العقاب هو على عدم الجمع بين الضدين، والجمع بين الضدين غير مقدور فتعدد العقاب ليس بصحيح، وجواب النائيني يقول ان تعدد العقاب للجمع بين المعصيتين، وهو ترك الأهم والمهم ، اذاً اصل الاشكال هو توهم وجواب النائيني قال ان هذا جمع بين المعصيتين فحلّ الاشكال وذلك لانه يمكنه ان يأتي بأحدهما فلماذا جمع بين المعصيتين فانه يتمكن من ان لا يجمع بين المعصيتين.

ونحن الان نرجع ونرى ماهو ميزان صحة العقاب، فهل هو ماذكره النائيني يعني ان الميزان في صحة العقاب هو النظر الى كل مكلف حسب قدرته، فان كان ميزان العقاب هو هذا فكلام النائيني صحيح

ولكن نقول: ان ماذكره النائيني هو ميزان صحة التكليف لا العقاب، فالتكليف لايتوجه الى الانسان الا اذا كان قادراً على العمل وما ذكره النائيني هو ميزان صحة التكليف، اما ميزان صحة العقاب فهو ان يكون الانسان متمكنا من التخلص من المعصية ولم يتخلص منها فهذا ميزان العقاب، ففي مقامنا (الأمر بانقاذ الغريق اولاً فان لم تنقذ فصلي الظهر والعصر) لا يمكن للمكلف لو ترك الفعلين الا التخلص من معصية واحدة، فلو ترك الاهم والمهم فلايمكنه الا التخلص من معصية واحدة فيمكنه ان يعمل الاهم او يمكنه ان يعمل المهم فيمكنه ان يتخلص من معصية واحده فقدرته تخلّصه من معصية واحدة ولم يفعل فهو لا يستحق الاّ عقاب وآحد، وهذا موافق للوجدان فهل يمكن هذا الانسان ان يتخلص من معصيتين ولم يفعل مع ان الوقت كافي لمعصية واحدة، فان لم يفعل الاهم وهو مخاطب به وفعل المهم المشروط فهو قادر على التخلص من معصية مخالفة الأهم فانه اذا ترك الاهم فهو قادر على التخلص، فاذا ترك الانقاذ واشتغل بالصلاة قيعاقب عقاب وآحد، فيكون معاقب بعقاب واحد، وان لم يفعل الأهم ولا المهم وهو مخاطب بالأول بصورة مطلقة ومخاطب بالثاني اي بالصلاة مشروطاً بترك الأول فهو أيضاً قادر على التخلص من معصية وآحدة، لأن الزمان كافي لفعل واحد فهو معاقب بعقاب واحد فليكن على ترك الأهم، واذا ترك الزيارة صباحاً وتركها مساءً فياتي الاشكال بانه معاقب بعقابين لانه مخاطب بخطابين وقادر على الاول والثاني.

النائيني قال نعم هو يعاقب بعقابين، قلنا له القدرة على الفعل دخيلة في توجه الخطاب وصحة الخطاب وليست دخيلة في العقاب، فالدخالة في العقاب ان يكون متمكنا من التخلص من المعصية ولم يفعل، وفي تركه للزيارة صباحا ومساءً هو قادر على فعل واحد، فهو متمكن من التخلص من معصية واحدة ولم يفعل، فلو تركهما معاً يعاقب بعقاب واحد لأن قدرته على التخلص من معصية واحدة ولم يفعل، مع ان التكليف بالزيارتين في زمانين موجود لأن القدرة موجودة على الاول والثاني، الاّ ان هذا دخيل في صحة الخطاب والتكليف.

وكذا الكلام في الترتب من الجانبين فيصح التكليفان، كأن تقول: اذهب الى الام ان لم تذهب الى الأب ،واذهب الى الأب ان لم تذهب الى الام فهنا صح التكليفان لأنه قادر على الذهاب الى الأب اذا ترك الذهاب الى الام وقادر على الذهاب الى الام اذا ترك الذهاب الى الاب، اذاً صح التكليفان في الترتب من الجانبين حتى عند من يقول باستحالة الترتب من جانب واحد، فالتكليفان متوجهان لان القدرة هي سبب توجه التكليف وهذا قادر على الاول وقادر على الثاني لو ترك الاول، الاّ انه غير قادر على كلا المعصيتين بل قادر على الخلاص من معصية واحدة، لأن الزمان الواحد اذا كان لايمكن ان يقع فيه الاّ فعل واحد وقد تركت كلا الفعلين فانا قادر على التخلص من معصية واحدة ولم افعل فليس الاّ عقاب واحد.

فالجواب على الاشكال ان هذا الاشكال غير وارد لأن ميزان العقاب غير موجود على نحو التعدد، نعم ميزان العقاب موجود لفعل واحد، لأن التمكن من التخلص من المعصية واحد ولم افعل .

اشكال آخر

هناك اشكال آخر على فكرة الترتب لابد من التخلص منه، وملخص الاشكال اننا اذا اثبتنا امكان الترتب ثبوتاً أي الترتب ممكن ثبوتا ولكن لا دليل عليه اثباتا، لان دليل الصلاة المزاحمة مع الانقاذ او الصلاة المزاحمة مع ازالة النجاسة عن المسجد باعتبار ان ازالة لنجاسة واجبة فوراً والصلاة موسعة، فيكون ازالة النجاسة أهم من الصلاة لانها فورية والصلاة موسعة والواجب الفوري مقدم على الموسع، فدليل الصلاة المزاحمة مع الازالة دلّ على وجوب الصلاة، وقد فرغنا عن استحالة هذا الوجوب بعد ثبوت الأمر بالأهم وهو الازالة، فدليل الصلاة زاحم دليل الإزالة، فقدمنا دليل الازالة فدليل الصلاة الآن غير متوجه بعد ثبوت الأمر بالازالة، وحينئذ فوجوب الصلاة المشروط بعدم الازالة لا دليل عليه حتى يكون الترتب ممكناً اثباتاً، اي في مرحلة الادلة، ولابد من الإجابة عن هذا الاشكال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo