< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ ترتب حكم الخمس على العلقة النسبية / قسمة الخمس /كتاب الخمس

اذن يوجد فرق بين الارث والنكاح والوقف وامثالها وبين باب الخمس، ففي الأوّل تترتّب الاحكام على عنوانالابن والولد، فيقال هذا ابن فلان وابن فلانة لأنه تولّد منهما، واما في الثاني وهو باب الخمس فقد ترتبت الاحكام على النسب، فمن كان عنوانه هاشمياً هو المستحق للخمس وهذا يصدق على من كان ابوه هاشمياً، امّا لو كانت أُمّه هاشمية دون ابيه فهو ولد للهاشمية الاّ انه ليس هاشمياً وليس من قبيلة بني هاشم وان كان هو ابن لهاشم من ناحية التكوين والتولّد.

ولذا فقد ذكر صاحب الجواهر[1] (واوضحه الشيخ الانصاري)[2] : ان ولد الولد وولد البنت ولد، هو تام ويستحق كلاهما الخمس لو اخذ في موضوع الخمس عنوان الولد أو الابن، ولكن الامر ليس كذلك حيث أُخذ في استحقاق الخمس عنوان الهاشمي (بني هاشم) فالأدلّة حرّمت الزكاة على بني هاشم وعوّضت الخمس لهم، قال الامام الصادق عليه السلام في صحيحة عبد الله بن سنان: لا تحلّ الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم[3] .

وصحيح العيص بن القاسم عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ان اناساً من بني هاشم اتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسألوه ان يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله عزّ وجلّ للعاملين عليها، فنحن اولى به.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني عبد المطلب (هاشم) ان الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم، ولكنّي قد وعدت الشفاعة (الى ان قال) أتروني مؤثراً عليكم غيركم؟[4] .

وصحيحة محمد بن مسلم وابي بصير وزرارة كلّهم عن ابي جعفر وابي عبدالله (عليهما السلام) قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ان الصدقة اوساخ أيدي الناس وان الله قد حرّم عليّ منها ومن غيرها ما قد حرّمه وان الصدقة لا تحلّ لبني عبد المطلّب[5] .

وصحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبدالله عليه السلام قال: لا تحلّ الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم[6] .

فاذا اضفنا الى هذه الروايات الأدلّة القائلة بأن نصف الخمس هو عوض الزكاة لمن حُرم من الزكاة وهو فقير، وهو الهاشمي (بني هاشم) فسيكون حقّ السادات الذي هو نصف الخمس الى الهاشميين (بني هاشم). وبالملازمة بين عدم حليّة الزكاة وحلّية الخمس يثبت المطلوب.

 

وفي صحيحة زرارة عن ابي عبدالله عليه السلام قال: لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطّلبي الى الصدقة[7] .

اقول: هذا مما اعرض عنه المشهور وهو موافق للعامة والرشد في خلافهم اي ان الخمس لا يشمل المطّلبي.

ولكن ورد فيها عنوان الهاشمي وهو مثل عنوان بني هاشم يعبّر بهما عن الطوائف والقبائل كالتميمي (بني تميم) وهذا يصدق على من انتسب الى تميم وبنو هاشم هم ما انتسبوا الى هاشم بالأب فقط فلا يقال تميمي لمن امّه تميمية وابوه غير تميمي ولا يقال عربي لمن امه عربية وابوه غير عربي فلاحظ.

ويؤيد ما تقدّم أو يدلّ عليه، مرسلة حّماد عن العبد الصالح عليه السلام: قال: من كانت امّه من بني هاشم وابوه من سائر قريش، فان الصدقات تحلّ لهم وليس له من الخمس شيء، لأن الله تعالى يقول: «ادعوهم لآبائهم»[8] [9] .

قد يقال: ان قوله تعالى: «ادعوهم لآبائهم» يراد بها النفي عن دعوة مَن يُتبنّى بأنه ابن، بل ابوه هو الأب الذي ولده وليس الاب الذي تبناه وربّاه، وهذا لا ربط له بعدم دعوتهم لأُمهاتهم.

فيقال: ان المراد بالرواية هو ان الخمس للهاشميين وهم قبيلة متميّزة عن القبائل الاخرى بالانتساب الى الآباء الهاشميين، بقوله تعالى: «ادعوهم لآبائهم» هو علّة لعدم اعطاء من كانت امّه هاشمية فقط.

ثم ان الرواية المتقدّمة وان كانت مرسلة الاّ ان السيد الحكيم قدس سره يقول: لقد عوّل عليها كافة الأصحاب الاّ السيد المرتضى فهي حجّة، للجبر بالعمل[10] .

اقول:

اولاً: قد يقال: ان عمل الاصحاب قد لا يكون مستنداً لهذه الرواية الضعيفة بل لأجل الروايات القائلة: بأن الهاشمي لا يستحق من الزكاة شيئاً باضافة ان الله قد جعل الخمس عوضاً لهم عن الزكاة التي لغيرهم. وحينئذٍ لا تنجبر لأن الاصحاب لم يعلم استنادهم في الفتوى اليها فلاحظ.

ثانياً: نعم ان حماد من اصحاب الاجماع فهي معتبرة بناءًا على صحّة ما صحّ عن اصحاب الاجماع.

ثم قال صاحب الجواهر قدس سره ما معناه: لو كان الهاشمي يصدق على ابن البنت لزم ان يكون مَن أمّه من بني هاشم وابو تميمي مستحقاً للخمس وللزكاة لأنّ النسبة من طرف الأب أقوى منها من طرف الام كما لا يخفى[11] .

اقول: ولعلّ هذا لا يلتزم به احد.

ولنا ان نقول: ان لازم من كانت أُمّه هاشمية ان يكون هاشمياً ولو لم يكن ابوه هاشمياً هو أنّ من كانت أمّه

هاشمية في المرتبة العاشرة هاشمية ان يستحق من الخمس ويحرم عليه الزكاة وعلى هذا يكون اكثر الناس مستحقين ولا فرق بين ان يكون علوياً، أو عقيلياً أو عباسيّاً وينبغي تقديم الأتم علقة بالنبي (صلى الله عليه وآله) على غيره أو توفيره كالفاطميين (1).للخمس دون الزكاة وهذا لا يلتزم به السيد المرتضى وصاحب الحدائق قدس الله سرهما.1)نعم هناك نصوص كثيرة دالّة على ان المستحقّ للخمس هو مطلق الهاشمي من غير تقييد بالعلوي، وحينئذٍ يعمُّ العباسي الذي ينتسب الى العباس بن عبد المطلب، وكذلك يعمّ العقيلي وهو المنتسب الى عقيل اخي علي عليه السلام الذي هو من ولد عبد المطلب هذا وقد صرّحت صحيحة عبد الله بن سنان بعدم حليّة الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم مع ضميمة ما هو المسلّم «نصّاً وفتوى» من بدليّة الخمس عن الزكاة وانّ من حرمت عليه الزكاة حلّ له الخمس.

نعم هناك نصوص: حصرت المستحق للخمس بآل محمد واهل بيته (أو فاطمة وذريتها) عليهم السلام وهذا يعني ان الخمس هو لقسم قليل من الهاشميين وهم ما صدق عليهم ذريّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) الذين هم ذريّة فاطمة عليها السلام.

وهذه الروايات ان تمّت سنداً فهي محمولة على نوع من التغليب باعتبارهم هم السبب في تشريع الخمس لكل العشيرة المنتسبة الى هاشم، فانه تكريم لهم، فحرّمت الزكاة على اقربائهم، أو لأجل الاهتمام بشأن محمد وآل محمد، فمن الروايات ما رواه عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن حّماد بن عيسى عن ابراهيم بن عثمان «ابو ايوب الخزّاز الثقة الجليل» عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب امير المؤمنين عليه السلام.... الى ان قال «ولم يجعل لنا سهم الصدقة [12] نصيباً، اكرم الله رسوله واكرمنا اهل البيت ان يطعمنا من اوساخ الناس.

وهذا الرواية قاصرة الدلالة، حيث لا منافاة بين تحريم الصدقة عليهم تكريماً لهم عليهم السلام وبين تحريمها على غيرهم من سائر بني هاشم، لاقتضاء تكريمهم عموم التحريم لأقربائهم.

وقد قالوا: بأن سندها فيه اشكال ايضاً حيث ان ابراهيم بن عثمان لم يدرك سليماً الذي بقي الى زمان الامام الباقر عليه السلام وتوفي في زمانه، وامّا ابراهيم بن عثمان فهو من اصحاب الصادق عليه السلام ولم يدرك الامام الباقر عليه السلام، اذن تكون واسطة بين ابراهيم وسليم وهي غير معروفة.

اقول: يمكن ان ينقل ابراهيم عمن توفّي في زمان الامام الباقر عليه السلام ولا يتوفق للنقل عن الامام الباقر عليه السلام فلا يُحسب من اصحاب الامام الباقر عليه السلام، اذن اصل الاستبعاد لا يبلغ حدّ القطع أو الاطمئنان، فتكون الرواية صحيحة السند الاّ انها قاصرة الدلالة كما قلنا.

 


[1] جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي 424 بتصرف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo