< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع / ادلّة كون الخمس يتعلّق بالعين بنحو الشركة المالية / خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

اقول: نعم ان الادلة قالت: «الخمس في العين» ولكن المراد «عين المالية»[1] وليس العين الحقيقية بحيث تكون الشركة حقيقية في العين على نحو الاشاعة، وليس تعلّق الخمس في العين على نحو الكلي في المعيّن وذلك:

اولاً: لأن وجوب الخمس على المال والربح والفائدة والمغنم وهذه متقومّة بماليتها لا بخصوصياتها العينية من كونها داراً أو ثوباً، فالخمس للربح بما هو ربح لا بما هو عين. اذن الثابت هو الشركة في الماليّة لا اكثر.

ثانياً: ان تصرف اصحاب الفوائد والارباح بالفوائد العينية[2] وتغييرها الى اثمان في الحول قد دلّ عليه النصوص منها.

1ـ خبر الازدي قال: وجد رجل ركازاً على عهد امير المؤمنين عليه السلام فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة مُتبع، فلامته أُمّي فقال عليه السلام لصاحب الركاز: أدِّ خمس ما اخذت فان الخمس عليك، فانك أنت الذي وجدت الركاز وليس على الآخر شيء انما أخذ ثمن غنمه[3] .

2ـ ومنها مصحّح الرّيان بن الصلت قال: كتبتُ الى ابي محمد عليه السلام: ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى ارض في قطيعة لي، وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب يجب عليك فيه الخمس ان شاء الله[4] .

3ـ ومنها خبر ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال كتبت اليه..... وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال، انما يبيع منه الشيء بمائة درهم أو خمسين درهماً هل عليه الخمس؟ فكتب امّا ما اكل فلا، وامّا البيع فنعم هو كسائر الضياع[5] .

4ـ ومنها معتبرة مسمع بن عبد الملك قال: قلت لابي عبد لله عليه السلام: اني كنت ولِّيت الغوص فاصبتُ اربعمائة الف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين الف درهم وكرهت ان أحبسها عنك واعرضُ لها وهي حقُّك الذي

جعل الله تعالى في اموالنا....[6] .

فانها ظاهرة في جواز تبديل العين (المتعلقة للخمس المخرجة بالغوص) بالثمن وتقرير الامام ذلك وهذه الروايات الاربعة بأجمعها يفهم منها: ان الخمس قد تعلّق بالعين على نحو الشركة في المالية لا الشركة الحقيقية. وقد التزم بهذا المحقق النائيني قدس سره ونحن تبعاً لهذه الأدلّة نقول: بأنّ الخمس قد تعلّق بالعين على نحو الشركة في المالية.

وامّا اذا قلنا: ان الخمس قد تعلّق بالعين على نحو الشركة الحقيقية، فحينئذٍ لا يجوز تبديل العين التي وجب فيها الخمس الاّ برضا الشريك، وكان الامام عليه السلام يحاسب من تصرّف في العين التي وجب فيها الخمس من دون اذنه.

ثالثاً: وهو مؤلّف من مقدّمتين هما:

1ـ جواز التأخير في اخراج الخمس.2ـ الاجماع على عدم وجوب عزل مقدار الخمس عند حصول الربح، وهاتان المقدمتان تقتضيان جواز تبديل المال الذي فيه خمس الى نقد وكذا العكس وهذا يعني ان صاحب المال الذي تعلّق به الخمس له الولاية على التبديل في ضمن الحول، فليس للعين التي تعلّق بها الخمس خصوصية، بل المهم هو ماليّتها.

ولكن الاشكال فيما بعد الحول: هل يجوز للمالك ان يبدّل النقد الى جنس أو العكس؟

والجواب: فبعد تمامية السنة: فالشركة بين اصحاب المال ومتولي الخمس موجودة وهي شركة في المالية، اي ان الشركة ناقصة «في المالية فقط» فاذا كانت العين التي فيها الخمس مالاً نقداً فيجب دفع الخمس منها، امّا اذا كانت عيناً، فالإمام وقبيله شركاء في المالية فقط، فله ان يدفع مالاً عوضاً عن الخمس الذي في العين أو يدفع خمس العين نفسها، فان المالية موجودة فيها.

واما بيعها بأكملها من دون رضا صاحب الخمس فهو تصرّف فضولي.

رابعاً: يوجد ارتكاز عقلائي في باب الضرائب ككل «ومنها الخمس والزكاة» يصرف ظهور الدليل القائل: ان الخمس في العين (لو قلنا بانّ المراد من الخمس في العين هو الشركة الحقيقية التامة على نحو الاشاعة) الى الشركة المالية وليست الشركة في خصوصيات العين الخارجية العينيّة، لأنّ خصوصيات العين الخارجية غير مفيدة للجهات التي فرضت الضرائب لها وهو المصالح العامة، فالضريبة لا يراد منها عرفاً تفويت الاعيان على اصحابها، بل تريد أخذ قيمة خمسها.

نعم هناك واجبات مالية بعنوان الاطعام والكسوة، فهذه خارجة عن هذا الارتكاز العقلائي فالضرائب لأنّ الملحوظ فيها الانفال على نحو معين اهتمّ به الشارع فلا يجزي غيره.اذن هذه الادلّة الاربعة تجعلنا نرفع اليد عن الظهور القائل بأن الخمس في العين على نحو الشركة الحقيقية لو كان.

قد يقال: هناك بعض الاعيان التي يتعلّق بها الخمس يكون إخراج الخمس ممتنعاً او مفسداً، افلا يكون هذا دليلاً على ان الشركة في العين هي مالية، فتباع العين ويعطى الخمس من المالية؟

والجواب: ان هذا يقال في هذه الصورة فقط، بينما كلامنا في كلّ الموارد التي تكون خاضعة للخمس وان لم يكن اخراج الخمس منها فيه امتناع أو ضرر، فلاحظ.

واما القول بان الشركة هي على نحو الكلي في المعيّن بحيث تكون ذمّة المالك قد اشتغلت بكلّي الخمس من هذه العين لا مطلقاً بحيث يجوز للمالك ان يتصرّف في العين الى ان يبقى خمسها أو يبقى مقدار مالية الخمس الذي هو كلي، فهو مما لا دليل عليه.

 


[1] وهذا الرأي يوجب عدم اجبار الامام لمالك المال في ان يدفع خمس العين التي وجب فيها الخمس بل يجوز له ان يدفع الخمس من مال آخر مخمس او يدفع ربع قيمة العين اذا اراد دفع الواجب من مال ربح السنوي الذي لم تمر عليه السنة. من الاستاذ حفظه الله.
[2] كما لو اشترى بمليون دينار ثياباً وباع اربعة ارباع منها بمليون فالخمس الباقي هو ربح ولكن يجوز له ان يتصرف فيه بتغييره الى نقد وبقية الامثلة ذكرتها الروايات. من الاستاذ حفظه الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo