< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ مناقشة رأي السيد الخوئي قدس سره في جبر الخسارة/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

وقد افتى السيد الخوئي قدس سره حسب هذا الدليل فقال في مسألة (1233) من منهاجه: (فيما اذا اتّجر برأس ماله مراراً متعددة في السنة فخسر في بعض المعاملات وربح في آخر فان كان الخسران بعد الربح او مقارناً له يجبر الخسران بالربح.... وامّا اذا كان الربح بعد الخسران فالأحوط ان لم يكن اقوى عدم الجبر ويجري الحكم المذكور فيما اذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة).

ولكن السيد الخوئي قدس سره قال: اذا تاجر بقسم من المال وزرع بقسم منه فربح في الاول وخسر في الثاني فهنا على رأي السيد الخوئي قدس سره يجبر الخسران المتأخر من الربح المتقدّم.

الاّ انه لم يفت بذلك في رسالته العملية، بل احتاط احتياطاً وجوبياً بذلك وقال بعدم الجبر كما في مسألة (1234) من منهاجه فوافق صاحب العروة قدس سره مع اختلاف مبناه.

اقول: يمكن مناقشة السيد الخوئي قدس سره حتى على رأي السيد الخوئي قدس سره الذي يقول: بان اول السنة هو ظهور الربح، تجبر الخسارة التي قبل الربح من الربح المتأخر فضلاً عن جبر الخسارة المتأخرة من الربح المتقدّم وتوضيح ذلك:

اذا ادخل زيد الف دينار في تجارة الجلود في الثلاثة اشهر الاولى من السنة. وأدخل الف دينار في تجارة الكسب في الأشهر الاربعة بعد الثلاثة الاولى من السنة، وأدخل الف دينار في تجارة العطور في الخمسة الأشهر الاخيرة من السنة وربح في الاولى مائة وفي الثانية خسرها بأجمعها وربح في الثالثة الفاً فهنا لا يصدق عليه انه ربح الفاً ومائة بل يصدق عليه انه ربح مائة في سنته هذه وكذا في التجارة والزراعة والنكتة هي:

أولاً: ان المستثنى من الارباح هو:

1ـ الصرف في المؤنة.2ـ ما يمنع من صدق الاستفادة كما قال الشيخ الانصاري قدس سره وهنا وان كانت سنته هي ظهور الربح الاّ ان الخسران في تجارته الثانية يمنع من صدق الاستفادة.وحينئذٍ لا يخمّس الاّ المائة فقط بعد استثناء مؤنة السنة ان كانت له مؤنة.

وتوضيح ذلك: ان في باب التجارات والاستثمارات «سواء كانت التجارة من نوع واحد في تجارة واحدة أو في تجارات متعددة أو كان الاستثمار في انواع متعددة كالزراعة والتجارة والصناعة» توجد فهم عقلائي وعرفي يمنع من صدق الفائدة مع وجود تلف أو خسارة الاّ على المقدار الزائد على التلف والخسران، فلا يشمل دليل الخمس مقدار ما يقابل الخسران والتلف لأنّ موضوع الخمس هو الفائدة والربح. أو قل ان العرف يلحظ تمام ارباحه الحاصلة اثناء السنة ربحاً واحداً فما يكون من تلف أو خسران في اثناء السنة لا يجعل ما حصل من الربح بأجمعه ربحاً خاضعاً للخمس، بل يصدق الربح على هذا الربح بعد إسقاط قيمة الخسران والتالف منه فيكون الباقي خاضعاً للخمس

سواء حصل ربح قليل اولاً ثم حصل ربح كثير كما تقدّم في المثال السابق أو حصل خسران في تجارته الأُولى وربح في زراعته أو تجارته الثانية، فان الربح لا يصدق مع وجود خسارة في عمله وان قلنا ان رأس السنة هو ظهور الربح الاّ ان ما خسره في تجارته التي ظهر ربحها اخيراً يستخرج من الربح الأخير لأنه صرف في سبيل تحصيل الربح ولم يحصل الربح فهو مستثنى.

ولك ان تقول ايضاً: ان استثناء ما دخل في تحصيل الربح من الربح قد دلّ عليه الدليل، وعادة ما يدخل في تحصيل الربح قد يكون فيه خسارة وقد يكون فيه تلف قبل تحصيل الارباح أو بعدها، فيستثنى بأجمعه من الربح حسب دليل ما دخل في تحصيل الربح يستثنى من الارباح أو بعدها، فإنه مطلق للصورتين وان كان رأينا ان أوّل السنة هو ظهور الربح.

ثانياً: ولو شككنا في صدق الاستفادة هنا فنرجع الى اصالة البراءة من تخميس الألف من تجارة العطور التي تلف ما يقابلها. اذن حتى على رأي السيد الخوئي قدس سره من ان اول السنة ظهور الربح فيجوز جبر الخسارة في التجارة من الربح المتأخر، وذلك لعدم صدق الربح الذي هو اول السنة الاّ على المائة فقط.

نعم اذا صرف على مؤنته الف وخمسمائة قبل ظهور الربح في آخر السنة ثم ظهر الربح فبما انّ رأي السيد الخوئي قدس سره هو ان أوّل سنته هو ظهور الربح فلا تستثنى المؤن المتقدّمة على الربح من الربح المتأخر.

والخلاصة: ان ما تقدّم هو قول صاحب العروة قدس سره ورأي السيد الخوئي قدس سره المخالف لصاحب العروة قدس سره فهذان قولان، وقد تقدّم منا في أوّل البحث قول ثالث وهو جبران الخسارة مطلقاً بالربح من دون تفصيل بين التجارة الواحدة وانواع التجارات وبين انواع الاستثمارات من تجارة وزراعة وصناعة وغيرهما، ومن دون فرق بين التلف والخسران قبل الربح أو بعده.

واما القول الرابع: وهو تفصيل بين التلف والخسران، فيُجبر الثاني دون الاول، وتفصيل الشيخ الانصاري رحمه الله[1] كما يظهر منه، وهو رأي لصاحب الدروس قدس سره[2] .

واما القول الخامس: فهو تفصيل السيد الخميني قدس سره الذي فرّق بين وحدة الحساب وتعدّده فاذا استقلّ رأس المال في الحساب والدخل والمخرج والدفتر فهو استثمار واحد، وهنا يجبر التلف أو الخسارة في رأس المال بالربح وان كانت الاستثمارات متنوّعة كالزراعة والتجارة.

امّا اذا تعدّد الحساب بان كان رأس مال خاص له حساب خاص ورأس مال آخر له حساب آخر ودفتر آخر، فالخسران لا يجبر بالربح وان كان استثماراً واحداً[3] .

وقول سادس: لصاحب الجواهر قدس سره وهو التفريق بين السرقة ونحوها وبين تغيّر السعر، فقال بعدم الجبر في

السرقة ونحوها والجبر في هبوط سقوط السعر، وهذه عبارته: قال: «اذا فرض التلف بسرقة ونحوها لا بتغيّر السعر ونحوه، مّما يحصل به الخسران في التجارة»[4] .

اذن الرأي الصحيح والأقوى: هو جبر الخسارة من الربح مطلقاً «سواء كان الربح اولاً ثم حصلت الخسارة في نوع واحد من التجارة أو حصلت الخسارة اولاً ثم حصل الربح أو في تجارتين، أو في تجارة وزراعة وصناعة وحصل ربح في احدها أولاً وخسارة في اخرى، أو العكس.

ونزيد هذا توضيحاً بأن نقول: ان همّ التاجر هو الاسترباح ولا نظر له خصوصيات افراد التجارة، فهو يلاحظ المجموع، وهذا هو الغالب في الكسبة العاديين الذين يبيعون الحبوب والالبان والصابون والسكّر والشاي وامثال ذلك.

اذن يلاحظ النتيجة من التجارة، فان حصل خسران اولاً في تجارة الصابون ثم حصل ربح في تجارة الشاي، فبما ان همّه هو الاسترباح من افراد التجارات فلا يصدق الربح الاّ بعد جبر الخسران السابق على الربح وكذا اذا حصل الربح اولاً ثم حصل خسران في فرد آخر من التجارة. وكذا لو كان الشغل مختلفاً «كتجارة وزراعة وصناعة واجارة» فربح في احداهما وخسر في الأُخرى في نفس السنة، فيجبر الخسران من الربح مطلقاً تقدّم الخسران على الربح أم تأخر، حتى وإن تعدّد العنوان وذلك لأن العناوين المختلفة لم تلحظ بالذات، بل كل العناوين المختلفة كانت مقدّمة للاسترباح وتحصيله، فالمكلّف في آخر السنة يلاحظ المجموع الفائض من كسبه المتشعّب الى اقسام، فاذا ربح في البعض وخسر في الآخر، يجري الكلام المتقدّم من انه لم يربح بمقدار خسارته، فما صرفه في سبيل التجارة يكسر من الارباح المتأخرة، ولوقلنا ان اول السنة ظهور الربح الاّ ان هذا ينفع في مؤنته ومؤنة عياله ولا ينفع في مؤنة تحصيل الربح، فالأظهر هو جبران الخسارة بالربح سواء تعدّد العنوان ام إتّحد، وسواء تعددت الانواع في العنوان الواحد ام اتحدت، وسواء تقدّم الربح على الخسارة ام تقدّمت الخسارة على الربح، ولكن في السنة الواحدة اذا تمّت العملية التجارية فيها.

ودليل هذا: السيرة القطعية، والفهم العرفي لموضوع وجوب الخمس وهو صدق الربح والفائدة الباقي «لا مجرّد حدوث الربح الذي لم يبق بعد ذلك لحصول خسارة، أو حصول خسارة اول الأمر ثم حصل ربح بعد ذلك» فالعرف يقول انه لم يربح الاّ بمقدار جبر الخسارة بالربح.

اذن ليس من الصحيح ان نقول: ان كل تجارة فيما اذا تعدّدت التجارات هي موضوع مستقل، بل هي طرق للاسترباح فينظر اليها نظرة طريقية لا موضوعية. وكذا ليس من الصحيح ان نقول: ان الزراعة لزيد هي موضوع مستقل والتجارة موضوع مستقل والصناعة موضوع مستقل والإجارة موضوع مستقل، بل هي طرق للاسترباح فاذا

ربح ثم خسر أو خسر ثم ربح فانّه لا يصدق عليه الربح الاّ بعد اخراج الخسارة من الربح وان كان اوّل رأس سنته هو ظهور الربح.

 


[2] الروضة البهية، للشهيد الاول، ج2، ص79.
[3] تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، الخمس والانفال، للفاضل اللنكراني، ص176.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo