< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ تعلّق الخمس من حين حصول الربح/ خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

مسألة (72): متى حصل الربح وكان زائداً على مؤونة السنة تعلّق به الخمس وان جاز التأخير في الاداء الى آخر السنة، فليس الحول شرطاً في وجوب الخمس. (1).

الفرض الاول: وهو ما اذا كان الشراء لغير المؤنة، فهنا لا اشكال في عدم جواز الاداء من ربح السنة الثانية بلا تخميس، لأنّ الدين بعد ان كان مقابله موجوداً فلو أدّى الدين من الربح غير المخمّس فيبقى بدله خالصاً له بلا دين

فيكون زائداً على المؤنة ولابدّ من تخميسه.اذن لا بد ان يحاسب نفسه آخر السنة، فان خمّس وادّى الدين فهو، والاّ (أي ان ادّى الدين من الربح قبل التخميس) فيجب تخميس بدل الدين.

الفرض الثاني: وهو ما اذا كان الشراء بالدين للمؤنة السابقة كاحتياجه الى دار فعلاً، فحينئذٍ له ان يؤدي دينه من ارباح هذه السنة لأنه من صرف الربح في المؤنة فلا يجب الخمس في الربح ولا في بدله لأنّ بدله مؤنة، وهي تخرج من الربح. ومثل هذا مهر الزوجة فله ان يؤدّي كل سنة مقداراً من دون تخميس.

المقام الثالث: اذا كان الدين في هذه السنة ولكن قبل ظهور الربح (اي استدان ثم ربح في نفس السنة) قال السيد الخوئي قدس سره: ان هذا يختلف حسب المباني فأن قلنا بمقالة صاحب العروة قدس سره من انّ مبدأ السنة هو حال الشروع في الكسب، اذن حاله حال الدين بعد الربح في المقام الاوّل.

وان قلنا: ان مبدأ السنة هو ظهور الربح «كما اختار السيد الخوئي قدس سره»: فحاله حال الدين في السنين السابقة في المقام الثاني [1] .

اقول: اذا كان المكلّف له رأس سنة معيّنة وقد استدان لها أو صرف من ماله المخمّس للمؤنة، ثم ظهر الربح فقد قال القوم باستثناء ما صرفه في المؤنة من الارباح الآتية، وحينئذٍ نقول: ان المكلّف اذا لم يجعل له رأس سنة فيكون أوّل سنة كل ربح ظهوره، وهذا لا يستثني الدين السابق أو ما صرفه في مؤنته من ماله المخمّس من الربح الآتي، فالصحيح هو ان المكلّف جعل رأس سنة لكلّ ارباحه أولم يجعل، بل جعل لكل ربح رأس سنة مستقلّة، فان جعل يستثنى الدين السابق اذا كان للمؤنة من الربح اللاحق والاّ فلا يستثنى منه شيئاً، فالمسألة مبتنية على جعل رأس سنة معيّنة للمكلّف وعدم الجعل.

وما سيأتي من ان تعلّق الخمس هو ظهور الربح لا ينافي ما قلناه لأن الربح الذي تعلّق به الوجوب هو أوّل ظهوره ولكن مؤنة السنة التي عيّنها تستخرج من الربح وان كانت متقدمة على ظهور الربح.1)في هذه المسألة يتعرّض الى أمرين:

الأمر الأول: هو متى يتعلّق الخمس؟ هل يتعلّق حين ظهور الربح ام بعد انتهاء السنة؟

الأمر الثاني: اذا كان الخمس يتعلّق حين ظهور الربح، فما هو الدليل على جواز تأخير دفع الخمس الى آخر السنة رغم فعليّة التعلّق؟

اما الامر الأول: فقد نُسب الى صاحب السرائر[2] انه يقول بتعلّق الخمس بعد تمام الحول بما يفضل من الارباح بعد استثناء ما يصرف في مؤنة السنة[3] ، فالخمس مثل الزكاة فيما يكون مشروطاً بالحول كالنقود والانعام.

وقد يُستدل له: بأنّ الدليل القائل بأن (الخمس بعد المؤنة)[4] او الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله كما قال عليه السلام (اذا امكنهم بعد مؤونتهم، او الخمس مما يفضل من مؤنته)[5] .

ويراد منه البعديّة الزمانية فيكون اخراج الخمس متأخراً عن اخراج المؤنة.

وأورد على هذا الدليل السيد الخوئي قدس سره: ان البعدية هنا يراد منها البعدية الرتبيّة كما في قوله تعالى: (من بعد وصية يوصب بها او دين)[6] لا البعدية الزمانية اي مرتبة الخمس متأخرة عن المؤونة فيلاحظ الخمس فيما يفضل عن المؤنة من الربح، ولم يلحظ فيها الزمان اصلاً[7] .

والتحقيق: ان لفظة (بعد) ليس لها معنيان «بعدية زمانية، وبعدية رتبية» حتى يتردد المعنى بينهما، وليست لها معنى واحد مطلق وهو البعدية الزمانية والرتبية معاً، بل كلمة (بعد) لها معنى واحد وهو التأخر، وامّا التأخر في الزمان أو التأخر في المكان أو التأخر في الرتبة فهو يستفاد من اضافة لفظ (بعد) الى ما بعدها، فان كان ما بعدها زماناً كما تقول جئني بعد الظهر أو زمانياً كما اذا قلنا جئني بعد الحجّ فنستفيد البعدية الزمانية، واذا كان ما بعدها مكاناً أو مكانياً فنستفيد البعدية المكانية كما اذا قلنا: (النجف بعد الكوفة) واذا كان ما بعدها حقّاً أو مالاً مثل قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين)[8] .

فنستفيد البعدية الرتبيّة بمعنى ان حقّ الدائن أو الموصى له قبل حق الوارث وفي موردنا بما ان المؤنة الواردة بعد كلمة (بعد) هو حقّ ماليّ مصروف في حاجات المكلّف فيكون الظهور من (بعد) هو البعديّة الرتبيّة، فيكون المعنى انّ حقّ المكلّف في اعاشة نفسه وعياله ومؤنتهم قبل حقّ صاحب الخمس فيما افاده من الربح، فما لم يصرف من الربح في المؤنة يكون متعلّقاً لحقّ الخمس من الأوّل.

وقد يستدل لما ذكره ابن ادريس قدس سره بصحيحة علي بن مهزيار الطويلة القائلة: (وانما اوجب عليهم الخمس

في سنتي هذه في الذهب والفضة التي حال عليها الحول)[9] فيكون تعلّق الوجوب بعد الحول لا وقت ظهور الربح.

ويرد عليه: ان لسان هذه الرواية هو التخفيف في تلك السنة، وظهورها في مطالبته بالخمس في آخر السنة، وهذا لا يكون الاّ بعد الحول، بينما كلامنا في وقت تعلّق الخمس.

اذن ما نسب الى ابن ادريس من ان تعلّق الخمس بعد السنة ضعيف لعدم وجه صحيح له.

 


[2] لم ينقل الخلاف الاّ عن ابن ادريس وان ادعى هو الاجماع عليه. من الاستاذ حفظه الله.
[3] السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، ابن إدريس الحلي، ج2، ص212.. وهذه عبارته (اما ماعدا الكنوز والمعادن من سائر الاستفادات والارباح والكسب والزراعات فلا يجب فيها الخمس بعد اخذها وحصولها بل بعد مؤنة المستفيد ومؤنة من تجب عليه مؤنته سنة هلالية)
[9]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo