< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ هل الدين السابق على سنة الربح مؤنة؟/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

المقام الثاني: اذا كان الدين من السنين السابقة (الدين سابق على الربح) اي انّ الدين كان سنة 2016 م والربح سنة 2017 م – مثلاً – فالكلام هنا في جواز استثناء هذا الدين من أرباح هذه السنة أو عدم استثنائه.

والكلام هنا يكون في صورتين:

الصورة الاولى: ما اذا لم يكن بدل الدين موجوداً، فقد ذكر صاحب العروة قدس سره الجواز، ولكن بشرط ان لا يكون المكلّف متمكّناً من الاداء الى عام حصول الربح فيكون هذا الدين مؤنة السنة الجديدة، كالنذور والكفّارات والضمانات (الواجبات المالية).

ولكن السيد الخوئي قدس سره قال: لا مدخل للتمكّن وعدمه في هذا الحكم، بل العبرة بصدق كون الأداء مؤنة لهذه السنة أو ليس مؤنة لها، فان كان مؤنة لهذه السنة فيجوز استثناؤه[1] من الربح قبل التخميس وان لم يكن مؤنة فلا يجوز استثناؤه قبل التخميس.

وقد ذكر الاكثر تبعاً للشيخ الانصاري قدس سره: بأن مطلق وفاء الدين يكون من المؤنة لسنة الوفاء، اذ من الواضح انه مؤنة اذا كان يجب الوفاء به سيّما مع مطالبة الدائن، غاية الامر ان سبب هذا الوجوب هو امر سابق، وهذا الامر السابق سواء كان استدانة او كان اتلاف مال أو قتل شخص أو ضربه خطأ فان الذمّة اذا اشتغلت بالبدل أو الدية، فالسابق هو السبب، امّا المتسبب وهو الأداء فهو مؤنة بالفعل.

والحق مع السيد الخوئي قدس سره والشيخ الانصاري [2] قدس سره. لأنه اذا تمكّن من اداء الدين ولم يؤدِّ عصياناً ثم اراد فكاك ما في ذمته فهو عرفاً مؤنة سنة الاداء، خلافاً لصاحب العروة قدس سره حيث قيّد ان يكون الدين من المؤنة في سنة الاداء اذا لم يتمكّن من ادائه في سنة الدين.

اذن ما نحن فيه مثل من كان مريضاً سابقاً وتمكّن من علاج نفسه واخّر عمداً الى السنة الثانية.وكذا اذا لم يتمكّن من علاج نفسه في السنة الاولى وتمكّن في السنة الثانية، فاذا صرف على معالجة نفسه من ارباح هذه السنة فهو مؤنة وان كان سببها المرض السابق على هذه السنة.

اذن: اذا ادّى الدين حُسب من مؤنة السنة الثانية، امّا اذا لم يؤدِّ الدين فلا يحسب منها.

ولنا ان نقول: ان الربح الذي خمّسه في السنة السابقة من دون استثناء هذا الدين السابق على الربح لأنهُ لم يؤدّه ولو عصياناً لا يصدق عليه انه ربح الاّ بأنْ يسدّده من ربح السنة الاخرى أو التي بعدها، فاذا برأت ذمّته من الدين في اي سنة كانت ولو بعد سنة الاستدانة صدق على الربح الذي خمّسه من دون استثناء الدين الذي هو ربح ويجب فيه الخمس وقد أدّاه في وقته.

اذن على ما تقدّم من كلام الشيخ الانصاري قدس سره وما قلناه يتبيّن ان الدين يجب تسديده هو مؤنة في اي سنة ادّاه كالكفارات والنذور التي هي متقدّمة على سنة التسديد، فان التسديد والأداء مؤنة سنة الاداء، فلاحظ الأمثلة التي توضّح المطلب وهي:

اولاً: اذا استدان قبل سنة الربح، ولكن لمؤونة عام الربح، فهو كالدين المقارن لسنة الربح يعدّ من المؤنة.

ثانياً: اذا استدان قبل سنة الربح لغير مؤنة سنة الربح ولكن كان محتاجاً اليه في عام الربح كما لو اشترى داراً قبل عام الربح بذمّته، فوفاء الدين هنا يصدق عليه انه مؤنة سنة الربح.

ثالثاً: اذا قطع يد رجل خطأً فاصبح مديناً قبل سنة الربح ثم طولب بها سنة الربح فتعدّ مؤنة سنة الربح.

رابعاً: اذا أتلف مالاً لإنسان قبل سنة الربح وحكم عليه في سنة الربح، فيعدّ مؤنة سنة الربح.

خامساً: اذا استدان قبل سنة الربح لا للمؤنة ولا لشيء محتاج اليه، كما اذا اشترى سيارة لا يحتاج اليها وتلفت، فأداء دينها يعدّ مؤنة سنته.

سادساً: اذا استدان قبل سنة الربح لضيوفه في غير سنة الربح فأداء الدين يعتبر مؤنة لسنة الربح.

سابعاً: اذا صرف من مدّخراته على ضيوفه قبل سنة الربح فلا يمكن ان يستثنى ذلك من ربح السنة الاخرى لأنه

لا يعدّ مؤنة لسنة الربح.

والخلاصة: ان كل ما عدّ انه مؤنة سنة الصرف يعدّ مؤنة السنة التي صرف فيها وان كان سبب الصرف متقدّماً وهو الدَين، وهذا الذي استدان سواء كان دينه للمؤنة أو لشراء سيارة غير محتاج اليها دائماً يريد اجارتها ثم تلفت، فهو مأمور بوفاء الدين، فان عصى، فان هذا الامر لم يسقط بل يبقى يلاحقه في السنة الثانية، فان ادّاه فهو وان لم يؤده فيبقى الأمر يلاحقه في السنة الثالثة، وحينئذٍ سيكون اداء هذا الدين هو مؤنة سنة الأداء، كالكفّارات ونفقة الزوجة التي لم يدفعها اليها في وقتها واراد دفعها في سنة أُخرى والنذورات والديّات سواء كانت مضيّقة أو موسّعة ولكن لم يؤدها في صورة كونها مضيقة، فالأمر بأدائها باقٍ وتحسب من مؤنة سنة الأداء وهذا هو أمر عرفي واضح.

وبعبارة اخرى: ان الحاجات التكوينية (الأمور العينية) التي يصرفها الانسان في مؤونته، هي مؤنة على نحو الموضوعية وتُستثنى من الربح قبل تخميسه.

فكذا الدين الذي يستبطن شغل الذمّة الذي يريد الانسان رفعه والتخلّص منه، فان العرف هنا ينظر الى هذا الوفاء انه مقابل مال آخر قد صُرف سابقاً، فالوفاء ينظر اليه العرف نظرة طريقية فهو يعدّ مؤنة سنة الاداء فيستثنى من ربح السنة اللاحقة.

الصورة الثانية: وهي صورة وجود بدل الدين، كما لو اشترى بالدين السابق داراً أو بستاناً، فهنا فرضان:

الفرض الاول: وهو ما اذا كان الشراء لغير المؤنة، فهنا لا اشكال في عدم جواز الاداء من ربح السنة الثانية بلا تخميس، لأنّ الدين بعد ان كان مقابله موجوداً فلو أدّى الدين من الربح غير المخمّس فيبقى بدله خالصاً له بلا دين

فيكون زائداً على المؤنة ولابدّ من تخميسه.اذن لا بد ان يحاسب نفسه آخر السنة، فان خمّس وادّى الدين فهو، والاّ (أي ان ادّى الدين من الربح قبل التخميس) فيجب تخميس بدل الدين.

الفرض الثاني: وهو ما اذا كان الشراء بالدين للمؤنة السابقة كاحتياجه الى دار فعلاً، فحينئذٍ له ان يؤدي دينه من ارباح هذه السنة لأنه من صرف الربح في المؤنة فلا يجب الخمس في الربح ولا في بدله لأنّ بدله مؤنة، وهي تخرج من الربح. ومثل هذا مهر الزوجة فله ان يؤدّي كل سنة مقداراً من دون تخميس.

المقام الثالث: اذا كان الدين في هذه السنة ولكن قبل ظهور الربح (اي استدان ثم ربح في نفس السنة) قال السيد الخوئي قدس سره: ان هذا يختلف حسب المباني فأن قلنا بمقالة صاحب العروة قدس سره من انّ مبدأ السنة هو حال الشروع في الكسب، اذن حاله حال الدين بعد الربح في المقام الاوّل.

وان قلنا: ان مبدأ السنة هو ظهور الربح «كما اختار السيد الخوئي قدس سره»: فحاله حال الدين في السنين السابقة في المقام الثاني[3] .

اقول: اذا كان المكلّف له رأس سنة معيّنة وقد استدان لها أو صرف من ماله المخمّس للمؤنة، ثم ظهر الربح فقد قال القوم باستثناء ما صرفه في المؤنة من الارباح الآتية، وحينئذٍ نقول: ان المكلّف اذا لم يجعل له رأس سنة فيكون أوّل سنة كل ربح ظهوره، وهذا لا يستثني الدين السابق أو ما صرفه في مؤنته من ماله المخمّس من الربح الآتي، فالصحيح هو ان المكلّف جعل رأس سنة لكلّ ارباحه أولم يجعل، بل جعل لكل ربح رأس سنة مستقلّة، فان جعل يستثنى الدين السابق اذا كان للمؤنة من الربح اللاحق والاّ فلا يستثنى منه شيئاً، فالمسألة مبتنية على جعل رأس سنة معيّنة للمكلّف وعدم الجعل.

وما سيأتي من ان تعلّق الخمس هو ظهور الربح لا ينافي ما قلناه لأن الربح الذي تعلّق به الوجوب هو أوّل ظهوره ولكن مؤنة السنة التي عيّنها تستخرج من الربح وان كانت متقدمة على ظهور الربح.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo