< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ ما الفرق بين الاثاث وبين رأس المال مع انهما مؤنة/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

اشكال على صاحب العروة قدس سره: ان صاحب العروة قدس سره احتاط احتياطاً وجوبياً في تخميس رأس المال الذي يحتاجه الى تعيّشه وان كان اكثر من مؤنة السنة, بينما هنا في شراء مثل الثلاجة والزوليّة والبيت والمزرعة قال بعدم الخمس فتوى بينما هي كرأس المال الذي يحتاجه لتعيّشه, فلماذا فرّق بينهما؟!! واذا كان هناك فرق – كما سنذكره – فيقتضي الفتوى بالخمس في الأوّل دون الثاني.

وما يذكر كدفاع عن صاحب العروة قدس سره من ان رأس المال لم يصدق عليه انه مؤنة اذ لم يصرفه في حاجته المحتاج اليه بل جعله يدرّ عليه ربحاً, فهو يختلف عن السيارة والبيت والفراش والأواني واثاث البيت الذي تكون الحاجة اليها مباشرة لا الى ربحها, لا يصغى اليه وذلك: لأن الاعيان التي يشتريها وقد صدق عليها انها مؤنة عرفاً هي في

الحقيقة لم تكن مؤنة للأكل والشرب بحيث تُستهلك, بل هي اعيان يُستفاد من منفعتها, ولكنّ رأس المال الذي لم يكن بالشروط المتقدمّة اذا حوّله الى اعيان يُستفاد من منفعتها فهي كالأعيان التي يستفاد من منفعتها ولكن منفعة رأس المال هي ربح يتقوّى به على معيشته, وتلك الاعيان يتقوّى بمنفعتها الانسان على معيشته, فلا فرق عرفاً بين الأمرين, فإمّا ان يفتي بعدم الخمس فيهما معاً ان صدقت المؤنة على رأس المال أو ان يُفرّق بينهما فيقول كما قلنا نحن: ان رأس المال اذا كان غير واجد للشروط المتقدّمة فهو غير محتاج اليه في المؤنة, فلا يعد مؤنة, فيجب فيه الخمس, واما شراء البيت والأثاث فهو محتاج اليها فتعدّ مؤنة فلا يجب فيها الخمس, فلاحظ ان الاشكال وارد عليه ولا يرد علينا, والجواب الذي انتصرنا به لا ينفعه بل ينفعنا نحن الذين فرّقّنا بين رأس المال, فقلنا يجب فيه الخمس الاّ في صورة واحدة ضيّقة فيصدق انه مؤنة محتاج اليها فلا خمس فيه كما في شراء البيت واذا كان رأس المال لا توجد فيه الشروط المتقدّمة فلا يعدّ مؤنة فيجب فيه الخمس.

نعم الفرق بين الاعيان ورأس المال هو ان الاعيان يحتاج اليها الانسان حقيقة وتستعمل حقيقة, فهي محتاج اليها في نفسها, اما رأس المال فهو محتاج الى منفعته, فيكون الاحتياج الى رأس المال مجازياً حيث يحتاج الى ربحه, فيكون ربحه هو المؤنة وليس رأس المال هو المؤنة.

اقول: هذا الفرق دقّيّ وليس عرفياً, والاّ فكلا الامرين يحتاج الى منفعتها فالأعيان يحتاج الى منفعتها للمعيشة, ورأس المال يحتاج الى منفعته في المعيشة, فمّرة منفعة العين هو الشرب كأدوات شرب المياه ومرّة منفعة الاعيان ايجاد حرارة في الشتاء البارد ومرّة منفعة الاعيان ايجاد برودة في الصيف, ومرّة منفعة الاعيان هو اجارة الفندق الذي جعله رأس ماله لمعيشته, فتكون منفعة الفندق والعين المشتراة من رأس المال للإتّجار بها هو الربح الحاصل الذي يحتاجه في معيشته السنوية, فالعُرف لا يفرّق بين هذه المنافع وان كان الفرق بينهما موجوداً دقّة وعقلاً.

اذن ما ذهب اليه صاحب العروة قدس سره من الاحتياط الوجوبي في تخميس رأس المال مع عدم احتياطه في هذه الاعيان التي ينتفع من منافعها لمعيشته, بلا وجه.

فإمّا ان يقول بعدم وجوب الخمس في راس المال اذا كان محتاجاً اليه وهو بالقيود المتقدمّة, وهنا ايضاً لا خمس لأنه محتاج الى البيت والأثاث وأمّا ما كان اكثر من مؤنة السنة وليس معه القيود المتقدّمة فهو لا يعدّ مؤنة, فيجب فيه الخمس دون شراء البيت والأثاث فإنّه يُعدّ مؤنة.

قد يقال: ان مسلكنا لا يتوجه عليه اشكال, حيث قلنا ان رأس المال بقيوده المتقدمّة لا خمس فيه لأنه حاجة ومؤنة وهنا قلنا: ان البيت والأثاث الذي يشترى للبيت وهو مورد حاجة ايضاً لا خمس فيه, فالفتوى في الموردين متناسقة.

ولكن قد يقال: بوجود اشكال على مختارنا في رأس المال حيث قلنا ان كل رأس مال فيه خمس اذا كان اكثر من

المؤنة أو لا يُوجد فيه القيدان المتقدمان, بينما هنا عند شراء البيت والأثاث, مع انهما اكثر من مؤنة السنة فقد قلنا بعدم وجوب الخمس فيها, فلم يكن الفتويان متناسقتين مع ان رأس المال هو لمؤنة السنة ولما بعدها وكذا شراء البيت كان لمؤنة السنة ولما بعدها.

والجواب: ان في رأس المال اذا كان اكثر من مؤنة السنة أو لم يكن فيه القيدان المتقدمان لا يصدق عليه انه مؤنة حيث لم يُصرف بينما سيصدق على البيت والأثاث انه مؤنة السنة التي كنّا بحاجة لها, فمتى لم تصدق المؤنة والحاجة يجب الخمس ومتى صدقت المؤنة والحاجة فلا خمس فيها.

ما يصرف في الحرام:

هل ما يصرف في الحرام يعدّ مؤنة مطلقاً فلا خمس فيه أو ليس مؤنة مطلقاً, ففيه الخمس ام يُفصّل؟

ذهب بعض الى عدّه مؤنة مطلقاً, وذهب بعض الى عدم عدّه مؤنة, ولكن لنا كلام يقول بالتفصيل وباختلاف الموارد, فمثلاً اذا آجر داراً مغصوبة وسكنها واشترى لحماً مغصوباً واكله وتعيّش به, وامثال هذه الامور فهو يعد مؤنة حقيقية وان كان قد فعل حراماً بفعله هذا.

اما اذا اشترى خمراً وشربه وهو يتمكّن من الامتناع عنه بعدم اعتياده عليه أو لعب قماراً وخسر أمواله فيه, فهذا لا يعدّ مؤنة لمعيشته, لأن معيشته غير متوقفة على هذه المأمور مع انها محرمة, فيُعدُّ عمله هذا اتلافاً للمال بإختياره فعليه الخمس.

واما اذا زنى بالبكر مكرهاً لها أو قتل شخصاً عمداً, فيجب عليه مهر البكر من الناحية الماديّة وديّة القتل اذا تنازل اهل المقتول عن القصاص, فهنا قد تقدّم ان هذا يعدّ مؤنة لان الانسان يريد تفريغ ذمّته من الضمان, وتفريغ الذمّة يعدّ مؤنة عرفاً.

اذن الموارد المحرّمة تختلف في عدّها من المؤنة أو عدم عدّها, فكلّ مورد ينظر اليه لوحده يرى انه يعدّ مؤنة عند العرف فلا خمس فيه أو لا يعدّ مؤنة ففيه الخمس.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo