< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/02/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ ادلة خمس الهدية/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

والمهم هو النظر الى الادلّة واستنطاقها واولاً نذكر ادلّة الوجوب وهي روايات كثيرة (ولا ننظر الى الآية التي هي في الغنائم)فمن الروايات:

صحيحة علي بن مهزيار وفيها: «والجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر»[1] وتقييد الجائزة بالتي لها خطر لعلّه لصرف غير الجائزة الخطرة في المؤن غالباً، اما اذا كانت الجائزة، غير الخطرة لم تصرف في المؤن ومرّت عليها سنة

فيجب فيها الخمس، وعلى كل حال هذه الصحيحة نظرت الى الجائزة الخطرة المهمة، وهي ساكتة عن الجائزة غير الخطرة وغير المهمة، فلا يمكن القول بعدم وجوب الخمس في الجائزة غير المهمة اذا مرّت سنة، اذ القيد هو من اللقب الذي لا مفهوم له.

ومن الروايات: موثقة سماعة قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن الخمس؟ فقال: في كل ما افاد الناس من قليل أو كثير[2] .

والافادة عنوان اعمّ من التكسّب يشمل الهدية والصيد من غير قصد الاكتساب نعم هذا العنوان لايتشمل الفوائد القهرية كالميراث.

ومن الروايات: ما رواه ابن ادريس في آخر السرائر (في النوادر)[3] من ضمن طرقه الى أرباب الكتب ولم يثبت صحة شيء منها فهي مقطوعة نعم أُستثني منها طريقاه الى كتاب محمد بن علي بن محبوب الاشعري وكتاب السكوني فلا يحكم بالانقطاع وهذه الرواية في كتاب محمد بن علي بن محبوب فهي متصلة واما احمد بن هلال فقد قلنا انه نُسب الى الغلو والى النصب أيضاً وقال عنه الشيخ الانصاري انه لم يكن يتديّن بدين[4] ، ولكن وثّقه النجاشي اذ قال فيه: (صالح الرواية)[5] اذن هو ثقة في نقله وان كان فاسد العقيدة، اذن الرواية معتبرة.

ومن الروايات: معتبرة يزيد بن اسحاق قال: كتبت: جعلت لك الفداء، تُعلمني ما الفائدة وما حدّها رأيتك أبقاك الله ان تمنّ عليّ بيبان ذلك لكي لا اكون مقيماً على حرام لا صلاة لي ولا صوم؟ فكتب عليه السلام: الفائدة مما يفيد اليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جائزة[6] فان قوله: (من تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام) ظاهر في أنّ موضوع الخمس ليس مطلقاً مال التجارة، بل خصوص الربح، وليس موضوع الخمس مطلق الزرع الذي بل يحصل ما يفضل بعد الغرام والخسارة عليه مما يلزم انفاقه وصرفه عليه وكذا ذكرت الرواية الجائزة وهي تشمل الهدية والهبة ملاكاً، لاشتراكها في عدم الكسب والزرع.

اذن الرواية تدلّ على ان موضوع الخمس هو ما يفضل عن مؤنة التحصيل.وسند هذه الرواية هو الكليني عن العدّة عن احمد بن محمد (ابن يزيد) وفي بعض النسخ (عن يزيد)، وعلى النقل

الاول لابدّ من وجود سقط في السند لانّ احمد بن محمد بن عيسى هو ابن عبدالله الاشعري[7] وليس ابن يزيد، والمظنون ان الساقط هو يعقوب بن يزيد الكاتب الانباري السلمي الذي هو من أجلاّء الثقاة ومن اصحاب الامام

الرضا والهادي عليهما السلام[8] ، وحينئذٍ على هذا الاحتمال يتمّ السند.

امّا على تقدير ان يكون في السند (عن يزيد) فيتردد بين ان يكون يزيد هذا هو يزيد بن اسحاق وهو لم يثبت توثيقه الاّ على مبنى السيد الخوئي قدس سره لوجوده في كامل الزيارات[9] ، وبين ان يكون يزيد بن حّماد الانباري (أبو يعقوب) وهذا ثقة بشهادة الشيخ[10] وعلى كل حال: لم يمكن القطع بصحّة السند الاّ على بعض المباني وعلى بعض الإحتمالات، فلاحظ.

ومن الروايات: خبر علي بن الحسين بن عبد ربّه قال: سرّح الرضا عليه السلام بصلة الى ابي، فكتب اليه أبي: هل عليّ فيما سرّحت اليّ خمس؟ فكتب عليه السلام اليه: لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس[11] .

وتقريب الاستدلال: انه لو لم يكن خمس في (تسريح الهدية) فان الأولى التعليل به، اي ان تقول لا خمس في الهدية، ولكن الامام عليه السلام علّل عدم الخمس بالمانع وهو: تسريح صاحب الخمس، والاّ كان خلاف الحكمة وهو لا يصدر من الامام وإن صدر منّا.

اذن بمقتضى هذه الأدلة يحقّ للفقيه الفتوى بوجوب الخمس في الهدية اذا مرّت عليها سنة.وأمّا اذا نظرنا الى الآية القرآنية فإننا قلنا انها عامّة لكل غنيمة فتشمل غنيمة الحرب وغنيمة الغوص والمعدن والكنز وتشمل غنيمة الحيازات، والهبات والجائزات والهدايا فإنها كلها غنائم لم يحصل عليها في مقابل لها من أحد، فالغنائم تشمل هذه الامور كلها وان لم تكن شاملة لأرباح التكّسبات الحاصلة -على رأينا- من التجارة أو الزراعة أو الاجارة للأعمال والأعيان وعلى هذا ستكون الآية القرآنية دليلاً آخر على وجوب الخمس في الهدايا والهبات والجوائز وما يحصل عليه الانسان من الحيازات، فلاحظ.

ولهذا سوف نتساءل عن دليل القول بعدم الوجوب، بل بما ذهب اليه صاحب العروة قدس سره من الاحتياط الوجوبي، وبما ذهب اليه السيد الخميني قدس سره من الاستحباب[12] وان كان عدم الوجوب ينسجم مع الاستحباب.

والجواب: ان بعض ما تقدّم من الأدلة كصحيحة علي بن مهزيار قد شكك فيها لإشتمالها على أُمور قالوا: انها لا تنطبق على القواعد الشرعيّة، فيردّ علمها الى أهلها وقد ردّ هذا الإشكال فان الرواية القائلة: (ولم أُوجب عليهم الخمس سنتي هذه الاّ في الذهب والفضة اذا حال عليها الحول)[13] فقالوا ان الذهب والفضة عليها الزكاة وليس عليها

الخمس وقد رددنا ذلك فقلنا ان الزكاة على الدرهم والدينار، وامّا الذهب والفضة فقد يكون عليها الخمس اذا كان ربحاً ودارت عليه السنة.

وقالوا ايضاً: ان بعض الروايات كموثقة سماعة[14] انها مقيدة بالروايات القائلة بوجوب الخمس في الفائدة التي تحصل يوماً فيوماً، والجائزة ليست كذلك، اذن الرواية تنصرف الى التكسبات.

وبعض الروايات: كما في ما رواه ابن ادريس فقالوا: فيها تكملة وهي: (وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكلها العيال، انما يبيع منه الشيء بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه شيء من الخمس؟ فكتب امّا ما اكل فلا وامّا البيع فنعم هو كسائر الضياع)[15] فقالوا: انها تدلّ على عدم الخمس في الهدية وهذا احتمال احتمله السيد البروجردي[16] ، اذن تكون الرواية ناظرة الى وجوب الخمس في التكسّبات.

وبعض الروايات: كرواية احمد بن محمد بن عيسى عن يزيد بن اسحاق التي صرّحت بوجوب الخمس في الجائزة وقد ردّها السيد البروجردي قدس سره: بأنه لا توجد في الكتب الاربعة، رواية يرويها احمد بن محمد بن عيسى عن يزيد الاّ هذه الرواية، ويزيد هذا مجهول[17] فهي ساقطة ولهذا احتاط صاحب العروة قدس سره احتياطاً وجوبياً والسيد الخميني قال بالإستحباب لأنه قيّد الفائدة بما اذا حصل يوماً فيوماً، وامّا الجائزة والهدية والهبة فليست كذلك.

اقول: كل هذه الاشكالات على النصوص واضحة الرّدّ وقد تقدّم ردّها فلا نعيد، واذا تبيّن فساد بعض الروايات ففي البقية الواضحة الدلالة والسند، الكفاية في الاستدلال على المطلوب.

اقول: الادلّة الروائية وافية على وجوب الخمس في الهدية واذا نظرنا الى الآية الكريمة التي قلنا انها عامّة لكل غنيمة [18] فانها تشمل حتى الهدية لأنها من دون استثناء مؤنة السنة كالغنيمة الحربية، وامّا وجوب الخمس فيها فهو فتوى قطعية للأدلّة الروائية ولدخولها في معنى الغنيمة التي قالت الآية الكريمة بوجوب الخمس في كل غنيمة، وحينئذٍ سيكون الاحتياط في وجوب الخمس من دون استثناء مؤنة سنته، فلاحظ.

 


[7] هو: احمد بن محمد بن عيسى بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الأحوص بن سائب بن مالك بن عامر الاشعري...) كما ذكر النجاشي في رجاله برقم (198) 2: 81 -82.
[8] قال النجاشي: (يعقوب بن يزيد بن حّماد الانباري السلمي، ابو يوسف من كتاب المنتصر، روى عن ابي جعفر الثاني عليه السلام وانتقل الى بغداد وكان ثقة صدوقاً كتاب البداء....) رجال النجاشي: 450 برقم (1215) وعدّه الشيخ من اصحاب الرضا برقم (5488) ص369 والهادي برقم (5797) ص393 وقد وثقه مع ابيه. المقرر.
[10] تقدم في الحاشية السابقة توثيق الشيخ ليعقوب ووالده يزيد في رجاله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo