< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ حكم الارض اذا بيعت تبعاً للآثار على الذمّي/ خمس الارض التي اشتراها الذمّي / كتاب الخمس

مسالة40: لو كانت الارض من المفتوحة عنوة وبيعت تبعاً للآثار ثبت فيها الحكم لأنّها للمسلمين فاذا اشتراها الذمّي وجب عليه الخمس وان قلنا بعدم دخول الارض في المبيع وان المبيع هو الآثار, ويثبت في الارض حقّ الاختصاص للمشتري وأمّا اذا قلنا بدخولها فيه فواضح. كما انه كذلك اذا باعها منه اهل الخمس بعد أخذ خمسها فانهم مالكون لرقبتها ويجوز لهم بيعها(1).

1)كأن ّما تقدّم هو في غير الارض الزراعية أو العامرة وقت الفتح وهي الارض الخراجية, وهي الارض الميّتة فجاء وذكر بيع الارض المفتوحة عنوة:

الصورة الأُولى: ان يُبنى على ان المسلم يملك الارض المفتوحة عنوة اذا وقعت تحت يده بالإحياء أو غير الاحياء «كما اذا جعلها كراجاً للسيارات» كالأراضي الميّتة مع فرقٍ وهو ان إحياء الأراضي المفتوحة عنوة انما يكون مُملّكاً للمسلم فقط, امّا الاراضي الميّتة فهي ملك لمن احياها مسلماً كان ام غير مسلم.

فعلى هذا المبنى اذا باعها المسلم بعد الاحياء الى الذمّي, فلا اشكال في وجوب الخمس في هذه الارض على الذمّي, لأنّه يصدق عليه عنوان هذا الخمس على مبنى صاحب العروة قدس سره «ذمّي اشترى من مسلم ارضاً »[1]

وهذه الصورة اشار اليها صاحب العروة قدس سره بقوله: «واما اذا قلنا بدخولها (اي الارض) فيه (في البيع) فواضح».

نعم قد يقول صاحب هذا المبنى: ان هذه الارض التي هي للمسلمين وملكها المسلم بالاحياء تخرج عن ملكه بالخراب وترك الاحياء لها, أو يقول بان هذه الملكية ملكية متزلزلة تزول عند تركه للاحياء وصيرورتها ميّتة.

اذن يكفي على هذا المبنى من وجوب الخمس هو حدوث الملكية بالإحياء وان لم تكن هذه الملكية باقية عند حصول موت الارض. لأنه يصدق ان الارض انتقلت من المسلم الى الذمّي بالشراء حين احيائها.

اقول: هذا المبنى باطل لأن الصحيح هو ان الاراضي الخراجية هي ارضٌ موقوفة لجميع المسلمين.

فالمالك لها, جهة حقوقية اعتبارية قانونية وهي جهة المسلمين, من كان موجوداً زمن الفتح ومن يأتي بعدهم, ولا

تكون ملكاً للمسلمين بالإحياء أو العمل عليها, نعم تترك بيد مَن يعمرّها من المسلمين, وهذا لا يصدق عليه انه ملكها ملكية شخصية بحيث يتمكّن من بيعها لغيره ذميّاً كان ام غير ذمّي لأنه ليس مالكاً لها ولا بيع الاّ في ملك.

الصورة الثانية: ان يبيع الحاكم الشرعي الارض الخراجية الى الذمّي لمصلحة يراها الحاكم في هذا البيع حسب

ولايته ونفوذ تصرّفاته في رقبة الاراضي الخراجية وهذه الصورة قد تكون دخولها «اي الارض» فيه «في البيع» اذن هذه العبارة تشمل الصورة الاولى وهذه الصورة, فلاحظ.

اذن على هذه الصورة: ايضاً يجب الخمس على الذمّي, لأن صحيحة الحذّاء تقول: «ايّما ذمّي اشترى من مسلم ارضاً فعلية الخمس»[2] فان هذه الجملة وان كانت ظاهرة في الشراء من المسلم الذي يملك ملكية حقيقية وله شخصية حقيقية, الاّ ان العرف يُلغي هذه الخصوصية ونفهم من العبارة المتقدّمة مطلق ما ينتقل من المسلمين فيتمكن من بيعها وان لم تكن هي ملكاً حقيقية.

الصورة الثالثة: ان يشتريها الذمّي من المسلم تبعاً لما فيها من الآثار فالمسلم عندما أوجد فيها آثاراً صار له حقّ الاختصاص بها عندما احياها او عندما اخذها من الحاكم في قبال الخراج وهنا حكم صاحب العروة قدس سره بوجوب الخمس في الارض.

ولكن خالف صاحب العروة اكثر المعلّقين على العروة[3] ووجه المخالفة هو ان صحيحة الحذّاء ظاهرة وناظرة الى ان يتملّك الذمّي الارض بالشراء, وهنا لم يتملك الذمّي الارض بالشراء بل صار له حقّ الاختصاص عندما اشترى الآثار التي عليها.

ولكن يرد على من خالف صاحب العروة قدس سره بهذا القول وهو يرى انه لا خصوصية للشراء وان الحكم لكل ذمّي انتقلت له ارض من مسلم كما هو راي السيد الخوئي قدس سره[4] اذن هنا حصل نقل الارض من المسلم الى الذمّي «ولو لم يملك المسلم ولا الذمّي الارض الاّ أنّه يتصرّف في الارض من دون مزاحمة احد له كالمالك اذا كان البناء موجوداً فيها» فان النقل عام يشمل نقل الملكية من المسلم الى الذمّي ويشمل نقل حقّ الاختصاص[5] .

نعم اذا قلنا: ان المسلم الذي جعل آثاره على الارض الخراجية لا يكون له حقّ الاختصاص, بل له حقّ الانتفاع بالأرض كالمستأجر من دون حصول اي حقّ له في الارض, فهنا لا يجب الخمس, بناءً على ان حقّ الاختصاص

يختلف عن حقّ الانتفاع فالأوّل يكون الارتباط بالأرض قوّياً بخلاف الثاني حيث لا يكون له سلطة على الارض.

الصورة الرابعة: يوجد مبنى عند صاحب العروة قدس سره والمشهور وقد تقدّم يقول: ان الاراضي الخراجية التي يستولى عليها المسلمون بالحرب تكون خاضعة للخمس, وحينئذٍ اذا اخذنا الخمس وقسّمناه بين السادة والامام عليه السلام, ثم باع من استلم حقّ الإمام من الارض وعمّره أو باع من استلم حقّ السادة وعمّره واحياه, ثم بيعت هذه الارض المملوكة للسادة أو لغيرهم الى الذمّي, فهنا لا اشكال في تعلّق الخمس لأنّ الذمّي قد اشتراها من مسلم مالك لرقبة الأرض, فيشمله دليل الخمس بصورة واضحة.

اقول: تقدّم بطلان هذا المبنى وقلنا ان الخاضع للخمس من الغنيمة هو المنقول ولا يشمل الارض العامرة وقت الفتح لأنها غير منقولة, فلاحظ.

هذا كلّه مع القول بوجوب الخمس الاصطلاحي في الارض التي اشتراها الذمّي من المسلم.

امّا على المختار من ان الخمس هنا «فيما اذا انتقلت الارض من المسلم الى الذمّي» هو عبارة عن محصول الارض من الجزية التي تؤخذ من الذمّي, فالحكم بوجوب الخمس هنا لا يختصّ بالأرض المملوكة له بل كل ارض صارت تحت يده واستيلائه واستثمرها بالزراعة كان عليه ان يدفع عُشْرينِ من الحاصل (خمس الحاصل)[6] في قبال حرمانه للمسلمين من صدقة الارض (الزكاة) او قل انها اجرة الارض ووضع الجزية على الحاصل لا على الرؤوس.

امّا اذا اشترى الارض الميّتة التي احياها مالكها المسلم أو الذمّي بالبناء أو الغرس فهي لا تُسّمى ارضاً فلا خمس اصلاً لأن الدليل جاء في الارض لا في البستان أو الدار أو المعمل, فلاحظ الاختلاف بين المبنيين.

 


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9ص505باب9 مما يجب فيه الخمس1 طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9ص505باب9 مما يجب فيه الخمس1 طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[3] كالسيد عبد الهادي الشيرازي والشيخ عبد الكريم الحائري والسيد الخميني والسيد (ابو الحسن) الاصفهاني قدس الله اسرارهم. راجع العروة الوثقى مع تعليقات عدة من الفقهاء العظام ج4: 272 طبع مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة.
[4] المستند في شرح العروة الوثقى، السيد الخوئي 25: 179. طبع مؤسسة الخوئي الاسلامية.
[5] فاالملكية عبارة عن علاقة اختصاص المالك بالأرض علاقة مطلقة وشديدة، أمّا الحق فهو عبارة من علاقة اختصاص الانسان بالأرض علاقة من بعض الجهات أو علاقة ضعيفة. من الاستاذ.
[6] فالذمّي مرّة يشتري من المسلم ارضاً ميته قد احياها بالزرع، فيجب عليه اعطاء خمس الحاصل جزية أو جزية وما قابل حرمان المسلمين من زكاتها أو خمسها ومرّة يشتري من المسلم الارض الخراجية فايضاً عليه خمس الحاصل اجرة وجزية. فلاحظ فالقرائن السابقة وصحيحة محمد بن مسلم (وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب9 مما يجب فيه الخمسح1 ج ص ) فسّرت الارض التي اشتراها الذمّي من المسلم بأنها ارض زراعية فهي تشمل كلا الصورتين. من الاستاذ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo