< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ خمس الارض يتعلق بذاتها لا بما فوقها / خمس الارض التي اشتراها الذمّي/ كتاب الخمس

وانما يتعلّق الخمس برقبة الارض دون البناء والاشجار والنخيل اذا كانت فيه(1).

ويتخير الذمّي بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها ومع عدم دفع قيمتها يتخير وليّ الخمس بين اخذه وبين اجارته وليس له قلع الغرس والبناء بل عليه ابقاؤها بالأجرة(2). وان اراد الذمّي دفع القيمة وكانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوّم مشغولة بها مع الاجرة فيؤخذ منه خمسها. ولا نصاب في هذا القسم من الخمس.

1)تعرّض صاحب العروة قدس سره الى ان الخمس هو في العين المشتراة, فانّ الظاهر من قول الامام الباقر عليه السلام في الرواية: (عليه الخمس)[1] هو ان الذمّي يجب عليه اعطاء خمس الارض.

وعلى هذا لا خمس على الاشجار والبناء والنخيل اذا كان موجوداً في الارض المشتراة, لأنّ الوارد في الدليل هو خمس الارض المشتراة, وحينئذٍ البناء والشجر والنخيل كلها خارجة عن مفهوم الارض.

وهذا صحيح اذا كان المراد من خمس الارض هو خمس مطلق الارض زراعية كانت ام غير زراعية.

امّا اذا قلنا ان الحكم مختصّ بالأرض الزراعية فتكون الارض التي عليها بناء وشجر أو نخل خارجة عن المورد, لأنه لم يشتر ارضاً زراعية, بل اشترى داراً او بستاناً, فاذا كانت الارض تتبع البناء او الفرس للسيرة المتشرعية القائمة على ان المسلم اذا غرس او بنى كانت الارض تابعة لغرسه وبنائه فلا يكون فيها الخمس.

نعم نتكلم في الارض الزراعية اذا اشتراها الذمّي اذا كانت مشغولة بالزرع, فهل يجب اعطاء خمس الارض وخمس الزرع باعتبار ان الارض تطلق على الارض الخالية من الزرع وعلى الارض الزراعية المشغولة بالزرع.

ولكن نقول: الوارد في الدليل هو (اذا اشترى ارضاً)[2] وهي المعدّة للزراعة (الخراجية) فعلى الذمّي خمسها, الارض المزروعة فالأرض يصدق عليها انها معدّة للزراعة كانت مزروعة فلا خمس في الزرع.

2)الذمّي يتخيّر بين دفع الخمس من العين أو دفع قيمة خمس العين, كما ذكره صاحب العروة قدس سره ولكن هذا قد دلّ عليه الدليل في الخمس الاصطلاحي وهو خمس الفائدة اما هذا الخمس فلا دليل على كفاية خمس القيمة.

على ان ظاهر الدليل القائل: (عليه خمس الارض) هو ان عليه خمس العين ولا يجزي خمس العين قيمةً, خصوصاً اذا قلنا ان العين وهي الارض اهم من النقد وأحسن.

نعم لوقلنا: ان المال احسن من الارض لكان الجواز في أخذ قيمة خمس العين واضحاً, لكن الكلام في صدقه خارجاً ودائماً.

فما قاله البعض: من انه لا ملزم للحاكم الشرعي بأخذ العين, بل له اخذها وله أخذ قيمة خمس العين وله ابقاؤها بمقتضى الشركة في العين, وحينئذٍ له حقّ إجارتها وقالوا ليس للحاكم اجبار المالك بدفع خمس قيمة العين لأن مالك الارض مسلّط على ماله ونفسه, لا يكون وجيهاً لاختلاف هذا الخمس عن الخمس الاصطلاحي.

نعم اذا قلنا ان هذا الخمس على نسق خمس الفوائد فالحاكم له حقّ في ان يأخذ خمس العين وله الحقّ في ان يأخذ خمس قيمة العين وله الحقّ في ان يأخذ اجارتها من الذمّي, ولو كان فيها نخل يجوز له اخذ اجرة خمس الارض التي يملكها.

نعم قد يقال: ان السيرة المتشرعية القائلة: بجواز أخذ الجزية من أهل الذمّة على الرؤوس, أو أخذ الخمس من حاصل الارض, تهدم اصل وجوب الخمس في الارض التي اشتراها الذمّي من مسلم.

وانما نقول: بوجوب عُشْرَينِ على الحاصل الزراعي اذا اشترى ارضاً زراعية فقط.

ثم على رأي صاحب العروة قدس سره اذا انتقلت الارض الى الذمّي وهي مشغولة بالغرس او البناء, فالغرس والبناء يكونان ملكاً للذمّي بلا خمس فيه, ولكن الارض اذا كان فيها خمس فهل يكون على الذمّي اجرة الارض بمقدار خمسها؟ أو يكون للذمّي الحقّ في ابقاء غرسه أو بنائه من دون اجرة؟

قال مشهور المتأخرين بالاجرة على الذمّي بمقدار اجرة الارض. ووجهه: ان صاحب البناء أو الغرس قد وضع غرسه أو بناءه بغير تعدٍّ الاّ انّ هذا لا يسّوغ له ابقاء هذا البناء أو الغرس في الازمنة اللاحقة في حقّ صار للغير وهو الخمس, لأن الارض هذا لم تكن مملوكة لصاحب الغرس وليس له حقّ في ابقائه على الارض لمدّة معيّنة بل كان وضع البناء او الغرس بغير تعدٍّ وهو لا يبرّر البقاء لما يأتي من الزمان مجّاناً.

ولا يعتبر نيّة القربّة حين الأخذ حتى من الحاكم بل ولا حين الدفع الى السادة(1).

1)ان عباديّة الخمس لم تثبت بدليل لفظي حتى يتمسك بإطلاقه, بل استفيدت العبادية من الاجماع تارة, وتارة اخرى من الارتكاز والسيرة القطعية ومن حديث المباني القائل: (بُني الاسلام على خمس[3] ) ومنها الزكاة, وبما ان الخُمس هو بدل الزكاة للإمام وللسادة الكرام, فقالوا: ان مبنى الاسلام لابدّ ان يكون أمراً عبادياً لا مجرّد أخذٍ أو دفع.

اذن هذه الامور المتقدّمة كلها تخصّ المسلمين الذين يدفعون الخمس ولا تعمّ الخمس المأخوذ من الكافر, وعلى هذا لا يعتبر القربة من الذمّي ولا تُعتبر القربة من الحاكم الشرعي حين الأخذ أو حين الدفع, وذلك لأن الحاكم الشرعي ليس وليّاً للذمّي الدافع, بل الحاكم يأخذ الخمس بولايته عن صاحب الخمس أو الجهة المالكة للخمس, وعلى هذا نفهم ان ما قاله في المسالك[4] ووافقه بعض المحشّين على العروة[5] من اعتبار نيّة القربة من الحاكم أو نائبه

حين الأخذ او الدفع الى السادة لا أساس له.

هذا كله اذا قلنا ان الخمس هنا هو الخمس الاصطلاحي الذي يكون للإمام عليه السلام وللسادة, وأمّا اذا قلنا ان الخمس هنا هو ضريبة جعلها الله لبيت مال المسلمين, فلا دليل على نيّة القربة اصلاً, فلاحظ.

 


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9ص505باب9 مما يجب فيه الخمس1 طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9ص505باب9 مما يجب فيه الخمس1 طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1 ص13 -20 باب1 من ابواب مقدمة العبادات ح1 وح2 وح10 وح11 وح15 وح18. طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[4] قال صاحب المسالك رحمه الله: (ويتخير الامام او الحاكم.... ويتوليان النية عند الأخذ والدفع وجوباً عنهما لا عنه مع احتمال سقوط النيّة هنا) مسالك الافهام، للشهيد الثاني زين الدين العاملي ج1: 466 طبع مؤسسة المعارف الاسلامية سنة 1425.
[5] وهو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء اذ قال: (الاحوط النيّة من الحاكم أو نائبه) العروة الوثقى مع تعليقات عدة من الفقهاء العظام ج4 ص271 طبع مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo