< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ مصرف خمس الارض التي اشتراها الذمّي/خمس الارض التي اشتراها الذمّي / كتاب الخمس

ومصرفه مصرف غيره من الاقسام على الاصح(1).

1)اقول: اذا فسرنا الصحيحة بارادة خمس ناتج الارض كما هو الصحيح – كما تقدّم – فحينئذٍ سيكون مصرفه هو مصرف الخراج والجزية وهو راجع الى بيت المال, لأنه ما يؤخذ من الذمّي فلا يكون زكاة ولا خمساً واذا فسّرنا الصحيحة بارادة خمس الارض كما قال صاحب العروة قدس سره اذن سيكون مصرفه هو مصرف الخمس الاصطلاحي.

وهناك من قال بأن مصرفه هو مصرف الزكاة كما احتمله صاحب المدارك[1] ووجه هذا ان الخمس على الأرض الزراعية, والأرض كانت زراعية بيد المسلم, وقد اشتراها الذمّي, فالخمس الذي يؤخذ من الحاصل يصرف في الزكاة.

اقول: ان هذا الدليل اعم من ثبوت الزكاة لأن الأرض الزراعية اعم من كونها زراعية حنطةً او شعيراً أو غرس تمر أو زبيب, اذْ قد تكون لزراعة العدس والحمص والرز واشباه ذلك مما لا زكاة فيه.

وعلى ما قلناه من انه في الارض الزراعية الخراجية التي تحت يد الذمّيين يؤخذ منهم اجرة وجزية, فلا يجب تحديده بالخمس, لأن الرواية تقول: ان الخلفاء او حتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد صالحهم على ذلك بالخمس, واذا كان هذا عمل الخلفاء فقد امضاه الامام عليه السلام اذن لابدّ من رفع اليد عن ظهور تحديد الخمس الوارد في الرواية على انه حكم شرعي غير قابل للتغيير والتبديل, اذن هو حكمٌ حكم به وليّ الأمر وليس حكماً شرعياً أوّليّاً, اذن يمكن للحاكم الشرعي ان يزيد أو ينقص من الخمس بحسب مصالح الزمان.

وفي وجوبه في المنقلة اليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات اشكال, فالاحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في عقد المعاوضة وان كان القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوّة(1).

1)هذا البحث يأتي على القول الاول القائل باخراج الخمس الاصطلاحي كما هو قول صاحب العروة قدس سره.

امّا على القول الثاني القائل باخراج الخمس من حاصل الارض, فلا اشكال في التعميم لكل ارض انتقلت من مسلم الى ذمّي ببيع أو صلح أو مجاناً أو شرط في متن العقد, لأنّ مفاد دليل هذا القول هو كلّ ارض زراعية أو قل كلّ ارض خراجية وهي العامرة وقت الفتح تنتقل الى الذمّي عليه دفع خمس حاصلها لكي لا يبطل حقُّ المسلمين من الارض, ومن الواضح انه لا دخل لخصوصية الانتقال والمعاملة في ذلك فكلّ من استفاد من الأرض التي هي للمسلمين عليه اجرتها فاذا أُضيف اليها الجزية صارت خمساً من الحاصل سواء كانت زراعية كما هو الغالب أو لم تكن زراعية وان كانت عامرة وقت الفتح بأن زال العمار الذي كان فيها الاّ انها تبقى للمسلمين, فلو استفاد منها في غير الزرع كجعلها مرأباً «كراجاً» للسيارات فعليه الاجرة ثم اذا اراد أن يكون الجزية على الحاصل فيعطي عشر الحاصل أيضاً فصار خمس حاصلها.

وكذا اذا بناها فعليه اجرة الارض التي هي للمسلمين وحينئذٍ ستكون الجزية مع الرؤوس, لعدم وجود حاصل منها حتى تكون الجزية في الحاصل.

اذن كل ارض خراجية عليها اجرة فان كان لها حاصل يتمكن ان يجعل الجزية على الحاصل وان لم يكن لها حاصل كما اذا بناها, فالأجرة عليه للمسلمين وجزية على الرؤوس, فلاحظ,

وعلى القول الأوّل: فهل وجوب اخراج الخمس يختصّ بالبيع والشراء فقط كما هو مقتضى الجمود على النصّ والاقتصار على حكم مخالف للقاعدة على مقتضى الدليل؟

أو يكون وجوب الاخراج للخمس عامّاً لمطلق المعاوضات كالصلح والمبادلة؟

او يكون وجوب اخراج الخمس عاماً لمطلق الانتقال وان لم يكن معاوضة كالهبة والشرط في متن العقد؟

ذهب السيد الحكيم قدس سره الى القول الاول وقال: (اذ لا قرينة على هذا الالغاء مع احتمال الخصوصية[2] ) اي عنوان الشراء الوراد في الرواية.

وقوّى السيد الخوئي قدس سره القول الثالث: اذ قال: (ان العرف يلغي خصوصية الشراء ويرى ان الأرض اذا انتقلت الى الذمّي تحقّق موضوع الخمس على الذمّي, كما لو منع المسلم من بيع القرآن الى الكتابي الذمّي أو منع المسلم من بيع العبد على الكتابي الذمّي, فالعرف لا يرى خصوصية للانتقال البيعي)[3] .

وبعبارة اخرى: ان الحكم وهو اعطاء الخمس ووجوبه على الذمّي يكون على قسمين:

القسم الاول: ان يكون الحكم متعلّقاً بنفس العقد (عقد البيع والشراء) وحينئذٍ لا تتعدّى الى عقد آخر مثل

الصلح فضلاً عن غير العقود كالهبة, كما اذا قال الشارع: (البيّعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع)[4] وكما اذا قال الشارع: (نهى النبي عن بيع الغرر)[5] فلا يتعدّى الى غير المعاوضة اذا كان فيها غرر كما في الهبة اذا كان فيها غرر وجهالة.

القسم الثاني: ان يكون الحكم متعلّقاً بالمنتقل عنه والمنتقل اليه, فالخمس واجب على الذمّي الذي اشترى ارضاً من مسلم, وليس الحكم متعلّقاً بنفس العقد, اي ان الحكم متعلّق بخصوصية المنتقل اليه وهي الكفر وخصوصية المنتقل عنه وهو المسلم (الاسلام) فهنا لا يتأمل العرف في التعدّي الى مطلق النواقل.

وبما ان الظاهر ان الحكم هنا ليس من احكام نفس العقد بما هو بيع وشراء وانما نكتته هو استيلاء الذمّي على ارض المسلمين بأيّ وجه من وجوه الاستيلاء, فيقوى ما قاله السيد الخوئي قدس سره خلافاً للسيد الحكيم قدس سرهما.

وقد نقول: تأييداً للسيد الخوئي قدس سره: بأنّ الحكم اذا كان ثابتاً في البيع والشراء فهو ثابت في الهبة بطريق أولى.

امّا القول القائل: بان الحكم يتعدّى من البيع والشراء الى المعاوضات فقط فهو قول صاحب العروة قدس سره حيث اعتبر انّ الشراء مثال للمعاوضة, فالمهم هو المعاوضات.

ملحوظة: ان صاحب العروة قدس سره احتاط هنا «في صورة كون الانتقال بغير البيع» فقال: الأحوط اشتراط الخمس عليه في المعاوضة اذا لم تكن بيعيّة, فيصح أخذ خمس الارض من الذمّي على كل ّحال.

ويرد عليه:

اولاً: الشرط اذا كان يعني ان يكون عليه الخمس الشرعي, فهذا شرط باطل, لأنّ الخمس الشرعي بيد الشارع لا بيد المتعاقدين ولا من افعالهما حتى يشترطه احدهما على الآخر.

ثانياً: اذا كان الشرط هو شرط ان يفعل المشتري الذمّي هذا الأمر بأنْ يدفع خمس الارض الى اصحاب الخمس «سواء كان عليه خمس ام لم يكن» فهذا الشرط لا يوُجد حقّاً لأصحاب الخمس كما هو المحقّق في مبحث الشرط في العقد, بل يوجد حقّ الزام المشتري الذمّي بدفع الخمس الى صاحبه, وصاحب الالزام هو صاحب الشرط (البائع) فلو لم يعمل الذمّي هذا العمل يثبت حقُّ الفسخ للبائع, فان فسخ رجعت الارض الى البائع واذا لم يفسخ الذمّي بالشرط, فلم يحصل اصحاب الخمس على الخمس فالشرط باعطاء الخمس لا يفي بالمقصود من حصول اصحاب

الخمس على الخمس يقيناً, فلا فائدة في هذا الشرط.

 


[1] مدارك الاحكام للسيد محمد العاملي 5: 339.
[2] مستمسك العروة الوثقى للسيد الحكيم 9: 508.
[3] المستند في شرح العروة الوثقى للسيد الخوئي 25: 180.
[4] الكافي للكليني 5: 170: 6.
[5] المغني لابن قدامة:4: 77.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo