< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ مناقشة ما ورد من تضعيف الحسن بن محبوب/ خمس الارض التي اشتراها الذمّي / كتاب الخمس

الثاني: ان احمد بن محمد بن عيسى انما لم يرو عن الحسن بن محبوب مدّةً لانّه اتّهم الحسن بن محبوب في روايات عن الثمالي الذي لم يعاصره, فيكون ابن محبوب مدَلّساً فهو غير ثقة.

اذن هذه الرواية لم يكن سندها معتبراً لعدم اعتبار رواية احمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب.

ولكن هذا كله باطل: لأن النجاشي في ترجمة احمد بن محمد بن عيسى قال: (قال الكشي عن نصْر بن الصباح: ما كان احمد بن حمد بن عيسى يروي عن ابن محبوب من اجل ان اصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن ابي حمزة الثمالي ثم تاب ورجع عن هذا القول[1] )

اذن العيب في ابن محبوب اذ كيف يروي عن ابي حمزة مع عدم معاصرته اما رواية احمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب فهي ممكنة ولا عيب فيها.

وبما ان هذا الذي عمله ابن محبوب في روايته عن ابي حمزة «قد وجدها في رسالة, وقد استجاز ابو الحسن بن محبوب لولده ان يرويها» أو قد رواها من دون واسطة بين الحسن بن محبوب وابي حمزة الثمالي وهو ما يُسمّى بالتدليس الجائز الذي يعمله الرواة فلا يقدح في عدالة ابن محبوب الثقة الجليل الذي اكثر الاجلّة الرواية عنه اذن الرواية معتبرة.

نعم في هذا يكون الراوي قد أوهم الاتّصال ولكن لم يوجد اتصال, وهذا ليس كذباً الاّ انه مذموم عند اهل الحديث, مكروه عند اكثر اهل العلم.

اقول: التدليس الجائز عند الرواة مثل ما يحصل عند المؤلفين الذين لم يشاهدوا كتاب الوسيط – مثلاً – ولكن شاهدوا مصدراً يروي عن كتاب الوسيط, فجعلوا مصدرهم الوسيط.

وبعبارة اخرى: حينما ارى كتاب معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري يروي عن البخاري ومسلم فاجعل انا مصدري البخاري ومسلم مع عدم مشاهدة الرواية في كتابيهما بل اعتمد على رواية معالم المدرستين عنهما فاجعل مصدري هو البخاري ومسلم واحذف الواسطة وهو معالم المدرستين.

ثم ان غاية ما يقال: ما علم التدليس من ابن محبوب يرد, امّا في مقامنا فاحمد بن محمد بن عيسى روى عن ابن محبوب وهو ثقة فالرواية صحيحة ولم يرو ابن محبوب عن الثمالي حتى يقال بوجود واسطة محذوفة.

اذن ما رواهُ ابن محبوب عن الثمالي امّا يتوقّف فيه لانه لم يرو عنه أو يقال ان والد الحسن بن محبوب اخذ له اجازة ان يروي عن كتاب معروف معين وان لم يكن متمكّناً من الرواية حين أخذ الاجازة له, وتمكّن بعد ذلك, اذن لا يتوقّف في رواياته.

امّا هذه الرواية فليس فيها رواية الحسن بن محبوب عن الثمالي بل الحسن بن محبوب يروي عن ابي ايوب الخزّار (ابراهيم بن عثمان عن ابي عبيدة الحذّاء).

هذا كلّه اذا غضضنا النظر عن مبنانا في الاصول القائل بان ابن محبوب هو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه[2] وانه احد الاربعة, أركان المذهب في عصره, فلاحظ.

2ـ نوقش في دلالة صحيحة ابي عبيدة الحذّاء فقالوا: ان الصحيحة خالية عن ذكر متعلّق الخمس ومصرفه فلا يعلم ان المراد خمس نفس الارض او خمس حاصلها, اذ يحتمل ان المراد خمس حاصلها لأنه نسب الى مالك انّه قال: ان الذمّي اذا اشترى ارضاً من مسلم (وكانت الارض عشريّة) ضُوعف عليه العشر وأُخذ منه الخمس[3] .

اذن هذه الرواية قد صدرت تقيّة مراعاةً لأهل السنّة الذين قالوا بمضاعفة الزكاة على الذمّي.

ويرد على هذه المناقشة: انها باطلة وذلك:

اولاً: لان الحمل على التقيّة انما يكون اذا كان في رواياتنا تعارض فتحمل الرواية المعارضة على التقيّة امّا هنا فلا يوجد في رواياتنا تعارض, بل هذه الصحيحة توجب الخمس على الذمّي الذي يشتري ارضاً من مسلم وليس لها اي معارض.

نعم مالك يقول: (ان الارض العشرية التي يشتريها الذمّي من مسلم عليها ضعف العشر[4] )

ثانياً: ان الرواية مرورية عن ابي جعفر الباقر عليه السلام وهو قد توفي وعمر مالك ثمانية عشر عاماً لأنّ مالكاً تولّد سنة 96 ه ووفاته سنة 179ه ففي الثامنة عشر عاماً لم يكن مالك صاحب فتوى والامام الباقر كانت امامته من سنة 95ه الى سنة 114ه على ان الرواية لم يعلم صدورها في سنة وفاة الامام الباقر عليه السلام اذ لعلها صدرت ولم يكن مالك بالغاً.

ثالثاً: الارض المذكورة في الرواية مطلقة للأرض الزراعية وغيرها, والزراعية اعم من كونها زكوية أو غير زكوية, بينما رواية مالك هي في الأرض الزراعية العشرية (الزكوية) فالتخصيص بالعشرية والحمل على التقيّة بعيد جدّاً.

رابعاً: الخمس اصطلاح قرآني في مقابل الزكاة فيبعد ان يراد بالخمس العشران, ولذا لا يناسب التعبير بالخمس في باب الزكاة ولو فرض التساوي مقداراً.

اقول: لعلّ مالكاً استفاد من الرواية المروية عن امامنا الباقر عليه السلام هذا الحكم الاّ انه خصصّ بحاصل الارض العشرية اجتهاداً منه كما سيأتي وهو لا موجب له.


[1] رجال النجاشي، للشيخ احمد بن علي الاسدي النجاشي: 82 برقم (198).
[2] ذكر ذلك الاجماع الطوسي في العدّة و الكشي في رجاله 556: 1050.
[3] المعتبر الحلّي 2: 624.
[4] المعتبر الحلّي 2: 624.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo