< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ الكلام ايضاً في كيفية اخراج الخمس وهل يتوقف على اذن الحاكم الشرعي/ المال الحلال المختلط بالحرام / كتاب الخمس

وممّا يوكّد عدم صحّة ما ذكره صاحب العروة من الضمان ما قاله السيد الخوئي قدس سره وهو: لماذا ذكر ضمان الخمس, فان المالك اذا ظهر وبيّن ان ماله اكثر من الخمس فينبغي ان يكون الضمان للاكثر لا للخمس

أقول: وهذا الذي ذكره السيد الخوئي قدس سره غير صحيح, لأنه انما يكون صحيحاً اذا كان المراد من الضمان هو الضمان الاصطلاحي, امّا نحن فنقول: بان المراد من الضمان هو اذا طلب المالك بعد ظهوره وبعد اداء الخمس فيجب على معطي الخمس ان يعطيه حقّه, وهذا ليس الاّ حكماً تكليفياً وهو بعيد عن الضمان.

على أنّ الإذن من الشارع بإعطائه خمْساً أو صدقة لا يدلّ على عدم التكليف بإرجاعه اذا ظهر صاحبه وطالب به كما في الاذن في الحجّ بلبس المخيط للضرورة فانه يفيد الجواز ولا يفيد في رفع الكفارة, وكذا الاذن في التظليل للمريض ولكن تجب عليه الكفارة وجوباً تكليفاً.

اذن لا بدّ ان نرى هنا, هل يوجد دليل على وجود حكم تكليفي باداء هذا المال الى صاحبه اذا ظهر وطالب به أو لا؟ هذا هو المهم وسوف يأتي منّا الدليل على ذلك فلا يكون تنافياً بين أمره بالخمس أو التصدّق ولكن اذا ظهر صاحبه وطالب به بعد ذلك وجب ارجاعه اليه فانتظر.

ثم ان نفس الكلام المتقدّم نقوله في مجهول المالك اذا تصدّق به ثم ظهر صاحبه ولم يرضَ بذلك, فيجب على المتصدّق ان يدفع له المال, وليس هذا يعني فسخ الصدقة, بل تبقى الصدقة لازمة وينتقل ثوابها الى المتصدِّق به ولا تكون لصاحب المال المجهول.

وكذا اللقطة: فقد ثبت الضمان على تقدير ظهور المالك ومطالبته, فالضمان هنا ليس ضماناً إصطلاحياً مستنداً الى اليد أو الاتلاف, بل هو ضمان متوقّف على مطالبة صاحب المال.

ثم اعلم: ان كلمة الضمان لها ثلاثة معانٍ:

الاول: هو الضمان الاصطلاحي «نقل المال من ذمّة الى ذمّة» بخلاف ما قاله أهل السنّة من ان الضمان هو ضمُّ ذمّة الى ذمّة.

الثاني: ضمان شخص لآخر يريد أخذ قرض من البنك أو من شخص آخر فذمّة الآخر الذي يريد اخذ القرض لم تكن مشغولة حتى أنقل ما في ذمّته الى ذمّتي, بل يقول الشخص الذي يريد اعطاء الدين, ان لم يعط المدين دينه في الوقت المحدد فانت ايها الضامن تعطي الدين اي يجب عليك تكليفاً ان تفي بدين هذا.

الثالث: الضمان الذي ذكره صاحب العروة هنا وهو اذا ظهر صاحب المال الحرام المخلوط بالحلال او اذا ظهر صاحب المال المجهول مالكه أو ظهر صاحب المال الضائع (اللقطة) ولم يرض بالتصدّق وطالب بالمال فهنا يوجد حكم تكليفي بالاعطاء وليست ذمّة التصرف بالمال مشغولة بالمال الذي تصدّق به.

فالضمان بالمعنى الثاني والثالث هو حكم تكليفي بالاعطاء وليس ضماناً اصطلاحياً بحيث تكون الذمّة مشغولة بالمال حين التصرّف لانه بهذا المعنى يجب ان يوصي به المتصرّف وان لم يظهر المالك ولا يكون حقٌ للورثة فيه لأنه ليس للمتصرّف بل هو لغيره, فلاحظ.

امّا في موردنا وهو مجهول المالك, فلا دليل على الضمان الاصطلاحي نعم اذا ظهر المالك وطالب به فهو مسؤول عن اداء حقّه اليه والامر بالخمس أو التصدّق لا يعني عدم وجوب ارجاع المال الى صاحبه عند المطالبة.

وكذا الامر بالصدقة فان الضمان الاصطلاحي غير موجود, نعم اذا ظهر المالك الحقيقي وطالب به فيجب على

المتصدّق اداؤه اليه وهو منصوص أيضاً.

ونتمكّن ان نسري الدليل الوارد في الصدقة باللقطة بالضمان الذي بيّناه الى مجهول المالك والحلال المختلط بالحرام اذا دفع الخمس او أُعطي صدقة وذلك بأن نقول: ان الدليل الذي ثبت في اللقطة لضمان المتصدق ان ظهر المالك ولم يرض به ليس تعبديّاً محْضاً بل هو حكم له موضوع, فالحكم هو ضمان المتصدّق ان ظهر المالك ولم يرض بالصدقة والموضوع هو مال لم يكن معلوم المالك وأمر الشارع بالصدقة به.

وهذا نفسه موجود في مجهول المالك, أمر الشارع باعطاء خمسه او التصدّق به فان ظهر صاحبه ولم يرض به فهو موضوع للضمان الاّ انّه ضمان ليس اصطلاحياً.

اذن على ان الضمان في موردنا (الحلال المختلط بالحرام) اوضح من اللقطة, لأن اللقطة لم يكن فيها اللاقط متعدّياً من اول الأمر, امّا في موردنا فالمالك متعدٍ وواضع اليد على المال الحرام الذي اختلط بالحلال متعدياً بمخالفة الشارع الذي ينهاه على اخذ مال الغير بطريقة غير شرعية فالحكم بالضمان اوضح.

وحتى معتبرة السكوني القائلة: ( تصدّق بخمس مالك[1] .... والباقي لك حلال, فهي تدلّ على عدم الضمان مادام المالك لم يعرف أو لم يطلب[2] فلا ضمان اصطلاحي مستند الى قاعدة اليد وقاعدة الاتلاف, امّا الكلام في وجوب آخر وضمان آخر وهو التكليف بارجاع المال الى صاحبه اذا ظهر وطالب به ولم يرض بالتصدّق في مجهول المالك وفي موردنا فعدم الضمان وعدم وجوب الارجاع مغيّى بعدم ظهور الصاحب والمطالبة بالمال.

اذن الموارد الثلاثة التي هي المال الحرام المختلط بالحلال اذا خرج خمسه أو تُصدّق به وكذا مجهول المالك اذا تصدّق به وكذا اللقطة اذا تصدّق بها, كلها لا ضمان فيها بالمعنى الاصطلاحي ولكن فيها ضمان بالمعنى الآخر الذي هو وجوب تكليفي بارجاع المال الى صاحبه اذا ظهر ولم يرض بفعل الآخر, وروايات الضمان بهذا المعنى في الصدقة, لا فرق بينهما وبين مجهول المالك وموردنا ايضاً كما تقدّم.

واليك الروايات:

1ـ عن أبي بصير عن علي بن ابي حمزة عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليه السلام... قلت: يعّرفه (الدينار

الملقوط في الحرم) قال الراوي: انه قد عرّفه فلم يجد له باغياً؟ قال عليه السلام يرجع الى بلده فيتصدّق به على أهل بيت من المسلمين, فان جاء طالبه فهو له ضامن[3] فانظر الى قوله فان جاء طالبه وهذا التعبير قد ادخل فيه معنى المطالبة, لا المعرفة فقط فلاحظ.

2ـ عن حفص بن غياث قال: سالت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص درهماً واللصّ مسلم, يردّه عليه؟ فقال: لا يردّه, فان امكنه ان يردّه على اصحابه فعل والاّ كان في يده بمنزلة اللقطة يحبسها فيعرّفها حولاً, فانْ أصاب صاحبها ردّها عليه والاّ تصدق بها, فان جاء طالبها بعد ذلك خيّره بين الأجر والغرم فان اختار الأجر فله الأجر, وان اختار الغرم غرم له وكان الأجر له[4] .

انظر اولاً الى جملة (ان جاء طالبها) ففيها معنى المطالبة لا معرفته فقط من دون مطالبة.

وانظر الى جملة (فان اختار الغرم): ففيها معنى ان صاحب المال يطالب به, فلا تكفي للضمان بهذا المعنى المعرفة بالمالك فقط, بل لا بدّ من المطالبة.

وهذه الرواية ستكون دليلاً على أنّ مجهول المالك هو كذلك كالصدقة واللقطة ويكون منصوصاً لانّ هذه الرواية ليست في اللقطة.

 


[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب10 مما يجب فيه الخمس، ح4.
[2] سواء كان عدم الضمان ما دام المالك لم يعرف حكماً ظاهرياً فهو واضح أو حكماً واقعياً، فامّا الحكم الواقعي بارتفاع الضمان ايضاً يمكن ان يكون مشروطاً بعدم ظهور الطالب بمعنى انه معلّق على احد امرين عدم ظهور الصاحب أو ظهوره وعدم مطالبته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo