< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ حكم الانهار العظيمة حكم الانهار في ما يُخرَج منها بالغوص/خمس الغوص /كتاب الخمس

مسألة24: الانهار العظيمة – كدجلة والنيل والفرات – حكمها حكم البحر بالنسبة الى ما يخرج منها بالغوص اذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر (1).

مسألة25: اذا غرَق شيء في البحر واعرض مالكه عنه فاخرجه الغواص ملكه ولا يلحقه حكم الغوص على الاقوى وان كان مثل اللؤلؤ والمرجان لكن الاحوط إجراء حكمه عليه(2).

1)نعم هذه الفتوى صحيحة وذلك لان النهر العظيم كشطّ العرب يطلق عليه لغة وعرفاً أنُه بحر كما في القرآن الكريم حيث قال: «مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان»[1] اذا التقى البحر مع ماء النهر فسمّي النهر بحراً.

والارتكاز العرفي يقضي بإلغاء خصوصية البحر لان المحيط اذا وجد فيه الجواهر واللؤلؤ ففيه الخمس قطعاً مع انه لا يطلق عليه البحر.

فاذا أضفنا اليه عنوان الغوص كما هو مسلك الاكثر لخصوصية الغوص (وان لم يكن برأينا ان له خصوصية» ثبت الخمس فيما يستخرج من الانهار أيضاً.

2)في هذه المسألة مطلبان:

المطلب الأوّل: هل يتملّك الغّواص ما اخرجه ممّا غرق من ممتلكات غيره .

المطلب الثاني: اذا اخرجه بالغوص وملكه هل عليه خمس فوراً؟

اما المطلب الاول: فقد يستدل له بروايتين:

الأُولى: ما رواه الكليني بسنده عن السكوني (اسماعيل بن ابي زياد) عن ابي عبد الله عليه السلام (في حديث) عن امير المؤمنين عليه السلام قال: واذا غرقت السفينة وما فيها فاصابه الناس, فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله وهم أحقّ به وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم[2] .

الثانية: ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن السكوني عن ابي عبدالله عليه السلام قال: سُئل ابو عبدالله عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر فأُخرج بعضها بالغوص وأخرَجَ البحر بعض ما غرق فيها؟ فقال عليه السلام: امّا ما اخرجه البحر فهو لأهله, الله اخرجه وأمّا ما اخرج بالغوص فهو لهم وهم احقّ به[3] .

ولكن الرواية الثانية فيها أُميّة بن عمر الواقع في السند وهو لم يوثّق فالعمدة هي الرواية الأُولى وقد قيّد فيها الحكم بما اذا تركه صاحبه (اي أعرض عنه إختياراً) ولكن هناك من يقول بملكية المستخرج لما غرق في البحر مطلقاً اذا تركه صاحبه سواء أعرض عنه صاحبه ام لا وذلك لان غرق المال يعد عرفاً في ذلك الزمان تلفاً لأنّ صاحب المال عاجز عن الحفاظ على هذا المال بعد حصول الغرق فتركه كما ذكرت ذلك الرواية, فحينئذٍ سيكون المخرج للمال بالغوص محيّياً لهذا المال وحائزاً له بعد ان عُدَّ تالفاً وتركه صاحبه, فيملكه الغائص المستخرج له.

ولهذا نحن نقول: اذا غرق المال في السفينة الاّ ان صاحب المال اذا تركه معرضاً عنه فهو لمن أخرجه بعد ذلك وقد يتركه غير معرض عنه كما اذا ذهب لاستئجار الغوّاصين أو كان هو قد سعى لإخراجه وتركه لأجل جلب الثياب الخاصّة بالغوص لتساعده على الغوص وغاص بنفسه لأجل تحصيل المال فهنا لو أخذ المال غائص آخر إتّفاقاًلم يملكه الغائص الآخر بل يكون لمالكه الاول الذي لم يتركه بعد الغرق.

اذن الرواية حينما قالت اذا تركه صاحبه فهو لمن اخرجه يكون في صورة إعراض المالك الاول عنه بعد أنْ عُدَّ تالفاً.

وأمّا اذا قذف البحر بالمال الغارق على الساحل فهو لمالكه الأصلي وهو أحقُّ به هذا بناءً على إرجاع الضمير في قوله عليه السلام (لأهله) الى الموصول (اذا غرقت السفينة وما فيها...) اي المال.

ولكن الفاضل اللنكراني رحمه الله ارجع الضمير الى الساحل في قوله (لأهله) اي لأهل الساحل اذ قال: (ان المراد هو لأهل الساحل لا خصوصية لهم بل لأنهم اقرب اليه من غيرهم)[4] .

ولكن هذا غير صحيح لان السؤال عمّا غرق وبعد ذلك أصابه الناس والامام عليه السلام أخذ يفصّل بان ما ألقاه البحر فهو لأهله اي لأهل المال الذي غرق مع السفينة لا للناس من اهل الساحل, وما اخرج بالغوص فهو لمن

أخرجه.

ثم انّ ما تقدّم له نظير في الفقه: وهو ما دلّت عليه روايات معتبرة, ومنها: معتبرة ابن سنان الواردة في الدابّة فعن ابي عبدالله عليه السلام أنه قال: من أصاب مالاً أو بعيراً في فلاة الأرض كلّت وقامت وسيبّها صاحبها ممّا لم يتّبعه فإخذها غيره فإقام عليها وأنفق نفقته حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليه وانما هي مثل الشيء المباح[5] .

وكذا معتبرة مسمع عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ان امير المؤمنين عليه السلام كان يقول: في الدابّة اذا سرّحها اهلها أو عجزوا عن علفها أو نفقتها فهي للذي احياها[6] .

فهذه الروايات كلّها تدلُّ على ملكيّة الثاني للشيء بعد ترك الأوّل له وعدّه تالفاً اذا المسألة التي ذكرها صاحب العروة وافتى فيها بأنّ ما اخرجه الغوّاص بعد تلف المال وغرقه وترك صاحبه له, فهو للغوّاص على القاعدة والمعتبرة التي رواها السكوني[7] هي ايضاً مطابقة للقاعدة.

نعم نفسّر الترك بالاعراض كما في الزمان السابق عادة امّا في هذا الزمان فقد لا يكون الترك إعراضاً عن المال الغارق فلا يكون لمن استخرجه صدفة. انتهى الكلام في المطلب الأوّل.

 


[1] سورة الرحمن، آية: 19- 20.
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب11 من ابواب اللقطة ح1.
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب11 من ابواب اللقطة ح2.
[4] تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الخمس والانفال، للفاضل اللنكراني، ص/101.
[5] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب13 من ابواب اللقطة ح2.
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب13 من ابواب اللقطة ح3.
[7] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب11 من ابواب اللقطة ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo