< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل تدل صحيحة البزنطي تدل على الماهية أو المقدار / خمس الكنز / كتاب الخمس

ثم انه من المستبعد ان يكون سؤال البزنطي في باب المعدن عن المقدار (كما تقدّم) وفي باب الكنز عن الماهية, وبما انّ سؤاله في باب المعدن عن المقدار فكذا في باب الكنز.

اذن الرواية واردة في بيان مقدار ما يجب في الكنز اي في نصاب الكنز الذي يجب خمسه.

ولو قلنا بما قاله السيد الخوئي قدس سره فانه يؤدّي الى عدم اعتبار النصاب من حيث الكم في خمس الكنز لأنّ دليل النصاب منحصر في هذه الصحيحة.

او قد يقال: اذا لم نفهم هذا المعنى فتكون الصحيحة مردّدة بين معنيين هما السؤال عن الماهية أو السؤال عن المقدار والنصاب, فتكون مجملة, وحينئذٍ لا يكون للسيّد الخوئي قدس سره أيضاً دليل على انّ النصاب في الكنز هو عشرون ديناراً, كما لا يكون عنده دليل على ان الخمس في الذهب والفضة المسكوكين ولكن نحن ننتصر للسيد الخوئي قدس سره بقولنا: اننا اذا لم نفهم ان السؤال عن المقدار فاننا نفهم ان السؤال عن الماهية والجنس.

ولكن الجواب القائل: «ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس» مطلق اي ان السائل سأل عن الماهية والجنس ولكن الامام عليه السلام اجاب جواباً عاماً فقال: يجب الخمس فيما تجب الزكاة فيه والذي تجب الزكاة فيه هو الذهب والفضة المسكوكان وبلوغه عشرين ديناراً فان السؤال اذا كان ضيّقاً وعن شيء واحد يصح للامام ان يجيب عنه وعن غيره أي ان المماثلة: «ما يجب الزكاة في مثله» تشمل النقدين المسكوكين والمقدار وهو عشرون ديناراً معاً, ولا موجب لقصر المماثلة على الماهية والجنس ما دامت المماثلة مطلقة وحينئذٍ ستكون الصحيحة دليلاً للسيد الخوئي قدس سره:

1ـ في الماهية وهي الذهب والفضّة المسكوكان.

2ـ في المقدار وهو عشرون ديناراً.

فلا يصح القول بان الصحيحة اذا كان السؤال فيها ناظراً الى الماهية والجنس فلا دليل على النصاب في الكنز عند السيد الخوئي.

والانصاف: ان الصحيحة اذا كان السؤال فيها عن الماهية والجنس اذن السؤال عن تحقيق موضوع الخمس, وجاء الجواب في حصر موضوع وجوب الخمس في الكنز وهو اذا كان الكنز مشتملاً على الدنانير والدراهم المسكوكة اذا بلغت عشرين ديناراً, فلا يجب الخمس في غير المسكوكين.

لكن الكلام كلّه في السؤال في الصحيحة عن الماهية والجنس أو عن المقدار؟ وهل (من) في السؤال تبعيضية ام بيانية.

والجواب: ان (ما) موصول اسمي بمعنى الذي و (من) في قوله (من الكنز) بيان للموصول اذن ليس معنى الكنز هو المعنى العرفي الشامل للذهب والفضة سواء كانا مسكوكين ام غير مسكوكين وسيكون شاملاً للجواهر والاموال الثمينة.

وهذا هو المعنى العرفي للكنز وستكون الصحيحة ناظرة الى ما يجب فيه الخمس من الكنز فكأنه سأل السائل فقال سألته عن الذي يجب فيه الخمس من الكنز, وهو المقدار والنصاب, وجاء الجواب على هذا السؤال حيث قال الامام عليه السلام «ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس» اي الزكاة الواجبة هي على عشرين ديناراً أو اذا بلغت الدراهم مائتي درهم حيث كان الدينار يساوي عشرة دراهم تقريباً في ذلك الزمان فالرواية دالّة على النصاب في خمس الكنز فقط وامّا معنى الكنز فهو عرفي كما تقدّم ولهذا الذي تقدّم فقد أسند صاحب الرياض قدس سره الى الأصحاب أنهم فهموا من الصحيحة هنا المماثلة في المقدار والمالية مثل صحيحة البزنطي الاخرى الواردة في المعدن حيث قال: سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عمّا اخرج المعدن من قليل أو كثير؟ قال عليه السلام: ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً[1] .

اذن الجواب يكون فيهما واحداً وهو اعتبار النصاب المقدّر بعشرين ديناراً في الصحيحة الثانية, امّا الصحيحة الأُولى حيث لم يقدّر النصاب, فيُحَمل على انه ان كان ذهباً فعشرون ديناراً وان كان فضة فمائتا درهم وان كان غيرهما فقيمة عشرين ديناراً أو قيمة مائتي درهمٍ.

أقول: وتوجد رواية مرسلة عن الامام الرضا عليه السلام قد سئل فيها عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس؟ فقال عليه السلام: ما يجب فيه الزكاة من ذلك بعينه ففيه الخمس, وما لم يبلغ حدّ ما تجب فيه الزكاة فلا خمس فيه[2] .

وهي صريحة في المقدار.

على ان الاحتياط هو في التخميس فوراً ان لم يكن الكنز ذهباً وفضة مسكوكين, لا دخوله في ارباح المكاسب الذي تستخرج منه المؤنة.

 

وسواء كان في بلاد الكفّار الحربيّين أو غيرهم أو في بلاد الإسلام في الارض الموات أو في الارض الخربة التي لم يكن لها مالك أو في ارض مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكاً للبايعين وسواء كان عليه أثر الاسلام ام لا ففي جميع هذه يكون ملكاً لواجده وعليه الخمس(1).

1)متى ما كان الكنز لواجده فالخمس يتعلّق به, ومتى لا يكون لواجده فلا خمس فوراً فيه.

فصاحب العروة قدس سره قال: ان الكنز مطلقاً هو ملك لواجده وعليه الخمس الاّ في صورتين:

الصورة الأُولى: ان يعلم بكونه لمالك محترم موجود مسلم أو ذمّي الاّ انّه مجهول, وحينئذٍ يكون المال مجهول المالك أو لقطة فنطبّق عليه حكم مجهول المالك أو اللقطة, فيتصدّق به عن صاحبه أو يُتملّك على وجه الضمان لان المال هنا في هذه الصورة مُحترم فلا تشمله أدلّة الخمس وان صدق عليه انّه كنز أو ركاز وذلك لانّ موضوع الخمس يشترط فيه ان يكون فائدة عائدة الى المكلّف وهو لا يصدق الاّ على المال المسيّب الذي انقطعت علاقته عن المالك الأوّل بحيث لو وجد كان من المباحات الاوليّة, فلاحظ.

وكذا اذا وجدنا على الكنز ورقة كتب فيها هذا لفلان بن فلان وهو شخص محترم إمّا موجود أو ميّت ونعرف ورثته فهنا المال يكون محترماً ولابدّ من إرجاعه الى صاحبه اذا كان موجوداً أو الى ورثته اذا عرفناهم أو يتصدّق عنهم اذا لم نعرفهم.

الصورة الثانية: ان تكون الارض التي وُجد فيها الكنز قد انتقلت من بائع محترم المال اليه, ويحتمل ان يكون الكنز راجعاً اليه, فهنا يجب على المشتري تعريف البائع فان لم يعرفه, فيعرفه المالك قبله, وهكذا فانْ لم يعرفوه فهو للمشتري وعليه الخمس.

اقول: ان تعلّق الخمس بواجد الكنز انما هو في صورة كون الواجد يملك الكنز, وحينئذٍ لا بدّ ان نتكلم في صورة ملكية الواجد للكنز وعدم ملكيته وهذا يختلف عن المعادن فانّ الخمس لمستخرجها سواء كان مالكاً للمعدن ام ليس مالكاً له. اذن متى يملك الواجد الكنز؟

فنقول:

أولاً: ان المكان الذي يوجد فيه الكنز اذا كان دار حرب ولم يكن عليه اثر الاسلام أو في دار يملكها حربي يريد القضاء على الاسلام سواء كان عليه أثر الاسلام ام لا, فهو ملك لواجده وعليه خمسه.

وهذا لا خلاف فيه لعدم احترام دم الكافر الحربي وماله.

ثانياً: ان المكان الذي يوجد فيه الكنز اذا كان في دار الاسلام في الاماكن العامّة المباحة أو ملك الامام أو المسلمين, وعليه اثر الاسلام (مثل السكة العباسية أو الاموية أو العثمانية ونحوها) فالملكية للارض لا تلازم ملكية ما في جوفها من المعادن والكنوز, فهنا هل يكون هذا الموجود في هذه الارض كنزاً أو لقطة؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo