< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ادلة استثناء المؤن من المعدن / كتاب الخمس

وهذه التعابير لا تدلّ على دخول مؤنة اخراج المعدن: فلا يطلق عليها مؤنته الراجعة الى الرجل, أو مؤنة عياله الراجعة الى الرجل.

اذن هذه النصوص خاصة بخمس الفائدة كما ذكر ذلك السيد الحكيم قدس سره في مستمسكه ولا تشمل ما نحن فيه.

ثالثا: وقد يستدل على الحكم بالإجماع وهو العمدة.

ويرد عليه: انه لا يوجد اجماع, بل ان الحكم مشهور وقد خالف فيه صاحب المدارك كما تقدّم فقال: «اعتبار النصاب قبل المؤنة» وصحيحة البزنطي تقول: «حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً»[1] اي الخمس في كلّ هذا المقدار فاذا استثنينا مؤن الاخراج لم يكن الخمس في كلّ المقدار.

اذن استثناء المؤنة للإخراج مشكوك فيه والاصُل عدمه, واطلاق صحيح البزنطي بلا معارض, بالإضافة الى روايات «الخمس في المعدن» المقيدّة ببلوغه عشرين ديناراً.

رابعاً: وقد يستدل على ما ذكره صاحب العروة بصحيحة زرارة الصريحة في الأمر اذ قال عليه السلام: «ما عالجته بمالك ففيه «ما اخرج من حجارته مصفّى» الخمس»[2] .

فهو صريح في اختصاص الخمس بالمصفّى وما يبقى بعد اخراج مصرف العلاج المبذول من ماله كما نبّه عليه المحقق الهمداني وصاحب الحدائق.

ويرد عليه: ان هذه الرواية ليست بصدد اخراج مصرف العلاج, بل هي في صدد بيان انّ المعدن المصفّى فيه الخمس وامّا المعدن غير المصفّى فهو ليس فيه خمس.

اي ان المعدن قسمان:

قسم يخرج مصفّى ففيه الخمس

وقسم لا يخرج مصفّى, فلا يجزئه التخميس حتى يصفّى لانّ أجزاء الجوهر مختلفة بين التراب فقد يكون في هذا القسم أجزاء أكثر من ذلك القسم فلا يجزئ التخميس قبل التصفية, فالمراد من المصفّى التصفية الذاتية لا التصفية المالية واخراج ما بذل على المعدن عند اخراجه.

والخلاصة: كلّ ما تقدّم من الأدلّة على انّ المعدن انّما يخمّس اذا بلغ عشرين ديناراً بعد استثناء المؤن التي صُرفت على اخراجه والمؤن التي صرفت على تصفيته ونحوها لم تتم دلالة, ولكن في قبال ذلك لا يوجد دليل أيضاً على انّ خمس المعدن هو قبل اخراج مؤنة الاخراج ومؤنة التصفية, وحينئذٍ عند الشك ماذا نعمل؟

فنقول: ان الارجح هو ان يكون خمس المعدن بعد مؤنة اخراجه ومؤنة تصفيته وذلك لأنه يبعد ان يكون على المعدن الخمس وانْ كان ما صرفه على المعدن مساوياً للمعدن أو اكثر منه, حيث يلزمنا على هذا القول بوجوب الخمس على مَن خَسَر في استخراج المعدن وهذا غير مقبول عرفاً وشرعاً, لأنّ الروايات قالت: الخمس على ما افاد, والخمس في الغنيمة فقط وحينئذٍ نقول: ان الروايات المصرّحة بانّ الخمس في المعدن يعني ان الخمس في المعدن الذي هو فائدة يستفيدها الانسان وهذا المعدن المستفاد انما يتحقق بعد استثناء مؤنة تحصيله.

ولعلّ هذا هو ما ذكره السيد الخوئي قدس سره أولاً حيث قال: حتى اذا لم يوجد دليل على انّ الخمس في المعدن بعد المؤنة التي استخرج بها.

فالقاعدة تقول: ان الخمس في المعدن بعد اخراج مؤنة اخراجه وتصفيته لانّ الخمس هو في المعدن الذي يعدّ فائدة لا في المعدن الذي يعدّ خسارة, وهذا هو فهم عرفي يفهم من الروايات القائلة بانّ الخمس في المعدن يعني انه الخمس في المعدن الذي يعدّ فائدة فلاحظ.

ثم ان هنا بحثاً آخر وهو انه اذا استثنينا مؤنة اخراج المعدن فهل النصاب الذي هو عشرون ديناراً نلاحظه قبل اخراج المؤن أو بعد اخراجها؟

لقد اختار صاحب المدارك قدس سره اعتبار النصاب (عشرين ديناراً) قبل استخراج المؤن فاذا كان المستخرَج- باسم المفعول- من المعدن عشرين ديناراً وبعد استثناء مؤن إخراجه التي كانت ثمانية دنانير يبقى اثنى عشر ديناراً فهو خاضع للخمس وقد تمّسك بإطلاق صحيحة البزنطي القائلة «ليس فيه (المعدن) شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً»[3] .

اما المشهور والذي هو ظاهر من عبارة صاحب العروة قدس سره: ان النصاب يلاحظ بعد اخراج المؤن, فاذا كان المستخرج من المعدن عبارة عن خمسة وعشرين مثقالاً, ولكن ما صرف على اخراجه كان عبارة عن ثمانية دنانير, فاذا اخرجناها يبقى سبعة عشر ديناراً فليس فيها الخمس.

وقال السيد الخوئي قدس سره: استدل في الجواهر[4] بأصالة البراءة.[5]

ومراده من أصالة البراءة هو: ان تعلّق الخمس بعنوان المعدن (قبل استخراج المؤن مشكوك, فيكون مجرى البراءة عن فورية الوجوب).

ولكن يرد عليه: ان مجرى البراءة صحيح لولا اطلاق صحيح البزنطي المقتضي لوجوب الاخراج بعد بلوغ المعدن النصاب قبل استخراج المؤن فالصحيح يقول: اذا بلغ المعدن عشرين ديناراً فعليه الخمس سواء كان استخراج المؤن دلّ عليه الدليل سابقاً يجعل الباقي عشرين ديناراً أو أقل من ذلك.

وأيضاً نقول: لو وجد دليل على استثناء مؤن الإخراج «ولو كان هو الاستبعاد المتقدّم» فلا دليل على اخراج المؤن اولاً ثم ملاحظة النصاب, بل صحيحة البزنطي تقول: بوجوب الاخراج اذا بلغ المعدن عشرين ديناراً فهي مطلقة لما اذا كان المعدن بعد اخراج المؤن اكثر من عشرين ديناراً أو بقدرها أو اقل من عشرين ديناراً.

نعم خرجت صورة واحدة وهي ما اذا كانت المؤن اكثر مما خرج من المعدن.

اذن على هذا لا يكون ما ذكره صاحب العروة صحيحاً من قوله: «يخمّس المعدن اذا بلغ عشرين ديناراً بعد استثناء المؤن» بل الصحيح هو: « يخمّس المعدن اذا بلغ عشرين ديناراً قبل استثناء المؤن» فمن أخرج عشرين ديناراً

ولكن صرف عليه خمسة دنانير فيجب ان يخمس خمسة عشر ديناراً وهذا هو الذي افتى به السيد الخوئي قدس سره اذ قال: «انه الأحوط ان لم يكن اقوى»[6] .

ملاحظة: ذكر الشيخ الانصاري قدس سره[7] . (ان أوّل وقت خمس المعدن بعد التصفية فيما يحتاج الى التصفية) ودليله هو صحيحة زرارة القائلة:(ما عالجته بمالك ففيه (ما اخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفّى) الخمس).

قال الهمداني رحمه الله: وعلى هذا: لو نقل الانسان المعدن قبل تصفيته الى غيره ببيع أو صلح ونحوه لا يجب الخمس على احدهما. أمّا الاول فلأنه اخراجه عن ملكه قبل تعلّق الخمس به واما الثاني فذلك:

1ـ لإنتقاله اليه بسائر الاسباب غير الموجبة للخمس.

2ـ الأدلّة الظاهرة في تعلّق الوجوب بالمستفيد من المعدن دون غيره.

ولكن هناك ما يدل على عدم صحّة ما ذكره الشيخ الانصاري قدس سره وهو ما روي مرسلاً عن الحارث الازدي قال: وجد رجل ركازاً على عهد امير المؤمنين عليه السلام فابتاعه ابي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة مُتبع, فلامته أُمّي وقالت اخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة وانفسها مائة وما في بطونها مائة, قال فندم ابي, فانطلق ليستقيله فأبى عليه الرجل فقال: خذ منّي عشر شياه, خذ مني عشرين شاة, فاعياه.

فأخذ أبي الركاز وأخرج منه قيمته الف شاة فأتاه الآخر فقال: خذ غنمك وائتني ما شئت فأبى فعالجه فأعياه فقال: لاضرّن بك فاستعدى امير المؤمنين عليه السلام على أبي فلّما قصّ أبي على امير المؤمنين عليه السلام أمره قال لصاحب الركاز أدِّ خمس ما اخذت فانّ الخمس عليك فانك انت الذي وجدت الركاز وليس على الآخر شيء لأنه انما أخذ ثمن غنمه. [8]

قال الهمداني: المراد بالركاز الذي باعه الرجل هو تراب المعدن (بحسب الظاهر) قبل التصفية والاّ لم يكن يشتبه امره كما يشهد لذلك نقل القصّة عن الجمهور انهم رووا عن ابي الحارث المزني انه إشترى تراب معدن بمائة شاة مُتبع... الخ[9]

وقال الهمداني قدس سره أيضاً:[10]

1ـ الخبر كما يدل على عدم وجوب الخمس على المشتري كذلك يدل على وجوب الخمس على البائع وان اخراجه عن ملكه قبل التصفية, على انّ الرواية مرسلة.

2ـ يدل على ان الخمس على المعدن ولو قبل التصفية جميع ما دلّ على تعلّق الخمس بالمعادن فانه مطلق لما اذا صفّاه أو لم يصفّه.

أقول: ثم ان صحيحة زرارة تقول: لا يجزئ اخراج خمس التراب لعدم إحراز ان فيه خمس المعدن, وانما يحرز اخراج خمس المعدن اذا صُفّي.

اذن الرواية لا تدلّ على انّ اول وجوب الخمس هو التصفية ولو دلّت فليست بحجّة اذن وقت تعلّق الخمس هو اخراج المعدن وترابه ولكن لا يجزي الاّ بعد التصفية.

 


[7] الخمس:559.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo