< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم الشك في المعدنية / كتاب الخمس

واذا شُكَّ في الصدق لم يلحقه حكمها فلا يجب خمسه من هذه الحيثية بل يدخل في ارباح المكاسب ويجب خمسه اذا زادت عن مؤنة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه(1).

ولا فرق في وجوب اخراج خمس المعدن بين ان يكون في ارض مباحة أو مملوكة(2) وبين ان يكون تحت الارض أو على ظهرها(3) ولا بين ان يكون المخرج مسلماً أو كافراً ذميّاً بل ولو حربياً(4).

ولا بين ان يكون بالغاً أو صبيَّاً وعاقلاً أو مجنوناً(5) .

ويشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ ما أخرجه عشرين ديناراً بعد استثناء مؤنة الاخراج والتصفيّة ونحوهما, فلا يجب اذا كان المخرج أقل منه وانْ كان الاحوط اخراجه اذا بلغ ديناراً بل مطلقاً(6).[1]

1)ان موارد الشك في المعدنية هي: الجصّ والنورة وطين الرأس والطين الأحمر الذي يُسّمى المغرة وهو طين يصبغ به الشعر ونحوه, وهذه ليست معادن عرفاً كما انها لم يرد فيها نص خاص يدل على وجوب خمسها فوراً كالملح وحينئذٍ عند الشكّ في وجوب خمسها فوراً فالجاري هو الاصل العملي وهو يقتضي عدم وجوب الخمس فوراً اذا نظرنا الى عموم ما دلّ على انّ كلّ ما أفاده الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس بعد المؤونة[2] . «اي مؤونة السنة».

اذن المشكوك في صدق المعدن يكون مشكوكاً في الوجوب الفوري للخمس وحينئذٍ بما أنّه فائدة فيدخل تحت عموم: «ما أفاده الناس من قليل أو اكثير.... الخ» لأن الخاص وهو ما دلّ على ان المعدن فيه الخمس فوراً هو دليل منفصل, ونحن نشك في سعة هذا الدليل المنفصل بحيث يشمل الجص والنورة.. الخ وحينئذٍ نقتصر على تخصيص العام بالدليل المنفصل المجمل الدائر بين الأقل والأكثر على القدر المتيقّن من المعدن, ونرجع فيما عداه وهو الجصّ والنورة واشباههما الى عموم العام وهو يقتضي عدم وجوب الخمس فوراً, بل يجب تخميسها بعد السنة وبعد اخراج المؤنة.

وبعبارة أخرى: اننا اذا علمنا بوجوب الخمس كما اذا استخرجنا من الأرض كمّية من الجصّ أو النورة, ولكن شككنا في كون الوجوب فوريّاً, فالأصل هو عدم الفورية في هذا الوجوب.

واذا ثبت عدم الفورية في هذا الوجوب فيشمله عموم كل ما افاده الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس بعد المؤنة.

قد نقول: ان الأدلّة لم تحصر الخمس في المعدن, بل دلّت على وجوب الخمس في الركاز والركاز هو كل ما كان له قرار وثبات وارتكاز في الارض فيشمل الملح الذي فيه نصّ ويشمل الجصّ وطين الرأس وطين خاوه لأجل صبغ الشعر بل يشمل كلّ ما فيه نفع وهو مركوز في الأرض وحينئذٍ نقول: اذا بدلنا المورد الثاني من موارد الخمس وهو المعدن وذكرنا بدله الركاز يكون أفضلَ, فلاحظ.

2)نعم ان إطلاق الأدلّة يقتضي عدم الفرق في استخراج المعدن من أرض مباحة أو مملوكة للمستخرج (سواء قلنا ان المعدن في الارض المملوكة يملك بالتبعية أم لا) وهذا سيأتي البحث فيه فانتظر.

نعم ان الروايات القائلة: بأنّ في المعدن الخمس تنظر الى وجوب الخمس فيما يستخرج من المعدن ويكون المكلَّف ما لكاً له حين الاستخراج, وليست ناظرة الى وجوب تخميسه قبل إخراجه وان فرض انه يملك الأرض ويملك المعدن الذي فيها.

وقد صرّحت صحيحة زرارة حيث قالت: كل ما كان ركازاً ففيه الخمس وقال: ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج الله

سبحانه منه من حجارته مصفى الخمس[3] .

فالمراد من الاخراج هو إظهار المعدن ثم تصفيته واظهار المعدن قد يكون بالعلاج والتصفية ولو من سطح الأرض وقد يكون بالاخراج من تحت الأرض ولذا ذكرت صحيحة زرارة كلمة العلاج.

3)نعم المعدن يخمّس سواء كان تحت الأرض واخرجناه منها ام كان فوق الأرض كالجبال التي فيها العقيق والفيروزج بالأخذ منها, فانّ الأدلّة تشمل الجميع فهي مطلقة, بل ان بعضها دالٌّ على التعميم مثل صحيح محمد بن مسلم في الملح وقد تقدّم اذ قال في الملح: ( هذا واشباهها فيه الخمس ) فهي مصرّحة بعدم الفرق بين ما كان مرتكزاً في الأرض بين ما على الارض أو في الجوف, وحتى على فرض وجود (هذا مثل المعدن وفيه الخمس) فهي تشير الى ما كان مرتكزاً في الارض ظاهراً أو باطناً, اذا اخرج بعلاج أو استخرج بالأخذ من سطح الارض ففيه الخمس, فلا اختصاص في الخمس بما كان في داخل الارض وفي جوفها.

4)وكذلك لا فرق بين كون المستخرج لهذا المعدن مسلماً أو ذمّياً معاهداً أو كافراً حربياً بناءً على إن الاحكام هي للجميع وإطلاق الدليل, فانْ لم يمتثل الذمي أو الكافر الحربي كان عاصياً كما اذا لم يمتثل المسلم وبعبارة اخرى: ان الأدلة القائلة: في المعدن الخمس أو في المعدن المستخرج الخمس هي مقيّدة لملكية المستخرج - بإسم المفعول - والمحاز من المعدن وما هو مرتكز في الأرض بما عدا الخمس.

إشكال على صاحب العروة قدس سره:

ذكر صاحب العروة في كتاب الزكاة: سقوط الزكاة عن الكافر اذا أسلم ولو كانت العين الزكوية موجودة عنده وذلك تمسكاً بحديث الاسلام يجب ما قبله بينما هنا فصّل بين صورتي إسلام الكافر بعد تلف العين التي تعلّق بها الخمس, فيسقط عنه الخمس وبين اسلام الكافر مع بقاء العين التي تعلّق بها الخمس فيجب عليه دفع الخمس.

وهذا التفريق بين باب الزكاة والخمس ليس جيّداً اذ لا وجه له لأنّ حديث الجبّ الذي هو دليل لفظي مطلق لو صحّ فهو يشمل البابين معاً فلماذا حصل فرق بين باب الزكاة وباب الخمس؟!

وامّا اذا قلنا انّه لم يثبت حديث الجبّ لعدم وروده عن اهل البيت[4] , بل موجود في كتب أهل السنة وبعض كتب اللغة والسير فحينئذٍ يكون الثابت من الجبّ هو السيرة عند المسلمين على ثبوت مضمون الجبّ والاجماع على ذلك.

او قد يقال: انه مستفاد من بعض الروايات الواردة في الحدود، فحينئذٍ يكون القدر المتيقّن منه هو صورة تلف العين, اذن اذا كانت العين موجودة فلا بدّ من دفع زكاتها وخمسها.

نعم الاشكال يرد لو قلنا انه يوجد أمر جديد بالقضاء, فلماذا لم يجب قضاء العبادات التي فاتت منه؟.

والجواب: نلتزم بعدم وجوب القضاء على الكافر لعدم امر النبيّ (صلى الله عليه وآله) أحداً من الكفّار بالقضاء.

5)المشهور على طبق فتوى صاحب العروة فيجب الخمس على كل من أخرج من المعدن سواء كان بالغاً ام لا, عاقلاً ام لا وذلك لإطلاق دليل وجوب الخمس, وحينئذٍ يكون المخرج لهذا الخمس هو الولي فيخرج ما كان ملكاً للغير وهو الامام وقبيله.

ولكن السيد الخوئي قدس سره: ذكر عدم وجوب الخمس على الصبي والمجنون وذلك لما تقدّم في الزكاة من ان الزكاة أو الخمس فيهما جنبتان:

الأُولى: وضعية وهي شركة المخرج للمعدن مع الامام وقبيله.

الثانية: تكليفية وهي وجوب الاخراج على المخرج.

فاذا كان المخرج لا وجوب تكليفي عليه لأنّه غير بالغ الاّ انه شريك مع الإمام وقبيله, فالولي هو الذي يتصدّى لإخراج حقّ الشريك. ولكن هذا الكلام كله يزول اذا نظرنا الى حديث رفع القلم, وأنّ المراد منه هو رفع قلم التشريع وحينئذٍ لا يكون هناك أيّ تشريع للصبي والمجنون, فلا يكون تشريعاً للحكم الوضعي وللحكم التكليفي, واذا لم يكن تشريع فلا يجب على الولي اخراج شيء من هذا المال (المعدن) الذي اخرجه الصبي أو المجنون بعمله الخارجي وهو لا يشمله أيّ تشريع. ولهذا اختلف الكلام في الصبي والمجنون عمّا تقدّمهما من المسلم والكافر.

6)هذه الفتوى من قبل صاحب العروة قدس سره قال من المتقدمين الشيخ في النهاية والمبسوط[5] .

وابن حمزة في الوسيلة وهي المشهور بين المتأخرين, بل قال بها عامتهم.

وخالف ذلك مشهور القدماء في ذلك حتى ان الشيخ في كتاب الخلاف ادّعى الاجماع على عدم اعتبار النصاب هنا وهذا هو القول الثاني.


[4] نعم جاء ذكر الحديث في تفسير القمي ولكن يرويه علي بن ابراهيم عن أُم سلمة عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: (الاسلام يجب ما قبله) كما في مستدرك الوسائل باب15: من احكام شهر رمضان ح3 وباب75 من جهاد النفس ح4.
[5] المبسوط 1: 237.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo