< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة عدم وجوب الخمس في الاراضي / كتاب الخمس

ثانيا: ان الآية الكريمة غير عامّة لغير المنقول, لأنّ معنى الغنيمة هو الفائدة للغانم بما هو غانم وحينئذ لا يشمل غير المنقول الذي لا يعود اليه فالأراضي التي هي لعامّة المسلمين لا تعدّ غنيمة للغانم والمقاتل بما هو مقاتل او غانم, وانْ كانت الاراضي العامّة هي غنيمة للمسلمين قاطبة لا للمقاتلين كما صرّحت به الروايات وهذه الغنيمة للمسلمين لا خمس فيها وذلك:

1ـ لاختصاص أدلّة الخمس بالغنائم الشخصيّة ولا تشمل ما هو ملك للعنوان الكلي كالأراضي الخراجية لأنها ليست ملكاً لأي فرد من آحاد المسلمين وانما ينتفع بها المسلمون من غير ملك, فالمالك للأراضي هو العنوان الكلّي العام, ولذا لا يجب الخمس في الأوقاف وان كانت اكثر من الحاجة لأنها ليست مملوكة لأحد, وانما ينتفع منها الفقراء أو المسلمون أو صنف خاص أُوقف عليهم.

أمّا اذا كان الوقف على جماعة يقسّم الحاصل بينهم, فحينئذٍ حصّة كل واحد منهم اذا دار عليها الحول يجب

فيها الخمس لأنها ملك لهم والخمس يجب فيما مُلِك ملكاً شخصياً.

بل قد روي ان النبي (صلى الله عليه وآله) لما فتح هوازن لم يقسّم ارضها بين المقاتلين لأنها للمسلمين, فالخمس يجب في الغنيمة اذا كانت عائدة الى الغانم وهذا يصدق في الغنائم المنقولة فقط أمّا الاراضي الخراجية فهي غنيمة ولكن لم ترد ولا رواية واحدة تقول بوجوب الخمس في الاراضي المفتوحة عنوة, بل ورد انها للمسلمين نعم وردت أخبار في الاراضي الخراجية: بأنها موقوفة متروكة بيد من يعمرّها ويصرف خراجها للمسلمين ولم تقلّ الاخبار بانها موضوع للخمس اذ لم ترد ولا رواية واحدة تدل على ان فيها الخمس.

وما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن علي بن ابراهيم عن علي بن ابي حمزة البطائني عن أبي بصير عن ابي جعفر عليه السلام - قال كل شيء قوتل عليه على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانّ لنا خمسه ولا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا حقنا[1] .

ففيه:

1ـ انه ضعيف بالبطائني

2ـ ودعوى أنه شامل بالعموم للأرض ضعيفة وذلك لان ما يفهم منها غير مقبول وهو ان المفهوم منها من اوصل حقه منها الى الامام عليه السلام يجوز عندئذٍ شراؤها ولكن لا يجوزون شراءها فلهذا المضمون المرفوض تُردّ الرواية مع ضعف سندها

وما رواه الكليني بسنده عن عمر بن يزيد قال: رأيت مسمعاً بالمدينة وقد كان حمل الى ابي عبدالله عليه السلام تلك السنة مالاً فرده ابو عبدالله فقلت له لم ردّ عليك ابو عبدالله المال الذي حملته اليه قال: فقال لي اني قلت له حين حملت اليه المال اني كنت وُلّييت البحرين الغوص فاصبت اربعمائة الف درهم وقد جئتك بخمسها ثمانين الف درهم وكرهت ان احبسها عنك وان اعرض لها وهي حقك الذي جعله الله تبارك وتعالى في اموالنا فقال: او مالنا من الارض وما اخرج الله منها الاّ الخمس[2] [3] .

ويرد عليها: انها لو كانت دالة على وجوب الخمس في الارض لاستدل بها من قال بذلك لكنه لم يستدل بها ويمكن ان يقال ان عبارة من الارض يعني ما فيها الذي هو للإمام وبالجملة هي ليست صريحة في وجوب الخمس في الارض وان كانت من حيث السند صحيحة

لذا نقول: لا خمس في الانفال والفيء والتي منها الارض الموات والأرض المأخوذة بلا حرب والتي تكون للإمام بما هو امام وولي أمر, وهذا الامر عليه الاجماع.

وبعبارة أُخرى: ان ظاهر الآية: ﴿ انما غنمتم... ﴾[4] هو ان يكون موضوع الخمس هو ما يكون ملكاً للشخص الحقيقي المقاتل ولو على نحو الاشاعة لا لعنوان المسلم بما هو شخصّية حقوقية اعتبارية, فان هذه الملكية ليست ملكية للأفراد ولو بنحو الاشاعة وانما هي ملك للعنوان الاعتباري وهذا ليس مسلماً حقيقيّاً خارجياً لا يشمله إطلاق: ﴿ إنما غنمتم ﴾ ويؤيّد هذا الفهم والاستظهار ان الخمس في الاموال مستبطن لحكم تكليفي وهو وجوب الدفع والاداء, لذا ذكر الفقهاء ان وجوب الخمس هو وجوب عبادي, ومن الواضح ان هذا الحكم التكليفي انّما يخاطب به

الأفراد الحقيقّيون وهم المكلّفون ولا يتعلّق بالعناوين والجهات الحقوقية والاعتبارية.

3ـ ولنا أنْ نقول أيضاً: لا معنى لجعل الخمس على الاموال العامّة التي تكون بيد وليّ الأمر, إمّا لمنصبه أو لأنه ولي لجهة عامّة التي جُعلتْ الاموال لها, لان الاموال العامة التي بيد ولي الامر يكون مصرفها هو نفس مصرف الخمس, والاموال التي تكون للجهة العامة لا معنى لأخذ الخمس منها مع انها هي بذاتها ضريبة قد جعلت لصنف من الناس وهم عنوان المسلمين فكيف يؤخذ من الضريبة ضريبة, فلاحظ.

4ـ مرسلة حماد بن عيسى عن بعض اصحابه عن ابي الحسن عليه السلام (في حديث) قال: يُؤخذ الخمس من

الغنائم فيجعل لمن جعله الله له ويقسّم اربعة اخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك.

قال وللإمام صفو المال ان يأخذ الجارية الفارهة والدابة الفارهة والثوب والمتاع مما يحبّ أو يشتهي, فذلك له قبل قسمة المال وقبل اخراج الخمس.

قال: وليس لمن قاتل شيء من الارضين ولا ما غلبوا عليه الاّ ما احتوى عليه العسكر...[5] .

وحينئذٍ يكون ما يصيبه المقاتل بعد الحرب والخارج عن العسكر هو فائدة ولكن للعنوان لا للمقاتلين بحيث يملكونه ملكاً شخصياً, اذن لا دليل على وجوب الخمس فيه.

أقول: ولكن يكفينا الادلّة المتقدّمة اذا كان الدليل الرابع ضعيفاً.

أدلّة المشهور على ما ذهبوا اليه:

وقد أُستدل للمشهور على اخراج خمس غير المنقول بأدلة ثلاثة:

الأول: هو عموم الآية الكريمة.

ويرد عليه: إنّها مخصصّة بالروايات المطلقة الخاصة فيما لا ينقل القائلة بأن الارض الخراجية وهي المفتوحة عنوة للمسلمين, فهي مطلقة, اذ لم تذكر انها ملك للمسلمين بعد اخراج الخمس, فتخصص الآية الكريمة العامّة.

الثاني: رواية ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام حيث قال: كل شيء قوتل عليه على شهادة ان لا اله الاّ الله وان محمداً رسول الله فانّ لنا خمسه, ولا يحلّ لأحدٍ ان يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا حقّنا[6] .

ويرد عليها: انها رواية ضعيفة بالبطائني الكذّاب, على أنها ليست ليس عامّة للأراضي لأن مفهومها يقول: اذا اوصل اليهم حقهم حل لهم شراء الباقي وحينئذٍ نقول: ان هذا يختص بالمنقول ولا يشمل الارض الخراجية لأنه لا يحل شراؤها لأحد.

الثالث: ذكر السيد البروجردي دليلاً آخر وهو معقد الاجماع المحكي الذي يقول: «غنائم الحرب مما حواه العسكر وما لم يحوه من أرض وغيرها مالم يكن مغصوباً من مسلم أو معاهد ففيه الخمس»[7] .

ويرد عليه: ان هذا لا يصار اليه مع وجود الاطلاق القائل ان الاراضي المفتوحة عنوة هي للمسلمين من دون ان

تقيّد بجملة ( بعد إخراج الخمس).

كما أنه لا اجماع أيضاً قبل الشيخ الطوسي ولا شهرة لأننا لا نجد فتوى بوجوب تخميس أراضي الخراج الاّ من الشيخ ومن تبعه.

وأمّا عبارة المفيد رحمه الله في المقنعة والكليني في الكافي والسيد في الغنية وسلّار في المراسم مخصوصة بالغنائم المنقولة.

نعم الشيخ الطوسي ادّعى الاجماع في الخلاف ولكن نحن نعلم ان الشيخ الطوسي قدس سره عندما يذكر الاجماع في الخلاف لا يراد به المعنى المصطلح عليه, بل يتسامح فيه ولعله يراد به أنّ الآية مطلقة وكل العلماء يعملون بالآية واطلاقها اذن جعل الاجماع على الحكم.

على أنّ عبارته (التي ذكر فيها الاجماع) راجعة الى ما يصنع بالأرض الخراجية من انها تترك للمسلمين لمن حضر ومَن لم يحضر ويصرف واردها في مصالح المسلمين ولا توزّع على المقاتلين.

والدليل على ذلك انه ذكر الاجماع بعد ان انتقل من موضوع الخمس الى حكم اصل الأرض الخراجية, ثم عطف على الاجماع الاخبار ونحن نعلم انه لا أخبار في تخميس الارض الخراجية أصلاً بل الاخبار موجودة في الارض الخراجية على انها موقوفة متروكة بيد مَن يعمرها ويصرف واردها في المسلمين.


[2] اصول الكافي كتاب الحجة باب ان الأرض كلها للإمام عليه السلام ج1 ص408 ح3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo