< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

فصل

فيما يجب فيه الخمس

الموضوع: معنى الغنيمة الوارد في الآية / كتاب الخمس

وهو سبعة أشياء: الأول الغنائم المأخوذة من الكفّار من اهل الحرب قهراً بالمقاتلة معهم بشرط ان يكون بإذن الامام عليه السلام(1).[1]

1)دليل هذا المورد الأول هو الآية الكريمة« إنما غنمتم.....» وكذا السنّة نطقت بذلك.

اذن الغنيمة المأخوذة بالمقاتلة وبإذن الامام عليه السلام يكون فيها الخمس بمقتضى الآية « اعلموا انّما غنمتم من شيء فانّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل« .

وأمّا الأخذ من الكفار من دون قتال كما لو أخذه غيلة أو سرقة أو نحوهما فهو ملك لآخذه وسيتعرض له صاحب العروة قدس سره. كما أنّ المقاتلة ان لم تكن بإذن الامام عليه السلام فان المأخوذ يكون للإمام عليه السلام كما سيأتي التعرض له أيضاً من قبل السيد الماتن.

وهنا يعترضنا سؤال وهو:

هل تختص الغنيمة بما يحصل من الحرب مع الكفّار عند الغلبة عليهم أو تشمل كل فائدة حصل عليها الانسان؟

الجواب: ان مشهور أهل السنة هو اختصاص الآية التي ذكرت خمس الغنيمة بغنائم الحرب, إمّا لأنّ معنى الغنيمة هو يساوي غنائم الحرب أو باعتبار سياق الآية الواردة في مقاتلة الكفّار.

ولكن يرد عليهم:

أولاً: ان مادة الغنم والغنيمة في اللغة هي كل ما يفوز به الانسان من الفوائد والارباح[2] .

وحينئذٍ يكون ما يؤخذ من الكفّار هو أحد المصاديق, وهذا هو المعنى الذي صرّح به اللغويّون فقد قال الخليل

الفراهيدي: انّ معنى الغنيمة هو كلّ شيء يحصل عليه الانسان بلا تعب[3] .

فهو غنيمة, وكذا يقول الازهري[4] : الغنم: ما حصل عليه بيده والاغتنام الفائدة من الغنيمة. وكذا يقول ابن الفارس[5] . وقالوا: الغنيمة هي مطلق الكسب[6] . وكذا القرآن يستعمل الغنيمة في مطلق الحصول على الربح كما قال﴿يا ايها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبيّنوا ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة﴾[7] . اي عند الله أرزاق كثيرة.

ثانياً: وأمّا مورد نزول الآية وهو حرب بدر فلا يُخصصّ الوارد فيها بمورد النزول كما حقّق ذلك في الاصول.

ثالثاً: قد استدل أهل المذاهب الاسلامية بلزوم الخمس في المعدن والكنز, بالآية والحديث الخاص في المعدن والركاز الذي قال (في المعدن الخمس, وفي الركاز الخمس) [8] .

اذن على هذا فسوف يكون معنى الغنيمة مقسماً للغنيمة الحربية ولاستخراج الاشياء الثمينة بالغرض واستخراج المعدن واستخراج الكنز والاكتساب والحيازة وما يوهب للإنسان من اموال أو أعيان فإنها كلها غنيمة بهذا المعنى الأعم, إذْ كل هذه الأُمور هي فائدة يحصل عليها الانسان سواء كانت بتعب ام بغير تعب وان كان الخليل قيّد الغنيمة بما يحصل للإنسان من دون تعب ومشقّة الاّ انّ الفهم العرفي للغنيمة يوسّعها الى ما يحصل عليه الانسان حتى مع التعب كالغوص واستخراج المعدن والحيازة والاكتساب فضلاً عمّا يحصل عليه الانسان بلا تعب ومشقّة, كالهدية التي تهدى للإنسان وما يحصل عليه اذا كان في سبيل الله كالصدقة فانّ هذين من أظهر مصاديق الغنيمة.

ومن الغريب ان يخص بعض اهل السنة ومشهورهم الآية بالغنيمة الحربية مع انهم يستدلون على وجوب الخمس في المعدن والكنز بالآية الكريمة ثم بالنصوص الخاصّة.

وممّا يؤيد أو يستدل به على ان الغنيمة هو كل ما يستفيده الانسان ويفوز به من الاموال هو النظر الى ضدّها اي تعرّف بضدها وهو كلمة الغرم وهي تعني الخسارة وضدها الربح مطلقاً سواء كان بالحرب او بغيرها نعم بعض أهل اللغة يخص ّمعنى الغنيمة بما أُصيب به في الحرب, ولكن من القريب جدّاً ان يكون هؤلاء قد اطلقوا اللفظ وخصّوا الغنيمة بغنائم الحرب من باب اطلاق المطلق على اظهر افراده.

رابعاً: على انّ حصر الخمس في غنيمة الحرب استناداً الى الآية الكريمة لا مبرّر له وذلك لوجود روايات كثيرة توجب الخمس في أرباح المكاسب وغيرها وسوف نتعرض لها فلا معنى للحصر ولو قلنا بأنها مختصة بالغنيمة الحربية كما ذهب اليه البعض حيث رأى انّ الغنيمة معناها ومادتها الأصلية هي خصوص المال الذي يفوز به الانسان ويظفر به بالغلبة والقوة أو تشمل الفائدة المطلقة الحاصلة بلا ترقب ولا بذل مال أو جهد.

فالغنيمة هي ما يحصل عليه الانسان من غير الطرق المتعارفة لتحصيل المال نوعاً كالاكتساب, فانّ هذا هو معنى الغنيمة والمتبادر من لفظ الغنيمة والغنم, وإلاّ لو كان معناها هو مطلق الفوائد لتمسك بها الخلفاء بعد النبي ( صلى الله عليه وآله) لفرض الخمس على مطلق الفوائد وجبايتها لأنفسهم باعتبارهم يدّعون خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله) كما كانوا يصنعون في خمس الغنائم.

فمثل هذا الكلام في الحصر لا وجه له لوجود الروايات كما ذكرنا.


[2] المنجد: مادة «غنم»، 561.
[3] العين مادة: غنم 4: 426.
[4] تهذيب اللغة: مادة: غنم.
[5] مقايس اللغة مادة: غنم.
[6] نهاية ابن الأثير مادّة غنم.
[8] الفقه الاسلامي وادلته لوهبة الزحيلي: 2: 776 ومسند أحمد: 1: 314 وسنن ابن ماجة:2: 839: 1373 ه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo