< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ادلة وجوب الخمس / كتاب الخمس

وهو من الفرائض التي جعلها الله تعالى لمحمّد (صلى الله عليه وآله) وذريّته عوضاً عن الزكاة إكراماً لهم ومن منع منه درهماً أو أقل كان مندرجاً في الظالمين لهم والغاصبين لحقهم, بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين. ففي خبر عن ابي بصير قال: قلت لا بي جعفر عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال (عليه السلام) من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم وعن الصادق عليه السلام: ان الله لا إله الاّ هو حيث حرّم علينا الصدقة انزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة والكرامة لنا حلال وعن ابي جعفر عليه السلام : لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا حقّنا وعن أبي عبدالله عليه السلام: لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئاً ان يقول: يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس(1).[1]

1)ان وجوب الخمس في الشريعة ممّا لا خلاف فيه وقد نطق به الكتاب الكريم والسنّة المتواترة, بل قامت عليه الضرورة القطعية بحيث يندرج منكره في الكافرين, اذا التفت الى لازم إنكاره وهو تكذيب القرآن.

اذن وجوب الخمس مما أطبق عليه علماء الاسلام قاطبة وإنْ اختلفوا في بعض الخصوصيات من حيث مورد الخمس ومصرفه, فقال بعضٌ بانّ مورده غنيمة الحرب فقط, وقال بعض في الغنيمة الحربية والمعدن والغوص[2] .

وقال آخرون انه في المعدن والغوص والغنيمة الحربية والكنز وقال اخرون انه في سبعة موارد وهي غنيمة الحرب والمعدن والغوص والكنز والحلال المختلط بالحرام وأرباح المكاسب وخمس الارض التي يشتريها الذمّي من مسلم.

وقال بعض كالخليفة الاول والثاني حيث ادّعيا نسخ وجوب الصرف في سهم ذي القربى لما كان يرتئيانه من لزوم الصرف فيما هو أهم وأولى من المصالح العامة كحفظ الثغور وتحصيل السلاح ونحوها.

فقد قال ابن قدامة(روى ابن عباس ان ابا بكر وعمر قسّما الخمس على ثلاثة أسهم ونحوه حكي عن الحسن بن محمد بن الحنفية وهو قول أصحاب الرأي قالوا: يقسّم الخمس على ثلاثة: اليتامى والمساكين وابن السبيل واسقطوا سهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموته وسهم قرابته أيضاً.... وما قاله ابو حنيفة مخالف لظاهر الآية الكريمة فانّ الله تعالى سمّى لرسوله وقرابته شيئاً وجعل لهما في الخمس حقاً, كما سمّي للأصناف الثلاثة الباقية فمن خالف ذلك فقد خالف نصّ الكتاب, وأمّا حمل ابي بكر وعمر على سهم ذي القربى في سبيل الله فقد ذكر لأحمد فسكت وحرّك رأسه ولم يذهب اليه, ورأى ان قول ابن عباس ومن وافقه أولى لموافقته كتاب الله وسّنة رسول الله, فانّ ابن عباس لمّا سُئل عن سهم ذي القربى فقال: إنّا كنا نزعم انّه لنا فأبى ذلك علينا قومنا, ولعله أراد بقوله « أبى ذلك علينا قومنا» فعل أبي بكر وعمر في حملهما عليه في سبيل الله ومن تبعهما على ذلك, ومتى اختلف الصحابة وكان قول بعضهم يوافق الكتاب والسنّة كان أولى وقول ابن عباس موافق للكتاب والسنة»[3] [4] .

وقال آخرون: أنّه يقسّم على خمسة وهم: سهم رسول الله وسهم ذوي القربى وهم الائمة بعد رسول الله واليتامى والمساكين وابن السبيل من السادة الكرام.

وقال آخرون: يقسّم على ستّة سهام: سهم الله وسهم رسول الله وسهم ذوي القربى وهم الائمة وهذا ما يُسمّى بسهم الإمام عليه السلام وسهم اليتامى والمساكين وابن السبيل وهم الفقراء ممّن ينتسب الى هاشم وهو ما يسمّى بسهم السادة.

وقال آخرون: إنّه بيد الإمام يصرفه على السهام الستّة ولكن بإرادته والمصلحة التي يراها, فالسهام الستّة هم مصرف للخمس ليس الاّ, كآية الزكاة التي هي في الأصناف الثمانية.

اذا عرفت هذا فنقول: ان حقوق ذوي القربى وهم الذين يُعبّر عنهم بأهل البيت عليهم السلام وهو اصطلاح خاص بالأئمة الاثني عشر من قريش من هاشم, هي ثلاثة:

الحقُّ الاول: الفيء: وهو كلّ ما حصل من الكفّار من دون قتال وجُهد وقد ذكرت الآية الكريمة مصرفه وأنّه للائمة من آل البيت عليهم السلام وهي قوله تعالى ﴿وما أفاء الله على رسوله منهم فما اوجفتهم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير, ما افاء الله على رسوله. من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقّوا الله انّ الله شديد العقاب﴾[5] .

وواضح أنّ الآية الثانية تريد أنْ توضّح وتفسّر الآية الأولى وتكشف عن الموارد التي يصرف فيها الفيء الذي هو لأهل البيت فبيّنت أنه للائمة عليهم السلام واتباعهم وهذا المعنى عليه علماء الامامية وجمع من علماء اهل السنّة[6] .

بخلاف بعض أهل السنّة الذي يرى ان الآية الثانية تريد ان توضّح حكم غير الفيء الذي ذكرته الآية الأُولى وهو نوع من محاربة أهل البيت عليهم السلام فيما خصّه الله تعالى لهم كما فعل الخليفة الثاني في ادّعائه نسخ صرف الخمس في ذوي القربى وصرفه في الجهاد والسلاح وحفظ الثغور.

الحق الثاني: الخمس: فقد دلت آية الخمس وهي « اعلموا انّما غنمتم من شيء فانّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» وقد خصّ أهل السنّة الخمس بالغنيمة الحربية فقط استناداً الى هذه الآية الواردة في حرب بدر, أمّا في غير الغنيمة فقال أهل السنّة في المعدن والغوص... الاّ ابو حنيفة فقال بوجوب الخمس

في المعدن لوجود روايات عندهم بوجوب الخمس في المعدن[7] .

أمّا الامامية فقالوا بوجوب الخمس في سبعة اشياء ( الغنيمة الحربية والمعدن والغوص والركاز وارباح المكاسب والحلال المختلط بالحرام والارض التي يشتريها الذمّي). وسيأتي الكلام عنها.

الحق الثالث: قال بعض انّ كل ارض هي لأهل البيت وهذا فيه روايات كثيرة ويؤيّده قوله (صلى الله عليه وآله) ألستُ اولى بكم من أنفسكم؟ قالو بلى, فاثبت ذلك لعلي عليه السلام وما ثبت لعلي ثبت للائمة عليهم السلام من بعده.

لكن لم يُنقل ذلك الاّ عن ابن ابي عمير وقد تلاحى مع أبي مالك فتحاكما الى هشام, فحكم لأبي مالك فهجر ابن أبي عمير هشاماً[8] .

هذا ولكن قال الهمداني: ان الملكية التي للإمام عليه السلام ليست ملكية منافية لملكية سائر الناس بل هي مثل ملكية الله تعالى لما في أيدينا, وملكية السيد لما في يد عبده[9] .

أقول: كأنّ الهمداني يريد ان يقول: ان ملكية الله وملكية السيد لعبده وملكية النبي والائمة هي ملكية حقيقية, أمّا ملكية الخمس وملكية الناس وملكية السّيد لما في يد عبده هي ملكية اعتبارية وما دامت الجهة مختلفة فلا منافاة بينهما.


[2] راجع المغني لابن قدامة:2: 582: 580.
[3] المغنى: 7 : 301 -302.
[6] الكشاف للزمخشري:4: 502 وتفسير الرازي:10 : 507 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 18: 12.
[7] المغني لابن قدامة:2: 580-582.
[8] أصول الكافي ج1: 409، كتاب الحجّة باب الأرض كلها للإمام، ذيل ح8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo