< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عدم وجوب زكاة الفطرة في تركة الميت إن مات قبل الغروب / زكاة الفطرة

مسألة18: اذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شيء وإنْ مات بعده وجب الإخراج من تركته عنه وعن عياله وانْ كان عليه دين وضاقت التركة قسمت عليهما بالنسبة(1).[1]

1)لا إشكال في عدم وجوب إخراج الفطرة اذا مات المكلّف قبل الغروب وذلك لعدم إدراكه زمان تعلّق الوجوب وهو غروب ليلة العيد.

ولكن لو مات بعد الغروب: فقد قال صاحب العروة قدس سره: بوجوب إخراج زكاة فطرته(عنه وعن عياله من تركته) بل لو كان عليه دين وضاقت التركة فتقسّم التركة على الديون وعلى الفطرة بالنسبة. وقد ذكر هذا الحكم صاحب الجواهر قدس سره أيضاً وأرسله إرسال المسلّمات[2] . وقاله السيد الحكيم قدس سره أيضاً[3] . ولكنّ هذا الحكم انّما يكون صحيحاً لو كانت زكاة الفطرة هي مثل زكاة المال دَيْناً على ذمّة المعيل لأنّ الديون تحلّ بالموت, ولا مرجّح لبعض الديون على بعض.

ولكن السيد الخوئي قدس سره قال[4] : لم نعثر على أي رواية يُستفاد منها أنّ زكاة الفطرة كزكاة المال, بل ظاهر الأدلّة يقول: ان زكاة الفطرة تكليف محض مثل الكفارة والفدية ومثل إقامة الصلاة فهي واجب إلهي ومثل الحج أيضاً.

وعلى هذا تكون الفطرة كبقيّة التكاليف الإلهية المنوطة بالقدرة والحياة ويسقط لدى العجز والموت من دون ان تكون الذمّة مشتغلة به, ولذا لولم يخرج الفطرة و لم يمت حتى مضى وقت الدفع وهو زوال يوم العيد فهنا قال المشهور إنّها تسقط والإعطاء بعد ذلك يكون صدقة مستحبة وليس من الفطرة وعليه رواية معتبرة, وذهب جماعة الى وجوب القضاء كما يجب قضاء الصوم, والتزام جمع قليل بالإعطاء وجوباً ولو بعد الزوال.

قال السيد الخوئي قدس سره: وهذا النزاع يدلّ على ان الفطرة ليست من قبيل الوضع وليست دَيْناً ثابتاً في الذمّة إذْ لو كانت دْيناً ثابتاً في الذمّة, فلا مجال لهذا البحث لأنّه لا مسقط لها بعد الاشتغال وليس خروج الوقت من مناشئ سقوط ما في الذمّة في حقوق الناس[5] . وحينئذٍ اذا كانت الفطرة واجباً إلهياً فهي لا تخرَج عن أصل المال ما عدا الحجّ الذي هو منصوص.

أقول: إنّنا وإنْ كّنا نتّفق مع السيد الخوئي قدس سره في النتيجة إلاّ انّه قد ذكر بعض الأُمور التي لا نتّفق معه فيها, وهي:

1ـ لم يرد في الروايات بأنّ مَن أخرجها بعد الزوال يكون صدقة مستحبة, بل الوارد فيها انّه تكون صدقة, ولكن عنوان الصدقة ليس خاصّاً بالمستحبة حتى يستظهر منها ذلك بل إنّ آية الزكاة الواجبة وردت بعنوان الصدقة. وهي قولهُ تعالى: (خذ من امواهم صدقة..). نعم المستفاد من هذه الروايات: ان عنوان الفطرة التي فيها بعض الآثار التي منها أنّها فداءٌ عمّن تُدفع عنه وتحفظه من الموت والفوت, وهذه الآثار لا تترتب اذا أخرجها بعد الزوال, وليست الروايات تقول بسقوطها كفطرة وتكون فطرة مستحبة.

2ـ ان بحث الاصحاب عن كون الإخراج بعد الزوال بنيّة الأداء أو القضاء لا ربط له بثبوت الحكم الوضعي باشتغال الذمّة بالفطرة وعدمه وذلك لأنّها ناظرة الى الحكم التكليفي, فقبل الظهر تدفع اداءً وبعد الظهر تدفع قضاءً فالقضاء يكون بلحاظ فوت الحكم التكليفي. وهذا لا ربط له بنفي الحكم الوضعي.

نعم ان في زكاة المال وردت أدلّة دالّة على الحكم الوضعي وانّ المال الذي تجب فيه الزكاة هو شركة بين الفقراء والمالك ومثل هذه التعابير لم ترد في زكاة الفطرة, وهذا أمر صحيح نتّفق بيه مع السيد الخوئي قدس سره ولهذا نقول: ان وحدة الجعل مع اختلاف التعابير بالشركة في زكاة المال دونها في زكاة الفطرة لهو دليل على عدم كون وجوب زكاة الفطرة وضعياً فما ورد من أنّ زكاة الفطرة واجبة وهي بمنزلة الزكاة فهي ناظرة الى الوجوب التكليفي ولا تشمل الوجوب الوضعي(الشركة).

على ان الشركة في زكاة المال معقولة لوجود الموضوع «وهو الذهب والفضة والأنعام والغلاّت» فهي مشتركة بين المالك ومن وجبت الزكاة له, امّا في زكاة الفطرة فموضوعها ( الخلقة, والابدان, أو الرؤوس) ولا يمكن ان تكون شركة هنا فحينئذٍ يكون وجوب الفطرة بإعطاء الصاع من مال المكلّف هو وجوب تكليفي محض.

كما لا يمكن ان يقال ان الامر بالعزل في مال خارجي قبل الظهر من يوم العيد فإنْ عزلها وأتلفها بالتفريط في حفظها أو التعدّي عليها, هو دليل على أنّ وجوب زكاة الفطرة هو وجوب وضعي أيضاً, وذلك لانّ كلامنا نحن قبل العزل والحفظ والتفريط في الحفظ, فهل هي حكم تكليفي محض أو هو حكم تكليفي ووضعي معاً فلاحظ.

اذن إلحاق زكاة الفطرة بالدين محل اشكال بل منع. ثم اننا لو احتملنا ان الفطرة تكليف محض ولولم نجزم بذلك كالسيد الخوئي قدس سره فحينئذٍ اذا مات الانسان, فنشك في سقوط الفطرة عنه لأنّها تكليف محض أو لم تسقط لأنها تكليف ووضع, فالمرجع يكون أصالة البراءة للشك في أصلة التكليف.

 

مسألة19: المطلقة رجعياً فطرتها على زوجها دون البائن إلاّ اذا كانت حاملاً ينفق عليها(1).

1)فرّق السيد صاحب العروة قدس سره بين المطلّقة رجعياً والمطلّقة بائناً وتبعه السيد الخوئي في ذلك ولكنّ الأخير أفاض في الفرق بين المطلّقتين فقال: المطلقة رجعيّاً: للزوج ان يستمتع بها كما له أنْ يستمتع بزوجته غير المطلقة, وله ان يطأ وله كل استمتاع وانْ لم يقصد الرجوع, لان الرجوع قهري وبحكم الشارع اذا فعل تلك الأمور في داخل العدة فالمطلقة رجعياً هي تستعد للبينونة المنوطة بانقضاء العدة, فقبل انقضاء العدة, هي باقية على علقة الزوجية محكومة بها كما هو صريح قوله عليه السلام: «اذا انقضت العدّة فقد بانت منه» اذن الطلاق الرجعي مع إنقضاء العدة يكون بمثابة الانشاء بالإضافة الى القبض في بيع الصرف والسلم, فدون إنقضاء العدة ودون القبض في بيع الصرف وبيع السلم لا أثر للطلاق ولا أثر للبيع.

ولهذا فالمطلقة رجعياً يترتب عليها جميع آثار الزوجة من نفقة وإرث وتمتّع, ولها من الزوج الارث واستمتاع اذن تجب الفطرة على زوجها عنها لأنها زوجة معالة من قبل الزوج.

وأمّا البائن: فقد خرجت من الزوجة وصارت اجنبية, فلا فطرة عليه الاّ مع الإعالة كما في الحامل التي يعيلها ولو من اجل حملها, أو يعيلها وان لم تكن حاملاً. فالمطلقة طلاقاً بائناً اذا لم يعل بها الزوج فلا فطرة عليه لها, واذا عالها ولو من أجل حملها أو لشيء آخر ففطرتها عليه, وإنْ اعال الطفل فقط ففطرة الطفل على الزوج دونها لعدم عيلولتها. ثم قال السيد الخوئي قدس سره هناك ابحاث تعارضت في المطلقة الرجعية وهي:

1ـ ان المطلقة الرجعية زوجة مجازاً وعليه فالمجازية هل هي في تنزيل المطلّقة رجعياً منزلة الزوجة غير المطلقة من ناحية الموضوع أوننزّلها منزلة الزوجة غير المطلقة من ناحية الحكم؟

2ـ هل التنزيل الحكمي هو بلحاظ جميع الآثار أو بلحاظ بعضها؟ ولكن كل هذه الأبحاث لا أساس لها, وذلك لعدم ورود شيء من هذا في الروايات, بل هو كلام الفقهاء بل الثابت بالنصوص انّها زوجة حقيقة.

أقول: كل هذا الذي تكلّم به السيد الخوئي قدس سره لا نحتاج اليه هنا, والتفصيل الذي ذكره صاحب العروة قدس سره في غير محلّه وتأييد السيد الخوئي له كذلك في غير محلّه وان كان في كلام السيد الخوئي علّة الحكم وهي متى ما صدقت العيلولة الفعلية وجبت الفطرة على الزوج سواء كانت المطلقة رجعية ام لا ومتى لم تصدق العيلولة الفعلية فلا فطرة على الزوج سواء كانت المطلقة رجعية ام لا.

 

مسألة20: اذا كان غائباً عن عياله أو كانوا غائبين عنه وشكّ في حياتهم فالظاهر وجوب فطرتهم مع احراز العيلولة على فرض الحياة(2).

1) هذه المسألة واضحة.

 


[3] مستمسك العروة الوثقى ج9 ص412.
[4] المستند في شرح العروة الوثقى 24: 422.
[5] المستند في شرح العروة الوثقى24: 422.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo