< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/01/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة كون العيلولة هي المدار في وجوب الزكاة

 

وفي صحيح الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: صدقة الفطرة على كل رأس من أهلك الصغير والكبير والحرّ والمملوك والغني والفقير[1] . وفي صحيح حّماد بن عيسى عن ابي عبدالله عليه السلام قال: يؤدّي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبد النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه[2] . فيفهم ان الذي اغلق عليه الباب من هؤلاء هم عياله, وأمّا اذا كانوا معالين عند غيره وتغلق عليهم باب غيره فلا فطرة عليه. وفي صحيح إسحاق بن عمّار قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن الفطرة (الى ان قال) وقال: الواجب عليك ان تعطي عن نفسك وأبيك وأمك وولدك وامرأتك وخادمك[3] .

وهذه الصحيحة قد فسّرت أو خصّصت بما اذا كانوا عيالاً له بقرينة بقيّة الروايات.

وفي صحيح الفضلاء عن ابي جعفر وابي عبدالله عليهما السلام أنهما قالا: على الرجل ان يعطي عن كلّ من يعول من حرّ وعبد وصغير وكبير يعطي يوم الفطر قبل الصلاة فهو أفضل, وهو في سعة ان يعطيها من اوّل يوم يدخل من شهر رمضان الى اخره[4] .

اذن الروايات كلها تشير الى ضابطة الإعالة المنتشرة في مصاديق متعددة, والعيلولة والعيال ومَن يعول, كلّها بمعنى واحد يعني: تحمّل المعيشة والمسؤولية.

هذا ولكن السيد الحكيم قدس سره: ذهب الى ان العيلولة هي الانفاق وهي أعمّ من العيال, فالضيف يصدق عليه أنّه معال الا أنه ليس من العيال, فكأنّ العيال هم واجبوا النفقة فقط, أمّا غيرهم الذي ينفق عليهم صاحب البيت فهم داخلون في عيلولة الرجل إلاّ أنّهم ليسوا من العيال, فالضيف يعول به صاحب البيت الاّ انّه ليس من العيال, فكأنّ السيد الحكيم فرّق بين معنى العيال, ومعنى العيلولة, الذي قلنا انهما بمعنى واحد, او ان السيد الحكيم يريد ان يقول ان العيال وهم واجبوا النفقة تجب فطرتهم على الزوج وان لم يكونوا معالين بخلاف من لم يكن من العيال فهو انمّا تجب الفطرة على صاحب البيت اذا كانوا من العيال, وحينئذ سيكون كلام السيد الحكيم هو كلام الامام الشيخ الانصاري قدس سره. الذي سيأتي لاحقاً.

والجواب: هو إمّا ان نقول: بأنّ الانفاق " المسؤولية" الذي يصدر من صاحب البيت يكون مرّة لمن يعول به وانْ لم يكن من العيال, وهو ملاك وجوب الفطرة على صاحب البيت عنهم. وإمّا أنْ نقول: لا تنافي بين نصوص(من يعول) وبين نصوص( العيال) لانهما مثبتان فروايات العيال لا تدل على ان الموضوع الحكم عنوان العيال فقط, ففي صحيح عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله عليه السلام قال: كل مَن ضممت الى عيالك من حرّ أو مملوك فعليك ان تؤدّي الفطرة عنه[5] . فهي تدل على وجوب اعطاء الفطرة عن كلّ شخص ضُمّ الى العيال, ولكن لا يوجد انحصار بهم, فيدل على وجوب الفطرة على العيال أيضاً بالروايات الأخرى التي ذكرت وجوب الفطرة على العيال.

نعم هناك صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلاّ أنّه يتكلّف له نفقته وكسوته أتكون عليه فطرته؟ فقال: لا انما تكون فطرته على عياله صدقة دونه, وقال: العيال الولد والمملوك والزوجة وأمُ الولد[6] . وهذه دلّت على اختصاص الحكم بالعيال, وحينئذ تكون هذه الصحيحة منافية للروايات القائلة بوجوب الفطرة على من يعول.

اقول: لابدّ من حملها على الانفاق الذي لا يحقّق الاعالة, كالإنفاق بعنوان الهدية أو الصدقة أو من حقّ الامام أو من حق ّالسادات, فإنّ الانفاق في هذه الصحيحة مجمل قابل للحمل على هذا الانفاق الذي لا يتحقق معه صدق الاعالة, وهذا الحمل إنما يصار اليه لصراحة الروايات القائلة بوجوب الفطرة على مَن يعول أو نقول: ان كلمة (يتكلّف له نفقته) هي قرينة على ان الصرف لم يكن من كيسه بحيث يكون هو المسؤول عنهم بل الصرف والبذل من غيره فهو المتكلّف لهم لا أنّه هو المعيل, فلاحظ.

ثم ان الشيخ الانصاري قدس سره. ذهب الى ان موضوع الفطرة هو واجب النفقة وعنوان من يعول فكلّ منهما سبب لوجوب الفطرة وحينئذ يجب على المكلّف إخراج فطرة من تجب نفقته عليه وانْ لم يعل به, واستدل لذلك بروايتين:

الاولى: صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج المتقدمة اذ قال فيها (العيال: الولد والمملوك والزوجة وام الولد[7] .)

الثانية: عن اسحاق بن عمّار قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام... وقال: الواجب عليك ان تعطي عن نفسك وابيك وأمك وولدك وامرأتك وخادمك[8] .

اقول:

1ـ إنّ صدر الروايتين جعل موضوع الزكاة هو العيال, وصدق العيال موقوف على الانفاق الفعلي.

2ـ إنّ هاتين الروايتين لابدّ من تقييدهما بأحد تقييدين:

الأوّل: التقييد بما اذا كانوا واجبي النفقة والاّ فلا تكون فطرتهم عليه قطعاً لو كانوا اغنياء.

الثاني: التقييد بالإنفاق الفعلي ليتحّقق عنوان (من يعول) والاستدلال يتم على الأوّل, الاّ أنّه لم يتعيّن, لإمكان التقييد بالثاني.

اذن لم يتمّ استدلال الشيخ الانصاري قدس سره. ويمكن القول: بتعيين التقييد الثاني وذلك: لاستبعاد خطاب مَن يمتنع عن الإنفاق. ويرد على هذا: ان كلا منا ليس في الممتنع, بل كلامنا في مَن لم يُنفق ولو لعذر كالسجن.

 

مسألة1: اذا ولد له ولد أو ملك مملوكاً أو تزوّج بامرأة قبل الغروب من ليلة الفطر أو مقارناً له وجبت الفطرة عنه اذا كان عيالاً له, وكذا غير المذكورين ممّن يكون عيالاً وإنْ كان بعده لم تجب نعم يستحب الاخراج عنه اذا كان ذلك بعده وقبل الزوال من يوم الفطر (1).[9]

مسألة2: كلّ من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه وانْ كان غنيّاً وكانت واجبة عليه لو انفرد[10]

1)تقدم البحث فيها.

2)تعرّض السيد الماتن قدس سره في هذه المسألة الى اربعة فروع:

الفرع الاول: لا تجب الفطرة على المعيل وعلى العيال معاً في عرض واحد بحيث تجب فطرتان عليه, واحدة يدفعها المعيل وواحدة يدفعها المعال.

بل الفطرة واحدة ثابتة في عهدة المعيل دون غيره وهذا مسلّم في الفقه, نعم نُسب الى ابن ادريس انه قاله: تجب الفطرة على الضيف وعلى المضيف معاً وما قاله ابن ادريس ضعيف لمخالفته للإجماع وعدم الخلاف.

وقد يُستدل للفرع الأوّل, بالإضافة الى الإجماع بروايات وجوب زكاة الفطرة على المعيل وأنّه يجب عليه اخراج فطرة من يعيله بحيث تكون الفطرة على المعيل فقط, ولو كان الوجوب عليهما معاً لذكر ذلك في الروايات.

إذن ما يخرجه المعيل عن كلّ من يعول هو اخراجها عمّن يعول, فالمعيل يخرج فطرة المعال, لا أنّه يخرج فطرة اخرى.

الفرع الثاني: اذا لم يؤدّ الفطرة المعيل لنسيان أو عصيان أو جهل, فهل تجب على المعال اذا كان واجداً لشرائط الوجوب؟ ذكر المشهور عدم الوجوب على المعال, لأنّ المكلّف بالإخراج هو المعيل, وقد عصى, أمّا المعال فهو ليس مكلّفاً بالفطرة, نعم الاحوط استحباباً إعطاء الفطرة عن نفسه. ولكن يظهر من بعض عدم سقوطها في هذا الفرض كما ذهب اليه صاحب الإرشاد واحتمله في المسالك.

ودليل المشهور: هو انّ الدليل قد دلّ على وجوب اخراجها على المعيل, نعم تجب الفطرة على كلّ مكلّف غير معال وليس له معيل أمّا من له معيل فتجب الفطرة على المعيل ولكن الأدلّة المتقدمة قالت:

1ـ بوجوب الفطرة على كلّ انسان جامع للشرائط.

2ـ يجب على المعيل للزوجة الغنية أو الابن الغني المكلّف ان يدفع فطرة من يعيله. وحينئذ نقول:

اذا لم يعمل المعيل بالتكليف الثاني, يمكن التمسك بالأدلّة الأولى الدالّة على وجوب الفطرة على كل من استجمع الشرائط.

اذن ادلّة الوجوب الثاني تخصّص ادلّة الوجوب الأوّل في صورة الامتثال المعيل لواجبه, أمّا مع عدم الامتثال فتبقى أدلّة القول الأوّل على حالها. اذن يتلّخص من ذلك.

1ـ ان المعيل يجب عليه تعييناً أداء الفطرة عمّن يعول.

2ـ اذا عصى أو نسى أو جهل فتجب الفطرة على المعال اذا توفّرت شرائط الوجوب. فانْ قيل: ان ادلّة الوجوب الثاني تقول بعدم وجوب الفطرة على المعال فكيف نوجّهها عليه اذا عصى المعيل أو نسي أو جهل؟

والجواب: ان ادلّة الوجوب الثاني وان الفطرة واجبة على المعيل دون المعال من باب انّه تجب فطرة واحدة على المعال يجب ان يدفعها المعيل, ولكن اذا لم يدفع المعيل الفطرة عن العيال فهنا لا دليل على عدم وجوبها على المعال اذا كان واجداً للشرائط.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo