< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

34/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: المسافر الجاهل بالحكم
 وأما المسافر الجاهل بالحكم لو صام فيصح صومه ويجزيه على حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر والصيام كالتمام في الصلاة فالإفطار كالقصر والصيام كالتمام لوجود روايات تقول من أفطر قصر ومن صام أتم فالإفطار كالقصر والتمام في الصلاة كالصيام
 فالمسافر الذي يعرف الحكم الشرعي وانه لايصح الصوم في السفر لو صام في السفر فيكون صومه باطلا لأن من شرائط صحة الصوم ان لايكون مسافرا
 أما اذا كان جاهلا بالحكم الشرعي وصام في السفر ورجع الى بلده ثم علم بالمسألة فهذا صومه صحيح وهو مختار صاحب العروة وهذا الفرع هو استثناء من عدم صحة الصوم في السفر
 ومعنى ذلك ان الحكم ببطلان الصوم في السفر مخصوص بالعالم بالحكم اما من يجهل الحكم فصومه صحيح للأدلة الدالة على ذلك كما تقول به الروايات، منها:
 صحيح العيص عن الامام الصادق (عليه السلام) قال من صام بالسفر بجهالة لم يقضه [1]
 صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الامام الصادق (عليه السلام) قال سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر؟ فقال ان كان لم يبلغه ان رسول الله نهى عن ذلك فليس عليه قضاء وقد أجزء عنه الصوم [2]
 كما ان هناك روايات اخرى تدل على صحة الصوم في السفر مع الجهالة بالحكم الشرعي
 وعليه فالروايات المتقدمة الدالة على بطلان الصوم في السفر مثل صحيحة معاوية بن عمار مختصة بالعالم بالحكم الشرعي اما الجاهل فحكمه صحيح كما دلّت عليه الروايات التي ذكرناها
 نحن هنا نعمم هذا الإستثناء لصحة الصوم في السفر عند الجهل بالنهي سواء كان الصوم واجبا أو مستحبا فان الروايات التي ذكرناها اما صريحة في شهر رمضان أو ظاهره فيه لأن الرواية الاولى وهي صحيحة العيص تقول من صام بالسفر بجهالة لم يقضه وهذا قرينة على الصوم قضاء او واجب فكيف يمكن تعميمه للمستحب
 وأما الرواية الثانية سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فهي مختصة بشهر رمضان
 فالروايات التي تقول ان الصوم في السفر صحيح مع الجهالة مختصة بشهر رمضان أو بالصوم الواجب ولم تتعرض الروايات للصوم المستحب، فكيف نعممه للصوم المستحب؟
 نقول لو صح الصوم الواجب في السفر عند الجهالة حسب الأدلة فيعرف منه ان ملاك الصحة هو جهالة الحكم ومعه فلا نفرق بين الواجب وغير الواجب فنأخذ باطلاق من صام بجهالة
 فان قوله (عليه السلام) لم يقضه كناية عن الصحة لأن ملاك الحكم هو الجهالة فلاتخصيص للحكم بالواجب فيشمل المستحب أيضا
 ثم ان هذا الحكم ليس مختصا بالصوم بل يشمل الصلاة أيضا فان المكلف اذا صلى في السفر تماما ولم يقصر جهلا منه بالحكم فتصح صلاته حتى مع الانكشاف في الوقت
 ثم ان الجاهل تارة يكون جاهلا بأصل الحكم وتارة يكون جاهلا بخصوصيات الحكم كما لو قرأت عليه آية القصر لكنه يجهل بخصوصيات القصر فهو يعلم بأصل الحكم الاّ انه يجهل بخصوصيات القصر
 هنا اختار بعض الأعلام منهم السيد الخوئي وصاحب المستند صحة الصوم وتمسكا بإطلاق من صام بجهالة فيصح صومه
 فلو قيل ان بعض الروايات قالت ان عدم القضاء منوط بعدم بلوغه نهي النبي (صلى الله عليه واله) وان الجاهل بالخصوصيات قد بلغه فلابد ان يكون صومه باطلا فكيف يقول السيد الخوئي بصحة صومه؟
 هنا الرواية قالت لم يبلغه وهذا يقسم الى قسمين منها أصل الحكم ومنها خصوصيات الحكم، فان بلوغ نهي النبي لم يبلغني عن شخص هذا الصوم وهو في السفر التلفيقي بل بلغني النهي عن الصوم في السفر الامتدادي ولذا اختار السيد الخوئي صحة الصوم اذا كان جاهلا بخصوصيات القصر
 فمقتضى إطلاق النص هو عدم الفرق بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالخصوصيات فإن صام مع العلم بوجوب الإفطار فيبطل صومه وعليه القضاء وان صام عن جهل بوجوب الإفطار فيصح صومه
 أقول: لايلحق المريض بالمسافر لو تكلف الصوم وصام غير عالم بنهي الشارع فلا يلحق بالمسافر، لأن هذا قياس للمريض غير العالم بالنهي بالمسافر غير العالم بالنهي وهذا باطل عندنا ومحرم
 ثم ان المسافر الجاهل بالحكم يشترط في صحة صومه ان يبقى على جهله الى اخر النهار والى نهاية العمل اما اذا علم بالحكم في الأثناء فلايصح صومه، وذلك:
 توجد نوعان من الأدلة:
 الاولى: أمرت بالإفطار عند السفر، الثانية: قالت بصحة الصوم في السفر اذا تحقق الصوم كله في السفر وهو جاهل بالحكم، فلو علم أو التفت الى الحكم وهو في أثناء النهار فحسب الأدلة الاولى يجب عليه الإفطار لأنه عالم بالحكم فيحرم عليه الصوم ولابد ان يفطر وهذا الحكم لايفرق فيه بين الصلاة والصوم فإن المناط واحد، هذا كله فيمن صام في السفر بجهالة بالحكم الشرعي فصومه صحيح اذا حصل كل الصوم بجهالة
 أما الناسي فهل يلحق بالجاهل؟ الفتوى هنا تقول بأنه لايلحق
 وذلك لأن صحة الصوم في السفر هو خلاف للقاعدة حيث ورد الدليل به فنخصص ماهو خلاف القاعدة بالمتيقن وهو الصائم في السفر بجهالة أما الناسي فهو موضوع آخر واذا تم الحاقه بالجاهل فهو من القياس الباطل فانه لادليل اخر على الالحاق
 فالناسي لبطلان الصوم في السفر اذا صام فان صومه باطل لاطلاقات صحة الصوم بعدم السفر فيجب عليه القضاء
 ولكن هنا بعض الفقهاء الحق الناسي بالحكم الحقه بالجاهل بالحكم وهو قول صاحب المستند حيث قال ان الملاك هو المعذورية فكما ان الجاهل معذور فالناسي أيضا معذور
 وقال ان الجهل هو أحد المرفوعات وكذا النسيان هو أيضا أحد المرفوعات
 لكن هذا كلام باطل لأن الاشتراك في المعذورية ليس هو الملاك بل الموجود في الروايات هو الجاهل بالحكم
 وكلامنا هنا هو الناسي للحكم حيث قلنا ببطلان صومه وأما الناسي لشهر رمضان فأكل وشرب فصومه صحيح فإن الناسي للحكم يفترق عن الناسي لشهر رمضان
 وهنا فرع ثالث وهو اذا نسي غسل الجنابة فهنا الروايات تقول بأنه يقضي
 فناسي الحكم وناسي غسل الجنابة لو صام فإنه يقضي أما الناسي لشهر رمضان لو أكل وشرب فصومه صحيح ولايقضي


[1] وسائل الشيعة، الباب 2 ممن يصح منه الصوم الحديث 5
[2] وسائل الشيعة، الباب 2 ممن يصح منه الصوم الحديث 6

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo