< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

33/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: حكم التداوي
 قلنا فيما تقدم اذا انحصر الدواء في المحرم أكلا أو شربا فالفقهاء جوزوا استعماله كدواء اذا انحصر الدواء به
 هذا مع ان الروايات تنفي انحصار الدواء في المحرم فان الله لم يجعل في المحرم الدواء ولا الشفاء
 فهل نقول بمقالة الفقهاء او لا؟
 أولاً: اذا اثبت العلم بما لاشك فيه ولاريب ان استخراج الادوية يكون من الخمر او النجسات فحينئذ تطرح تلك الروايات وان كانت صحيحة فانها اخبار آحاد والخبر الواحد انما يكون صحيحا اذا كان متنه موافقا للعقل والعلم
 بينما الروايات التي ذكرناها كرواية ابن اذينة قال كتبت الى الامام الصادق (عليه السلام) أسأله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر اسكرجة من نبيذ ليس يريد به اللذة انما يريد به الدواء فقال (عليه السلام) لا ولاجرعة ثم قال ان الله عز وجل لم يجعل في شيئ مما حرم دواء ولا شفاء
 وهذا الخبر وان كان عن الامام الصادق (عليه السلام) الاّ انه ليس بسنة بل هي حاكية عن السنة فلابد من اجتماع شروط الحجية في هذا الخبر
 وان الحجية للشيئ لابد ان تتصف بصفات منها عدم الكذب والثقة وكون الكلام معقولاً وموافقاً للعلم
 فتطرح هذه الرواية للاخلال في المتن
 ثانياً: يمكن ان يقال ان هذه الروايات المانعة من وجود الدواء في المحرم ناظرة الى الزمان السابق الذي لايمكن فيه استخراج الدواء من المحرم
 أما اذا تمكن العلم من ايجاد الدواء من المحرم أو من الحشرات فلابد من حمل تلك الروايات على ذلك الزمان فعندما نقرء ان الدم يحرم بيعه والحشرات يحرم بيعها فان ذلك باعتبار انها لانفع فيها اما الان فان الفقهاء يجوزون ذلك باعتبار تحقق النفع في هذه الامور
 ثالثاً: يمكن ان يقال ان الحرمة المذكورة هي في صورة شرب الخمر على صورة الخمرية
 ولكننا نقول ان الخمر قد تغيرت صفته وصار دواء نعم هو نجس باعتبار اتخاذه من الخمر
 ففيما نحن فيه تكون الروايات منصرفة عن مانحن فيه حيث انه هنا قد استهلك النجس في شيئ آخر
 رابعاً: قد نقول ان هذه الروايات معارضة اذا قلنا بحرمة شرب الابوال الطاهرة
 فأبوال الابل والبقر والغنم محرمة وهو الصحيح وليست مكروهة فانها من الخبائث فهي محرمة
 وقد خصصت الروايات شربها في التداوي فقط
 الاولى: موثقة عمار بن موسى الساباطي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال سُئل عن بول البقر يشربه الرجل؟ قال (عليه السلام) ان كان محتاجا اليه يتداوى به يشربه
 وكذا ابوال الابل والغنم
 الثانية: موثقة المفضل بن عمر عن الامام الصادق (عليه السلام) انه شكى اليه الربو الشديد فقال له (عليه السلام) اشرب ابوال اللقاح فشربت ذلك فمسح الله دائي وهي ذوات الالبان
 الثالثة: عن انس ان رهطا من عرينة اتوا النبي (صلى الله عليه واله) فقالوا إنا اشتوينا المدينة وعظمت بطوننا وارتهفت اعضائنا فامرهم النبي (صلى الله عليه واله) ان يلحقوا براعي الابل فيشربوا من البانها وابوالها فلحقوا براعي الابل فشربوا من ابوالها والبانها حتى صلحت بطونهم وابدانهم ثم قتلوا الراعي وساقوا الابل ويقال ان النبي (صلى الله عليه واله) عندما سمع بذلك قطع ايديهم وارجلهم من خلاف حتى ماتوا على هذه الصورة
 فهذه الابوال محرمة الاً في صورة التداوي
 لايقال ان هذه الروايات مخالفة ومعارضة للرواية التي تقول لم يجعل الله فيما حرم دواء ولا شفاء
 فانا نقول هنا لايوجد تعارض بل هو عام وخاص فيكون هذا أخص فانه محرم دواء الاّ في ابوال الابل فهو تخصيص لما حرّم
 فنقول بالجواز اذا انحصر الشفاء لبعض الامراض بها ولايعتد بالروايات المانعة لذلك
 أو نقول انها صدرت على نحو القضية الخارجية في ذلك الزمان ولاتشمل الازمنة المتاخرة التي اخرج العلم الدواء من المحرمات
 اما العامة فلهم اقوال ثلاثة في هذه المسألة
 الاول: عدم جواز التداوي بالمحرمات الماكولة والمشروبة وهو قول جمهور العلماء من العامة
 فقد ذهب إليه المالكية والحنابلة والشافعية في أحد القولين وفي وجه عند الحنفية
 واستدلوا بما رواه مسلم عن طارق بن سويد الجعفي انه سال النبي (صلى الله عليه واله) عن الخمر يصنعها للدواء فقال انه ليس بدواء ولكنه داء
 وفي الصحيح عن بن مسعود ان الله لم يجعل شفائكم فيما حرم عليكم
 عن ابي هريرة قال نهى رسول الله (صلى الله عليه واله) عن الدواء الخبيث
 وهذا القول الاول لم يجعل التداوي من المرض من الضروريات التي تجوز المحضورات
 الثاني: جواز التداوي بالمحرمات وبه قالت الظاهرية وقول اصح عند الشافعية
 وهو جواز التداوي بالمحرمات الاّ المسكر
 بدليل ان التداوي يعتبر من الحالات الضرورية التي تباح معها المحضورات، قال تعالى وقد فصل لكم ماحرم عليكم الا ما اضطررتم اليه وجعلوا الشفاء من المرض نوع من الاضطرار
 الثالث: الجواز بالاستشفاء بالمحرم اذا تيقن الشفاء به وانحصر الدواء به وهو قول بعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض المالكية
 بدليل ان النبي (صلى الله عليه واله) اباح التداوي بابوال الابل وقد تيقن الشفاء بها
 وبهذا القول يمكن الجمع بين احاديث النهي عن التداوي بالحرام واحاديث الجواز
 والصحيح من كل ذلك
 ماذهبا اليه وهو الجمع بين القول الثاني والثالث بحسب قول أهل الخبرة وهو اذا انحصر الدواء بالمحرم وتوقف الشفاء عليه فيجوز
 وتلك الروايات التي ذكرت تحمل على انها صدرت على نحو القضة الخارجية
 هذا كله في القسم الاول وهو اذا كان التداوي بالاكل او الشرب
 اما اذا كان التداوي بالنجس او الحرام بغير الاكل والشرب
 كما لو كان التداوي بالتدهين او التزريق او الكحل او وضع عضو في البدن وغير ذلك من غير موارد الاكل والشرب
 فالروايات المتقدمة وان كانت مطلقة الاّ انها منصرفة الى المحرم بالاكل والشرب فلابد من تقييدها بالاكل والشرب بل يكثر استعمال الحرمة المطلقة ويراد منها الاكل والشرب
 وعليه فالتدهين والتزريق والكحل وغيرها من استعمال المحرم لا اشكال فيه
 
 
 
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo