< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا فيما تقدم ان الشرط الجزائي أو كل شرط انما يكون صحيحا بشرط ان لا يخالف الشرط الكتاب والسنة فاذا خالف الشرط الجزائي او اي شرط مخالفا للكتاب والسنة فهو باطل لان الدليل قال: (المسلمون عند شروطهم الاّ شرطا أحل حراماً) فهذا الشرط باطل، فالشرط الجزائي وكل شرط لا يصح في الحرام، فلو داينت شخصا واشترطت عليه مع التاخير ان يدفع كذا فهذا شرط باطل لانه احل الحرام وهو الربا وقد تحقق هنا، وكذلك البيع نسيئة على شخص واشترط عليه ان أخّر عن موعده فلي الزيادة وهذا أيضا باطل لانه احل الربا فانه ياخذ الزيادة على الاجل، وكذلك في بيع السلم والاستصناع ففي السلم البائع مدين بالبضاعة فلو أخذتُ منه نقدا نتيجة التاخير فهذا ربا لان اخذ الشرط الجزائي وهو النقد في مقابل تاخيره عن دفع ماعليه من الشيئ الكلي فهذا ربا ولا يجوز، ففي المقاولات التي يشيع فيها الشرط الجزائي يكون الشرط الجزائي باطل فالشيئ هو كلي في الذمة وهو دين وان كان البيع هو بيع نسيئة، فالشرط الجزائي في هذه الامور لا يجوز.

بقي الشرط الجزائي يجوز في العين الخارجية التي هي لي واشترطت ان تسلمها لي بعد شهر كأن اشتري بيتا خارجيا مشخصا فاقول ان اخرت تسليمه عن شهر رمضان فتدفع كل يوم الف دينار وهذا لا مشكلة فية، وكذا في الاجارة فالشرط الجزائي صحيح اذا اخر عن الموعد فللمشترط اخذ ما اشترطه.

حينما كتبنا كتابنا (الربا فقهيا واقتصاديا) كنا نتصور ان الفقه السني يتسامح في الربا ويتحايل على ايجاد الربا في الخارج والحيل في الفقه الحنفي على ايجاد الربا كثيرة وكنا نذكر الحيل ونناقشها وعندما دخلنا معهم في المؤتمرات الفقهية راينا عندهم تشديد في حرمة الربا حتى الاشياء الجائزه يحرمونها بحجة الربا فان (حط وتعجل) الذي فيه روايات اي الدائن ينقص من دينه فياخذ اقل وهذا عكس الربا فهذا ايضا يحرمونه، وكذا خصم الكمبيالة في البنك فهذا بيع في الذمة باقل مع انه جائز الاّ انهم يحرمونه.

وقد وجدنا ثلاثة من كبار علماء السنة يجوزون الربا فقالوا بجواز التعويض والغرامة عند تأخير سداد الديون وهذا هو الربا بعينه، فقالوا بجواز اشتراط الغرامة عند تأخير سداد الديون واشتراط التعويض عند تأخير السداد وقالوا يجوز للقاضي ان يشترط الغرامة عند تأخير سداد الدين وهذا واضح كونه ربا، وقد قال بهذا القول احد افراد هيئة كبار العلماء وهو عبد الله بن منيع وقال به مصطفى الزرقا وهو شيخ من الشيوخ وقال به أيضاً البرفسور السوداني الصديق الضرير وهؤلاء من كبار العلماء حيث ان احدهم من هيئة كبار العلماء والآخر برفسور وقد قالوا في شرط التعويض يجوز لنا ان نشترط التعويض عند التأخير اي ( أتقضي أم تربي) وهو الربا الجاهلي فتارة نحن نشترط وتارة القاضي يحكم به وهو عين الربا.

وعبارتهم هي كما ياتي: هناك من اجاز الشرط الجزائي في تاخير سداد الديون لكن اجازوا الشرط الجزائي اذا كان سبب تاخير المدين المطل مع يساره اي كونه غني فقد قالوا ان هذا ظلم يستحق فاعله العقوبة لانه يماطل وهو غني فهو ظالم، وكونه ظالم لاشك فيه ونحن ايضا نقول بانه ظالم اما جواز الشرط الجزائي هنا فهو عين الربا نعم يجوز عقوبته من قبل الحاكم الشرعي بالحبس والتعزير لا ان يعطي شيئا مقابل تاخير، وقالوا ان المدين اذا كان معسرا فأن الشرط الجزائي غير جائز.

واما ادلتهم فهي سبعة وكلها عند التدقيق باطلة وغير صحيحة، وهي كالتالي:

اولا: من الواضح ان مماطلة المدين دائنه في تسليم ماوجب على المدين ادائه الى الدائن سواء كان ذلك الدين ثمنا من اي جنس من اجناس الأثمان ام كان عينا من اي جنس من الاعيان ام كان سلعة من السلع اذا كان المدين مستطيعا الاداء قادرا على السداد والوفاء ولم يكن للدائن من المدين ضمان عيني يتمكن به الدائن من استيفاء حقه كرهن او كفيل او نحوه.

ولكن: هذا الدليل يكون المدين المماطل الموسر الذي لم يجعل له كفيل ولم يجعل له رهن فهو ظالم، نعم هو ظالم ولكنه لا يعني ان هذا الامر يجوّز الربا.

ثانيا: لا شك ان مطل الغني المدين في الصورة السابقة في حكم الغصب الذي هو ضرب من ضروب التعدي والظلم والعدوان والغاصب ضامن ماغصبه فان القول بضمان ما فات من منافع المال نتيجة مطل ادائه لمستحقه قول تسنده قواعد الشريعة واصولها المستمدة من اصوله الصحيحة ومن كتاب الله وسنة نبيه محمد.

وفيه: انه قال ان المدين المماطل في حكم الغصب، وهذا صحيح ولكن ليس كلامنا في غصب العين الخارجية بل كلامنا في سداد الدين الكلي لا في العين الخارجية، نعم قال العلماء ان المدين اذا اخر فعليه ارجاع الدين وارجاع منافعه ولكن هذا في العين الخارجية، ثم يقول الذي هو ضرب من ضروب التعدي فان القول بضمان ما فات من منافع المال نتيجة مطل ادائه لمستحقه وهذا هو بعينه الربا ومع ذلك يقول هو قول تسنده قواعد الشريعة مع انه رباً واضح فكيف تسنده قواعد الشريعة واصولها.

ثالثا: هناك ادلة خاصة تقول ان مطل الغني ظلم موجب لعقوبته ويحل عرضه.

وفيه: ان الظلم لا يعني حلية الربا وعقوبة الظلم هي التعزير فالروايات تشير الى ذلك وتفسر بانه يجوز فضحه بانه سيئ المعاملة وعقوبته بأن يعزر بالضرب لا ان يعزر بالمال، وان عبد الله بن منيع وهو من كبارهيئة العلماء يقول لماذا نفسر العقوبة بالحبس والضرب فان الحبس والضرب مصداق من مصاديق العقوبة فالنسي العقوبة الى العقوبة المالية ولكن هذا السريان الى العقوبة المالية هو الربا بعينه فنحن لابد ان نقول بالحبس والتعزير لا العقوبة الماليةلان العقوبة المالية تؤدي الى الربا.

هذا الدليل الثالث وهو باطل ايضا وتاتي بقية الأدلة انشاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo