< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

اذاً الى الآن لم نجد دليلاً على صحة الشرط الجزائي الذي قال به الفقه الغربي الاّ (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) هذا هو الداليل الذي وجدناه وهو دليل عام يشمل صحة الشرط الجزائي والشروط الاخرى التي ليس فيها صفاة الشرط الجزائي، اما دليل خاص على صحة الشرط الجزائي الموجود في الفقه الغربي فلم نجده، والرواية الواردة في الاجارة فهي تدل على صحة الشرط وان لم يكن هناك ضرر على المشترط فهي ليست دليلاً خاصاً في صحة الشرط الجزائي كما ذكرنا ذلك في (بحوث الفقه المعاصر) هذه تدل على صحة الشرط سواء كان من خطأ المستاجَر ضرر على المستاجر او لم يكن ضرر فهي دليل على صحة الشروط في العقود مطلقاً وُجد ضرر من المشترط عليه او لم يوجد ضرر.

الفقه السني ذكر روايات تدل على صحة الشرط الجزائي، هذه ايضا نحن لانراها دليل على صحة الشرط الجزائي بالخصوص وهي: ما رواه ابن سيرين في الاجارة قال: قال رجل لكريّه ادخل ركابك اي شد رحلك على ظهر دابتك فان لم ارحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج فقال شريح من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه، فذكرت اللجنة التي اعدت بحث هيئة كبار العلماء ان هذه المسألة صريحة في الشرط الجزائي المذكورة عند الفقه الغربي، وقال الزرقاء ان هذا النوع من الاشتراط المروي عن القاضي شريح في ضمان التعويض عن التعّطل والانتظار فكأن هذا المكاري قد تعطل وانتظر وشد رحاله فلابد ان يعوض عن التعطل والانتظار قال هذا ما يسمى في الفقه الحديث هو الفقه الجزائي.

وقد قلنا سابقا ان هذا ليس له ربط بالفقه الجزائي بل هذه المسالة مرتبطة بالعربون لأن الشرط الجزائي هو تقدير للضرر الحاصل على المشترط ويجوز تخفيضه حتى يتناسب مع الضرر اذا كان مبالغا فيه كما يجوز زيادته اذا كان التقدير اقل من الضرر الحاصل، فعليه نقول:

أولاً: هذا الشرط (ان لم ارحل معك يوم كذا وكذا فلكك) غير مرتبط بالضرر ويجب تنفيذه حتى وان لم يكن هناك ضرر على المستأجر، فهذه الرواية غير مسألة الشرط الجزائي لان الشرط الجزائي مرتبط بالضرر وهنا لم نفترض وجود ضرر على المستاجَر.

ثانياً: هذا الذي ذكر في الرواية عبارة عن العدول عن الاجارة مقابل مائة درهم، لأن اجارة المثل قد تكون الف درهم فعدل عن الاجارة بفسخها مقابل مائة درهم فهو اعمال للخيار في رد الاجارة مقابل شيئ من المال.

ثم ان (العربون) الذي وقع فيه خلاف هل هو صحيح في العقد أو هو باطل وهذا الخلاف عندنا وعند العامة وان كان السيد الخوئي يرى صحة العربون، فنظرية العربون المجازة لا ينظر فيها الى الضرر الذي حصل من التعطيل والانتظار بل هي مجازة لمن اجازها سواء كان هناك ضرر وانتظار او لم يكن هناك ضرر وانتظار فيجوز الفسخ في مقابل اعطاء شيئ من المال مع انه لا يوجد انتظار وضرر على المُستَأجَر، اذاً هذه الرواية عندهم تدل على صحة العربون الاّ انها ليست بحجة لانها عبارة عن فتوى شريح وفتواه ليست حجة على غيره من المجتهدين، فما ذكره اهل السنة باطل من وجود نص خاص على الشرط الجزائي وهو هذه الرواية التي رواها ابن سيرين في عقد الاجارة .

اذاً الى الآن لم يَسلم لنا عندنا على صحة الشرط الجزائي سوى (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) بقيوده التي هي مروية عند الفريقين ومعتبرة عند الفريقين.

قلنا ان الشرط الجزائي صحيح وقد استدللنا على صحته بالقران والروايات فالشرط الجزائي صحيح.

ولكن لو قال أحد المتعاقدين اذا تخلفت عن تنفيذ ما عليك فالاجرة تنقص بدون تحديد وتعيين للنقصان اي بدون تحديد مقدار الضرر وقَبل الآخر، فهذا الشرط الجزائي او التهديد المالي هو شرط باطل وذلك لجهالة الاجرة اذا كان عقد اجار فأن من شروط عقد الاجارة تعيين العمل والاجرة، اذاً الاجرة هنا غير معينة فتبطل الاجارة وتنتقل المعاملة الى اجرة المثل بعد البطلان، ويدل على هذا: القاعدة القائلة بصحة الاجارة وبطلان الاجرة عند جهالتها، ففي حالة عدم الايصال في الوقت المعين فان الاجرة غير معلومة فلوكانت الاجارة مجهولة فيبطل ولكننا ننتقل الى اجرة المثل لأن المستاجَر لم يعمل مجانا فننتقل الى اجرة المثل، ويؤيده ان الاجارة المسماة اذا بطلت فتنتقل الى اجرة المثل.

وتوجد رواية مؤيدة في كتاب دعائم الاسلام عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه سُئل عن الرجل يكتري الدابة أو السفينة على ان يوصله الى مكان كذا يوم كذا فأن لم يوصله يوم كذا كان الكري دون ماعقده، (قال الكرى على هذا فاسد وعلى المُكري اجرة مثل حمله)، فالاجارة المسماة فاسدة، اذاً لو كان الشرط الجزائي تنقيص الاجرة فالشرط الجزائي باطل لانه يؤدي الى جهالة الاجرة.

ثم ان الاجرة تسقط باكملها ان لم يوصله في الوقت المعين او في البيع فان لم ينفذ شروط البيع يسقط الثمن باكمله، ففي الاجارة تسقط الاجارة والثمن يسقط في البيع فالشرط الجزائي باطل لكونه شرطا منافيا لمقتضى الاجارة ومقتضى العقد وهو البيع لانه يرجع الى استحقاق المستأجر العمل بقصد الاجارة بلا اجرة، ويدل على هذا نفس الرواية التي قرأناها في المكاري الذي استاجر ان يوصل المستاجر الى المعدن فان تأخر يوما تنقص من الاجرة فالقاضي قال هذا شرط باطل والامام الباقر (عليه السلام) قام وقال: شرط هذا جائز مالم يحط بجميع الكراء فالشرط الجزائي اذا ادى الى حطوط جميع الكراء فهو باطل استنادا الى الرواية الصحيحة لو قلنا انها واردة في الشرط الجزائي بينما هي ليست في خصوص الشرط الجزائي لانها لم تفترض في صورة تأخر المستاجَر وجود ضرر على المستاجر وهذا هو عدم نفع، وتبقى هنا اجرة المثل، فالمؤجر الذي تخلف عن ايصال المؤجر يوم معين واشترط سقوط الاجرة جميعها فالشرط باطل ولكن هل يبطل العقد أو لا يبطل العقد، هناك قولان: قول يبطل العقد لان الاجرة اذا آجرتك بلا اجرة فيكون العقد باطلا ولكن هناك قول بعدم بطلان العقد وفقط الاجرة بطلت وعلى كلا التقديرين يستحق اجرة المثل فلو كان العقد باطل فانه لم يعمل مجانا واذا لم يبطل العقد بل بطل الشرط وهو سقوط الاجرة باكملها فالعقد موجود فلابد ان يعطى اجرة المثل فانه قد عمل عملاً بدون تبرع.

وهنا توجد قاعدة اخرى وهي (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) والاجارة عقد مضمون لو كان صحيحا بالاجرة المسماة اي عمل هذا المستاجَر مضمون بالاجرة المسماة، فاذا كان باطل فعمل هذا مضمون باجرة المثل لأن (مايضمن بصحيحه يضمن بفاسده) فيستحق اجرة المثل.

الى هنا اثبتنا ان العقد الذي وجد برضا الطرفين ووجدت شرائطة الصحيحة وشرائط صحة الشرط فهو عقد يجب الوفاء به في الفقه الاسلامي سواء أوجد حقاً لموجده أو أوجد حقاً لغير المتعاقدين.

ولذا نرى ان الشارع قد كرّم تراضي الطرفين في وجوب الوفاء بالعقد الناشئ عن تراضيهما، فعندما نقول ان دليلنا على صحة الشروط هو (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) ولا نعني عدم امكان الاقالة في العقد اذا وجدت الاقالة او عدم امكان اسقاط الشرط، لكن هل لا تصح الاقالة وهل لا يمكن اسقاط الشرط كلا ليس كذلك فان الاقالة واسقاط الشارط لشرطة ممكن وهو فعل صحيح، فان (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) يكون في صورة عدم رضا الشارط بالفسخ وعدم رضاه باسقاط شرطه فهنا يجب العمل بالشرط ويجب اعطاء الشارط ماشرطه.

فالشرط الجزائي صحيح الاّ اذا:

أولاً: كان الشرط الجزائي تنقيص الاجرة او تنقيص الثمن من دون ذكر مقدار التنقيص فيكون الشرط الجزائي باطل ومعه فيستحق المستاجر والبائع اجرة المثل.

ثانياً: يسقط الشرط الجزائي اذا كان عبارة عن سقوط الاجرة باكملها او سقوط الثمن بأكمله لو تخلف المشترط عليه عن تنفيذ شروط العقد.

ثالثاً: ويسقط الشرط الجزائي والتهديد المالي ويكون باطلا اذا فقد في العقد ما يعتبر في صحة العقد، لأن الشرط الجزائي تابع للعقد وفرع عنه والفرع يتبع الاصل، فاذا كان العقد وهو الاصل غير صحيح وغير ملزم للطرفين كان الشرط الجزائي المبتني عليه باطل.

رابعاً: ويبطل الشرط الجزائي اذا كان مستتبعاً للحرام كان يكون الشرط الجزائي ربوياً.

يأتي الكلام على عدم نفوذ الشروط الجزائية في موارد اخرى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo