< قائمة الدروس

بحث الفقه - الاستاذ حسن الجواهري

العقود

31/11/23

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: عقود الاذعان

قلنا ان عقود الاذعان هي عقود حقيقية حسب تعريف الامامية للعقد وحسب تعريف الفقه الغربي للعقد، فان عقود الاذعان داخلة تحت ماهيّة العقد

الآن نتعرض الى القوانين الوضعية العربية التي يدّعون انها مستندة الى الشريعة الاسلامية، والواقع هي ليست مستندة الى الشريعة الاسلامية مائة بالمائة وانما هي خليط من الشريعه الحنفية ومن القانون الفرنسي

هذه القوانين ومنها القانون المصري والسوري والليبي والعراقي واللبناني فهذه القوانين تريد ان تضرب في تشريعاتها سلطان الارادة العقلية وتحدده، فالقوانين العربية المقننة تريد ان تُحد من اطلاق العمل بمبدأ سلطان الارادة العقلية القاضية بان العقد هو شريعة المتعاقدين، وتريد ان تعطي سلطة للقضاء في ان يعدّل الشروط أو يلغي بعض الشروط التي تراضى عليها المتعاقدان بما يحقق العدالة والانصاف،

اذاً فكرة عقود الاذعان ظهرت في الفقه الغربي الحديث وأخذت بها سائر القوانين الحديثة المستمدة من التشريع الفرنسي والفقه الحنفي، فالقوانين الموجودة في الدول العربية هي مطابقة للقانون االفرنسي الذي يحد من سلطان الارادة العقدية التي تقول بأن العقد هو شريعة المتعاقدين وتعطي للقضاء سلطة للتدخل في تعديل والغاء بعض الشروط في العقد.

هنا نذكر القانون المصري كمثال ونقيس عليه سائر القوانين، فنقول:

ان القانون المصري سابقا كان يحمي عقود الاذعان حماية قضائية، فكان يقول ان عقد الاذعان هو عقد حقيقي يجب احترامه، واحترام شروطه ويلزم من يتعامل مع الشركة من احترام نظام الشركة ولوائحها وشروطها، وهذا الى الآن يثبت سلطان الارادة العقدية

ولكن القضاء المصري يقول: أنا أتدخل واغلّب الشروط المكتوبة على الشروط المطبوعة، فاذا كانت هناك منافاة بين الشروط المكتوبة والمطبوعة فنغلّب الشروط المكتوبة على المطبوعة، ثم يأتي الى صاحب الشركة الذي يضع شرطاً لكي يُعفي نفسه من المسئولية فيبطل هذا الاعفاء، واذا كان هناك التزام غير معلوم هل هو لمصلحة المذعن او للشركة فيفسّر انه لمصلحة المذعن، وينسخ الارادة السابقة بالارادة الآحقة فمثلاً في عقود التأمين يكتبون انه يجب على المؤمّن ان يأتي الى الشركة ويدفع قسط التأمين لكنهم اخذوا يعملون عملاً يخالف هذا الشرط حيث انهم يذهبون الى المؤمن ويستلمون منه القسط باعتبار ان الارادة السابقة تُنسخ بالارادة الآحقة، وهذا هو القانون المصري القديم.

واما القانون المصري الحديث، فجعل الحماية لعقود الاذعان حماية تشريعية، يعني انه لا يقنن من الأول قانوناً ويفرض الالتزام به، بل بعد ايجاد العقد بين المذعن والشركة فيتدخل الآن ويضع تشاريع جديدة ويأتي بنصوص عامّة لتنظيم عقود الاذعان

مثال: فمثلاً لو قال المشرع (الحماية التشريعيّة): اذا تم العقد بطريق الاذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يتدخل ويعدّل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها وذالك وفقاً لما تقتضيه العدالة و يقع باطلاً كل اتفاق على خلاف هذا البند، والقاضي هو الذي يملك تقدير كون هذا الشرط تعسفي او ليس تعسفياً واذا قدّر القاضي كون هذا الشرط تعسفياً فان اي محكمة ليس لها الحق بنقض هذا القرار

حينئذ فاذا كشف القاضي شرطا تعسفيا في عقد الاذعان فله:

اولاً: تعديل الشرط التعسفي بما يزيل اثر التعسف

ثانياً: ازالة الشرط من اساسه ويعفي الطرف المذعن منه

فالقانون الجديد هو توقيع للقانون القديم ولكن تعين كون هذا الشرط تعسفي هذا من القانون الجديد والقاضي لاياتي ببرهان على ان هذا الشرط تعسفي ينافي العدالة، فلا يتمكن صاحب الشركة ان يتعامل مع المذعن بعدم الرجوع الى القضاء، لأن هذا الشرط بين المذعن وصاحب الشركة خلاف القانون

ونحن نقول ان تدخل القاضي ليس مبررا كما ان هذه القوانين والتشريعات ليس لها مبرر ايضاً، يعنى لاحق للقضاء في التدخل لتفسير البنود الواضحة الى مصلحة المذعن، ولا يحق للقضاء مخالفة بنود العقد بحيث يرفع او يعّدل شرطاً اذا توافق عليه المذعن مع الشركة، فالشروط الموجودة بين المذعن والشركة لا يجوز تعديلها بنفع المذعن، لأن هذا عقد توافقت عليه ارادتان او قرار في مقابل قرار بشروط معينة يفسر حسب ارادة المتعاقدين وحسب ظهوره من ارادة المتعاقدين ولا يحق للقضاء التدخل

ثم هنا لا توجد ظروف طارئة جعلت تنفيذ العقد مرهقاً وهو كما اذا التزمت الشركة عملا مع الحكومة وتعسّر الحصول على المواد الاولية وتضاعفت اجور العمل فيصبح العمل مرهقا للشركة فهنا القضاء يتدخل لتعديل الشروط، ولكن فيما نحن فيه لا توجد ظروف طارئة، على اننا استشكلنا في الحكم بتدخل القضاء في الظروف الطارئة أيضاً لأن التجارة أعم من كونها مربحة او غير مربحة، فالظروف الطارئة لا يجوز فيها التدخل من قبل القضاء، فاذا قبل المذعن بهذه الشروط فلا داعي لحكم القاضي في التدخل لو لم يكن في المعاملة مايبطلها شرعاً كان تكون المعاملة غررية اومحرمة او فاقدة لبعض الشروط المقومة للعقد، فليس للمشرع التدخل في كل عقد من عقود الاذعان

وتوضيح المناقشة بالأدلة والبراهين، فنقول:

لو تم العقد بين المذعن وبين الشركة بارادتهما، ثم ادعى المذعن بان الشركة قد وضعت شروطا تعسفية لم يلتفت اليها حين العقد بحيث عُد المذعن سفيها حين اقدامه على هذا العقد، فهنا يكون العقد من اساسه باطلاً لأن السفيه محجوراً عليه في معاملاته المالية فأدعاء المذعن بوجود شروط تعسفية لا يلتفت اليها، وهذا يعني ان المذعن سفيها ومعه فالعقد باطلاً، وتارة يدعي وجود شروط تعسفيه لا يعد عدم العلم بها سفها بل يُعد عدم العلم بها غبناً فللمذعن خيار الفسخ لانها أوجدت له غبناً في المعاملة، واما اذا لم توجب الشروط غبناً فليس للقضاء تعديلها والتدخل فيها، لان التدخل من القضاء يوجب حصول عقد جديد وهذا يحتاج الى رضا جديد

فليس للقضاء ولا للتشريع التدخل في زعزعة المعاملات التي عليها العقلاء

وهناك المادّة ١٥١ من القانون المصري الجديد، تقول: يفسر الشك لمصلحة المدين،ثم تقول ومع ذلك لايجوز ان يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الاذعان ضاراً لمصلحة الطرف المذعن، سواء كان المذعن دائنا او مديوناً، في حين ان الفقرة الاولى تقول ان الشك تفسر لمصلحة المدين،مع ان الفقرة الثانية تقول اذا كان هناك غموض في العبارة فيفسر لمصلحة المذعن، وذلك لانه في عقود الاذعان صاحب الشركة قوي يتمكن من ان يفرض على المذعن شروطا غامضة فهو مقصرا في الامرفيتحمل تبعة هذا التقصير لانه هم المتسبب في هذا الغموض

ثم انه يقال: ان الشرط اذا كان مجملاً فلا يمكن ان يفسر لمصلحة احدهما، واذا كان الشرط محرما فهو باطل، والشروط التعسفية اذا كانت مخالفة للقرآن او فيها شروط مخالفة فهو باطل، ثم ان القاضي الذي يكون تفسير الشرط التعسفي بيده (ولايجوز لاي محكمة ان تخالفه وتنقض حكمه) لا يمكن أن نأمن شره لأن نظره مجرد ادعاء ومن دون دليل، وان هذا التدخل في المعاملات يوجب ارباكها وارباك السوق ولايجوز الدخول فيها من قبل القضاء، وهو تشريع لتغير العقد دون رضا المتعاقدين فيكون باطلا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo