< قائمة الدروس

بحث الفقه - الاستاذ حسن الجواهري

العقود

31/11/17

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: عقود الاذعان

قلنا ان الحياة الاقتصادية المعاصرة والتطور الموجود في كل شيئ واحترام الوقت أوجد عقوداً نمطية، ومن العقود النمطية ما يسمى بـ (عقود الاذعان) حسب ترجمة الدكتور السمهوري، والاّ فان هذا العقد يسمى بعقد الانظمام كما في القانون الفرنسي.

جئنا بامثلة لكون العقد عقد انظمام او عقد اذعان

وبقي عندنا مثالاً آخر لعقود الاذعان، وهو:

أولاً: ان القوي الذي يعد العقد يتبرأ من كل عيب. ثانياً: يتحلل من كل التزام. ثالثاً: ويبالغ في حماية حقوقه على حساب الآخر.

مثلاً: في عقود استخدام برامج الحاسوب توجد برامج عديدة ومتنوعة، فهناك برامج للرياضيات و للرسوم و للمعماريات و برامج لتنظيم المكتبات وهناك جداول لتنظيم المخازن، وبرامج وُرد للارسال يمكن فيها ارسال المعلومات ويمكن تغير المعلومات والتلاعب بها، وبرنامج للارسال يسمى (pdf) لايمكن التغير والتلاعب بمحتوياته، ففي الحاسوب برامج كثيرة ومتنوعة ولامور متعددة، فعندما تباع هذه البرامج لا يقول البائع ان هذه المعاملة هي بيع او اجارة ولايشترط البائع على المشتري الاستفادة منه بوقت وشروط معينة، فهي ليست بيع ولا اجارة لكي لايحصل المشتري على الحقوق والمزايا المترتبة على البيع والاجارة، بل هو عقد استخدام برامج الحاسوب، فيكون استخدام هذه البرامج مشروطاً بعدم التصرف بها بالتغير مثلاً او بالتطوير، ولا يسمح لك باستنساخه وبيعه أو اهدائة، فان البائع سيتضرر لأن البرنامج المستنسخ سيكو ن سعره ارخص بكثير من البرنامج الذي لم يستنسخ (الاصلي)، ولايمكن للبائع ردع المشتري عن استنساخ هذا البرنامج والتصرف به كيف ما يشاء، فهنا يتجه البائع الى التمسك بالحماية القانونية المبالغ فيها لحقوقهم فقد نُص على الغلاف الخارجي، يقول: مجرد فتح الغلاف يعني القبول والموافقة على نصوص العقد الموجود داخل الظرف أو ضمن محتويات القرص.

و بناء على ذلك فيلزم:

اولاً: ان المستخدم يوافق على نصوص العقد قبل ان يطلع عليها بدليل فتح غلاف المظروف، حيث يكتب عليه اذا لم تكن موافقا فأمتنع عن فتحه، هذه الصيغة جمعت بين مساوئ عقود الاذعان.

ثانياً: وقوع المعاقدة على شروط مجهولة تلزم القابل بها قبل ان يطلع عليها، وهذا عيب كبير.

فان الشروط المذكورة وهي ان صاحب الشركة متبرأ من كل عيب ويتحلل من كل التزام، يعني ايها المستخدم للحاسوب لابد ان تتنازل عن كل حق، فلو كان البرنامج معطوب او يوجد افضل منه فانك لابد ان تتنازل عن مطالبة الشركة وكل من له علاقة بالشركة بالضرر والخسارة المحتملة، ولابد من التنازل عن كل شيئ.

ثم ان المستخدم يتعهد بتعويض الشركة لو تضررت اثراً لنسخ البرنامج وبيعه او اهدائه، فان المستخدم يكون مسئولاً عن جميع الاضرار التي تلحق بالشركة وما يرتبط بالشركة.

ان بائع البرنامج وصانعه وموزعه لا يعطي ايّ ضمانات على ان هذا البرنامج صالحاً للعمل، ولا يعطي ضمانات على انه مناسبا لايّ تنظيم، ثم ان صاحب البرنامج او الموزع لايتحمل التعويض عن الاضرار التي قد تحصل للمستخدم بصورة مباشرة او غير مباشرة، ثم ان المستخدم يتنازل عن الاحتكام في اي محكمة من المحاكم عدا محاكم انكلترا، وصاحب البرنامج الذي صنعه يحتفظ بحقه بان يحتكم في اي محكمة أراد وفي ايّ دولة اذا خالف المشتري تعاليم عقد الحاسوب وليس للمشتري حق الاعتراض، وهذا المثال هو للعقود النمطية التي فيها اذعان

فالاذعان الموجود في العقود النمطية انما يحصل (من جهة نظر الاقتصاديين) اذا كان هيكل السوق الذي يستخدم فيه هذا العقد الاذعاني غير تنافسي، بمعنى ان السوق لايسطير عليه الاّ منتجٌ واحد فقط وكانت السلعة ظرورية، او اثنان وثلاثة اتفقوا على هذه الشروط التعسفية فهنا يحصل عقد الاذعان.

اما اذا كانت الشروط التعسفية منحصرة بشركة معينة، وغيرها من الشركات اما لايوجد فيها شروط تعسفية او فيها شروط تعسفية لكنها اقل من غيرها، فهنا العقد مع الشركة التي جعلت شروط تعسفيّة ليس اذعانا وذلك لوجود شركات اخرى يمكن الابتياع منها، لوجود التنافس في السوق،

فالاشكال في عقود الاذعان يظهر بالاحتكار، فلو لم يكن هناك احتكار بل يوجد تنافس بالاسعار لأجل وجود شركات اخرى ذات شرائط مختلفة، فهنا لا توجد عقود اذعان لوتم الاتفاق مع الشركة التي تفرض شروط تعسفية

فالمشكلة تظهر في الاحتكار، فلو احتكر الانسان السلعة او احتكرها جماعة تواطئوا على هذه الشروط فهنا تظهر عقود الاذعان، اما اذا لم يكن احتكار بل هناك تنافس والأسعار مختلفة فهنا لا يوجد عقود اذعان اذا تم الاتفاق مع الشركة التي تفرض شروط الاذعان، فالمسألة ترجع الى وجود احتكار للبضاعة او الخدمة مع الشروط التعسفية، وهذا راجع الى هيكلية السوق

الخلاصة في عقود الاذعان:

ان مثل شركات التأمين المتفقة على تامين السيارات باسعار مرتفعة وكذا شركات النقل والمياه والكهرباء وعقود المرور والخدمات التي يحتاجها الانسان عاجلاً وتفرض الشركات ماتريده من الثمن والشروط فهذه تسمى عقود اذعان، وهذه العقود متكونة من ايجاب وقبول ورضا الطرفين لكن القبول متميز بالاذعان لما يفرضه الموجب لعدم البديل لتلبية الطلب والايجاب متميز من الطرف القوي الذي يفرض ما ينفعه من الشروط.

وهذا يسمى عقد الانظمام والسمهوري اطلق عليه عقد الاذعان، وبعض الباحثين لا يوافقون على تسميته بعقد الاذعان بل يعتقدون ان الترجمة من الفرنسية لهذ العقود التي نشأت في الغرب وتسميتها بعقد الانظمام افضل.

يتميز الايجاب في هذه العقود بأنه معروض بشكل مستمر حيث ان الشركة تطبع ورقة معينة منذ عدّة سنين وتملي فيها شروطها، فالايجاب مستمر،وهذا الامتياز يكون ملزما للمتعاقد.

وهنا تنص المادّة في القانون المصري الجديد على:

ان القبول في عقود الاذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل المناقشة فيها فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد المناقشة والمفاوضة بل هو في موقفه من الموجب لايملك اما ان يقبل او ان يدع ولما كان في حاجة الى التعاقد على شيئ لا غنى عنه (ولا يوجد بديل في السوق) فهو مضطر للقبول فالرضا بالعقد موجود لكن مفروض عليه.

وهذه الفقرة من القانون المصري الجديد جمعت بين ان يكون العقد مضطرا اليه ومفروض عليه، اي بمعنى ان هذه الفقرة جمعت بين الاضطرار للعقد والاكراه عليه، وفرق بين الاضطرا والاكراه لان الاضطرار لايفسد العقد بينما الاكراه يفسد العقد، فهذه المادة رقم 100 جمعت بين الاضطرار والاكراه وجعلت حكمهما واحدا وهو غير صحيح، نعم الاّ اذا كان المراد من مفروض عليه هو عطف بيان للاضطرار بمعنى ان وضع السوق والاضطرار فرض عليه هذا الامر، ثم ان الاكراه الذي نتحدث عنه هو اكراه اقتصادي وهو لايخل بالارادة التعاقدية لان الذي يضر بالتعاقد هو الاكراه الذي يُفقد الرضا والاكراه، بينما الاكراه الاقتصادي ليس من هذا القبيل فهو لايوجد عيبا في رضا المتعاقد وهو ينسجم مع الرضا لانه لم يكن صادرا من الموجب، والاكراه الاقتصادي لا يخل بالرضا في التعاقد، لان الاكراه لم ينشأ من التهديد والاجبار من البايع، فهذا الاكراه متصل بعوامل اقتصادية وترك المنافسة في هيكلية السوق، لذلك ذكرت المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المصري الجديد، قالت: ان عقود الاذعان هي ثمرة التطور الاقتصادي في العهد الحاضر فمن حقها ان يفرز لها مكان في تقنين يتطلع الى مسايرة التقدم الاجتماعي الذي اسفرت عنه الظروف الاقتصادية، وفي رأي بعض الفقهاء ان عقود الاذعان سمة وصفة بارزه من صفات التطور العميل الذي اصاب النظرية التقليدية للعقد ( على المساومة والمزايدة)

امر اساسي: وصلنا الى امر اساسي فهل هذه عقود او قوانين، وهذه مسألة مهمة جدا في تكييف هذا العقد:

فان كان عقد فلابد ان تطبق عليه قوانين العقود واذا كان قانونا فلابد ان يدخل مداخل اخرى لانه يراد منه العدل والمصلحة وحفظ النظام ويكون لصالح الضعيف ضد القوي، اما اذا كان عقدا فلا يفسر كما يريده القاضي بل يعمل به كما هو،

مثلا اذا تزوج شخص عمره سبعون عاما من امراه عمرها خمسة عشر عاما وجعل مهرها تعليم سورة من القرآن الكريم واشترط عليها ان تقوم بامور المنزل، فان كان هذا عقد فهي راضية وولي امرها راضي، فالامر صحيح وينطبق عليه شروط العقد كيف ما كانت الشروط، واما اذا قلنا هناك قانون في العقود فأن من عمره سبعون عاما لابد ان يتزوج امراه عمرها ستون عاما والمهر لابد ان يكون مهرا عادلا ولا تقوم بامور المنزل لانها زوجة وليست خادمة، فالعقود لا يتدخّل بها القانون.

فهل عقد الاذعان هو عقد أو قانون؟، توجد نظريتان متضادتان ويوجد قول ثالث

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo