< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

41/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مبحث أصالة الاشتغال ( الشك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.

وفيه: -

أما بالنسبة إلى ما ذكر أولاً[1]
فيرده: - صحيح أنَّ هناك رخصة في هذا الاناء ورخصة في ذاك الاناء ولكن مرجع هاتين الرخصتين إلى رخصة في واحدة وليس في كليهما، فبالتالي أنت مرخّص في ارتكاب أحدهما من حيث اللّب، فأنت أخذت تتساير مع الألفاظ، فصحيح أنه إذا تركتهما معاً فهذا الاناء مرخص فيه وذاك الاناء مرخص فيه ثم تأتي وتقول وكيف يثبت الترخيص في كليهما وأنا أعلم بحرمة أحدهما؟ ونحن نجيب:- بأن الترخيص في هذا الطرف وفي ذاك الطرف بقطع النظر عن الألفاظ هو في روحه ترخيص في واحد وليس ترخيصاً في الطرفين، بدليل أنك لو مددت يدك على أحدهما فالثاني قد حَرُمَ وهذا معناه أنَّ الرخصة في واقعها وروحها دائماً لا تكون إلا لواحدٍ ولكن حسب الصياغة اللفظية نقول هذا الطرف مرخّص فيه وذاك الطرف مرخّص فيه، ولكن إذا هجرنا الصياغة اللفظية وأخذنا باللّب فمرجع هاتين الرخصتين المشروطتين الفعليتين إلى رخصة في طرف واحد، والرخصة في طرفٍ واحد ليس بمستهجن ولا محذور فيه، إنما المستهجن هو الرخصة الفعلية في كليهما بحيث لو مددت يدي إلى الطرف الأول فهو حلال وإذا مددت يدي بعد ذلك على الطرف الثاني فهو حلال أيضاً، أما إذا فرض أنَّ واحداً منهما حلال بحسب اللّب وهو ما مددت يدك إليه والثاني يكون حراماً ومرجع الرخصتين إلى ذلك فهذا لا محذور فيه وليس بمستهجن.

وأما بالنسبة إلى ما ذكراه ثانياً[2]
فجوابه قد اتضح حيث يمكن للشيخ العراقي أن يجيب:- صحيح أنه ثبتت حلية فعلية لهذا الطرف لتحقق شرطها، وثبتت حلية فعلية لذاك الطرف لتحقق شرطها ولكن مرجع هاتين الحليتين لبّاً وواقعاً وليس لفظاً إلى حلّية واحدٍ لا حليّة الاثنين، إذ المفروض أنَّ حلّية كل واحدٍ منهما مشروط بترك الآخر، فبالتالي هاتين الحيلتين عند ملاحظتهما يخرج مهما حلّية لواحدٍ لا للاثنين معاً، فإنه لا يمكن ثبوت الحلّية للاثنين معاً، لأنه إذا مددت يدك إلى أحدهما صار الثاني حراماً، فمرجع هاتين الحليتين الفعليتين إلى حلّية واحدة، وبتعبير آخر هناك حليتان فعليتان على مستوى الألفاظ، أما على مستوى الروح والواقع فهناك حلية واحدة، ولا محذور في ثبوت حليتين فعليتين بهذا الشكل مادام ترجعان إلى حلّية واحدة ولا قبح فيه.

الجواب الخامس:- ما ذكره السيد الخوئي(قده) أيضاً في المصباح[3] والدراسات[4] ، وحاصله:- إنَّ شرط قبول الحكم الظاهري أن كون محتمل الموافقة للواقع، وهنا لا نحتمل الموافقة للواقع، فإنَّ هذا الاناء إن كان في الواقع هو الذي أصابته النجاسة فحينئذٍ لا حلّية له لا مطلقة ولا مشروطة، وإذا كانت قد أصابت الاناء الآخر فأيضاً كذلك لا توجد حلّية مطلقة ولا مشروطة، فإذاً ثبوت حليتين مشروطتين نجزم بمخالفتهما للواقع.

وفرق هذه المناقشة عن السابقة:- أنه في المناقشة السابقة كان يقول لو تُرك الطرفان معاً فسوف تثبت حليتان فعليتان فيأتي المحذور، أما هنا فلا نحتاج إلى تركهما معاً وإنما نغضّ النظر عن مسألة تركهما معاً ولكن نقول إنه أصلاً ثبوت الحلّية المشروطة لهذا الطرف شيء باطل جزماً، لأنه إن أصابته النجاسة فهو حرامٌ فعلاً وإن لم تصبه فهو حلال فعلاً، فأين المكان للحلّية المشروطة؟!!، وهكذا الحلّية المشروطة الثانية في الاناء الثاني أيضاً كذلك نقول فيها، فالفارق بين هذه المناقشة وسابقتها أنه هنا يأخذ هذه الحلّية المشروطة وحدها بقطع النظر عن تركهما ويقول هي مخالفة للواقع، ومعه يكون ثبوت مثل هذا الحكم الظاهري مرفوضاً.


[1] يعني أنه في حالة ترك الانائين معاً يلزم ثبوت الرخصة في كليهما وذلك مستهجن لدى العقلاء مادمنا نعلم بحرمة أحدهما.
[2] من أن الحكم الظاهري إنما يقبل فيما إذا كان يحتمل مطابقته للواقع وهذان الترخيصان ليس مطابقين للواقع لأن نتيجتهما حلية الاثنين عند تركهما وهذا لا يحتمل مطابقته للواقع فيرفض مثل هذا الترخيص المشروط لأنه سوف يؤدي إلى حلية هذا الطرف وحلية ذاك الطرف وهذا لا يحتمل مطابقته للواقع.
[4] دراسات في علم الأصول، الخوئي، ج3، 361.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo