< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

41/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثالث ( هل تجري البراءة في الشبهات الموضوعية ) - تنبيهات أصالة البراءة - مبحث الأصول العملية.

وهناك سؤال حاصله: - إنه حينما يقول المولى ( يحرم شرب الخمر ) هل الحرمة تحدث عند حدوث الخمر أو قبل حدوثه ؟

فنحن قلنا إنَّ كل فرد من افراد الموضوع يثبت له الحكم - أي حرمة الشرب - فهذه الحرمة هل تثبت بعد وجود الفرد، فهل الحرمة الآن ليست موجودة مادام لا يوجد أحد أفراد الخمر في الخارج أو هي موجودة حتى قبل وجود الخمر خارجاً؟ومن الواضح حينما نقول ( قبل وجود الخمر خارجاً ) فالمقصود هو أنَّ الشيء على تقدير وجوده إذا اتّصف بالخمرية فهو حرام شربه من الآن، أو أنه بعدما يوجد يصير حراماً؟

ذهب الشيخ النائيني(قده) في أجود التقريرات[1]
هكذا في تقريرات كتاب الصلاة في مبحث اللباس المشكوك[2]
إلى أنَّ الحرمة تثبت بعد وجود الشيء خارجاً:- ولكنه لم يذكر في أجود التقريرات دليلاً على ذلك وإنما اكتفى بالدعوى فقط، فقال أن فعلية الحكم بفعلية موضوعة وحيث إنه قبل الوجود لا فعلية للموضوع فلا فعلية للحكم.

ولكن في كتاب الصلاة ذكر بمناسبة ما يصلح أن يكون دليلاً حيث قال:- إنه قبل وجود الخمر لا خمر ولا مفسدة فلماذا النهي فإن النهي فرع الملاك والمفسدة فإذا فرض بَعدُ لم يوجد فلا مفسدة فلا معنى للنهي، قال:- ( بداهة أن الخمر إذا لم يكن موجوداً في الخارج فلا معنى لتحقق المفسدة في شربه ولا معنى للنهي عنه إذ الخمر الذي لا وجود له في الخارج يكون الشرب منتركاً بنفسه فالمنهي عنه ليس إلا الخمر الموجود ).

ولكن المناسب كما قلنا: - أنَّ الحرمة ثابتة مادام هذا الشيء على تقدير وجوده في الخارج متصفاً بالخمرية فحرمة الشرب موجودة من الآن.

وقد تسأل عن الثمرة وعن الدليل: - فما هو الدليل على أنَّ الحرمة موجودة قبل وجود الخمر خارجاً، فالشيخ النائيني أتى بدليل على أنَّ الحرمة ليست موجودة قبل وجود الخمر وقال إن المفسدة ليست موجودة إذ شرب الخمر متروك بنفس عدم وجود الخمر ولكن كيف نأتي نحن بدليل على مدّعانا وأين تظهر الثمرة في هذا المجال؟

والجواب: - إنَّ الوجدان قاضٍ بما ذكرناه، فحرمة الشيء ليس فرع وجود ذلك الشيء وإنما هي فرع الاتصاف، فأنا لو فرضت أني أوجدت هذا الخمر فسوف أشربه، ففي مثل هذه الحالة حرمة إيجاد الخمر تكون ثابتة بوجداننا العقلائي والمتشرعي، بينما على رأي الشيخ النائيني(قده) يلزم أن تكون الحرمة ليست بثابتة، فإذاً على رأي الشيخ النائيني(قده) لا توجد حرمة فعلية لإيجاد الخمر رغم أني أعلم بأني سوف أشربه إذا أوجدته فيما بعد، ولكن بوجداننا نشعر بشكلٍ واضح على أنَّ الحرمة الفعلية ثابتة وليست هي فرع وجوده الخارجي وإنما هي فرع الاتصاف وإلا لا يلزم أن لا نعاقب الشخص على إيجاد الخمر، لأنه لا توجد حرمة فعلية في هذه الحالة على رأي الشيخ النائيني(قده)، وهذا شيء يبعد الالتزام به، كما يلزم على رأي الشيخ النائيني(قده) جواز تصنيع الخمور، لأنه قبل وجود الخمر لا توجد حرمة فعلية.

فعلى أيّ حال الوجدان المتشرّعي يحكم بكون تصنيع الخمور شيء محرم، ليس فقط التصنيع من دون شرب وإنما التصنيع الذي يتعقبه الشرب من قبل الناس ويباع ويشترى لأجل الشرب فهذا يلزم أن نلتزم بأنه جائز على رأي الشيخ النائيني(قده)، وهذا منبّه وجداني ودليل على أنَّ الحرمة ثابتة قبل وجوده الخارجي.

وأما ما ذكره من الدليل في كتاب الصلاة فنقول: - إنه بناءً على ما تقول إنه حتى لو أوجدنا الخمر يلزم أن لا تكون الحرمة الفعلية موجودة، لأنَّ المفسدة منتفية بنفس عدم الشرب، فإذا لم نشرب فلا مفسدة، فيلزم على رأيه أنه حتى بعد وجود الخمر لا تكون الحرمة ثابتة.

إذاً اتضحت الثمرة بين الرأيين، فعلى ما اخترناه يصير تصنيع الخمور محرماً، بينما على رأيه يكون تصنيع الخمور ليس محرماً إلا أن يحمل الحكم على التعبّد، وأما الدليل الذي ذكره في كتاب الصلاة حيث قال إنَّ المفسدة منتركة بنفس عدم وجود الخمر فنحن نقول له: إنه حتى لو وجد الخمر يلزم عدم ثبوت الحرمة له لأنَّ الشرب منتركٌ الآن، فالمفسدة منتركةٌ، فلا حاجة إلى ثبوت الحرمة.

[1] أجواد التقريرات، الخوئي، ج3، ص347- 348.
[2] تقريرات كتاب الصلاة، الشيخ محمد علي الكاظمي، ج1، ص272.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo