< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

39/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شمول أدلة الأصول لجميع الاطراف - العلم الاجمالي- مبحث القطع والأمارات والأصول العملية.

ولكن ذهب الشيخ العراقي(قده) في نهاية الأفكار والشيخ النائيني(قده) في فوائد الأصول إلى أنه منجّز بذاته.

أما الشيخ العراقي(قده) فقال:- حيث إنَّ العلم الاجمالي يتعلّق بالواقع فيجب ترك الطرفين - هذا في الشبهة التحريمية - أو الاتيان بهما - هذا في الشبهة الوجوبية - . هكذا ذكر ولم يذكر مسألة تعارض الأصول.

أما الشيخ النائيني في فوائد الأصول:- فقد ذكر أنَّ العلم الاجمالي حيث تعلّق بالتكليف يعني بحرمة أحد الاناءين فيلزم للخروج عن عهدة هذا التكليف المعلوم ترك كلا الطرفين - هذا إذا كان علم اجمالي بالحرمة - أو الاتيان بكلا الطرفين - إذا كان علم اجمالي بالوجوب - ، فهو لم يستعن بفكرة التعارض.

وهذا ليس بمهم.والمهم هو أنه هل نحتاج إلى فكرة تعارض الأصول أولاً ثم ننتقل إلى ثبوت وجوب الموافقة القطعية ،أو نستطيع أن نصل إليها من دون حاجة إلى المرور بهذه الواسطة ؟

يمكن أن يقال:- الصحيح هو أنَّ العلم الاجمالي منجّز بذاته لوجوب الموافقة القطعية ، فإنه بعد أن عملت بتوجه وجوب الاجتناب عن الخمر الموجود في أحد ذهين الاناءين فيلزم للخروج عن عهدة هذا التكليف ترك كلا الاناءين بلا حاجة إلى توسيط فكرة التعارض ، بل بقطع النظر عنها العقل يحكم بلزوم تركهما معاً لأنك علمت بحرمة أحدهما والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، أجل حكم العقل بلزوم تركهما يتوقف على أن لا يرخّص الشرع في ارتكاب أحدهما ، أما إذا رخّص في ارتكاب أحدهما فالعقل يرفع يده عن حكمه بلزوم الاجتناب عنهما فإنَّ الحكم العقلي المذكور حكم تعليقي يعني تحفظاً على حقّ الشارع وطاعة الشارع المقدّس فإذا تنازل صاحب الحق وجوّز ارتكاب أحد الطرفين - تسهيلاً على العباد - فلا يبقى العقل مصرّاً على لزوم تركهما من باب الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

إذن حكم العقل بلزوم تركهما موقوف على أن لا يرخّص الشارع في ارتكاب أحدهما وليس موقوفاً على تعارض الأصل في الطرفين والتساقط ، اللهم إلا أن يقصد الشيخ النائيني(قده) في أجود التقريرات - حينما قال يلزم تعارض الأصول ثم العقل يحكم بوجوب الموافقة القطعية - هذا ولكن خانه التعبير ، يعني يريد أن يقول لا يكون هناك ترخيص في أحد الطرفين ولكنه عبّر عن هذا بتعارض الأصلين لأنه إذا تعارضاً فحتماً لا يوجد ترخيص ، فإذا كان مقصوده من تعارض الأصول المرآتية والمشيرية والطريقية إلى أنه يلزم أن لا يجري أصل الترخيص في أحد الطرفين فكلامه وجيه ، ولكن كان عليه أن يعدّل التعبير فيقول إنه يلزم في حكم العقل بلزوم تركهما معاً عدم ترخيص الشارع في أحدهما ، ولا يقول يلزم تعارض الأصل في الطرفين فإنَّ هذا موهم ، فإذا كان مقصوده تعارض الأصول في الطرفين لا بنحو الطريقية والمرآتية فهذا لا نقبله ، وإذا كان مقصوده المرآتية إلى أنه لا يثبت أصل ترخيصي في أحد الطرفين فهذا وجيه.إذن اتضح أنَّ الحق مع الشيخ العراقي(قده) والشيخ النائيني(قده) في فوائد الأصول لما ذكرناه.

إذن فكرة تعارض الأصول لا نحتاج إليها ، بل نقول أكثر ، وهو أنَّ تعارض الأصول وتساقطها لا يجدي شيئاً ، فإنَّ الأصول المتعارضة[1] هي الأصول النقلية يعني البراءة الشرعية - ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - فإن اطلاقها لا يشمل المورد ، فإنَّ الأصول الشرعية حتى لو تساقطت فالشيخ النائيني(قده) قال إذا تساقطت فحينئذٍ يثبت وجوب الموافقة القطعية ، ونحن نقول إنه حتى لو لم تشمل الطرفين فسوف لا يثبت وجوب الموافقة القطعية لأنك تؤمن بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وحينئذٍ هذه القاعدة تقول لي ما تعلم به فأنت ملزم به والذي لا تعلم به فلست بملزم به ، وأنا خصوصية هذا الطرف لا أعلم بحرمتها فالخصوصية حينئذٍ غير معلومة فترتفع بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، والجامع أعلم به فيلزم تحقيق الجامع والخصوصية مرفوعة بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

وإذا قلت لي:- هي تتعارض أيضاً كما تعارض رفع ما لا يعلمون - بمعنى أنَّ الاطلاق لا يشمل - فهنا أيضاً كذلك.فنقول له:- إنَّ هذا ليس بصحيح ، فإنَّ هذا الاطلاق يتم في الأدلة اللفظية أما قاعدة قبح القعاب بلا بيان فهي حكم عقلي فنذهب إلى القعل وهو يقول أنت تعلم بالجامع والخصوصية لا تعلم بها فالخصوصية لست ملزم بها ولكن يلزم عليك الجامع فيكفي مثلاً ترك أحد الاناءين أما الإناء الثاني فيجوز لك تناوله ، أو في صلاة الجمعة والظهر أن تأتي بإحدى الصلاتين والخصوصية لست بملزم بها لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.فإذن مسلك تعارض الأصول لا يمكن أن نقبله لوجيهين.إذن النتيجة هي أنه تجب الموافقة القطعية ، والعلم الاجمالي نجّز وجوب الموافقة القطعية بنفسه لا بسبب تعارض الأصول.

[1] ومعنى أنها تتعارض وتتساقط لا يعني أنها تجري في هذا الطرف وتجري في ذاك الطرف ثم تتساقط فإن هذا ليس بصحيح وهو من اللغو، فإن التعبد بجريانهما ثم التساقط هو لغو ولا يفعله العاقل فضلاً عن الشارع، وإنما المقصود أنَّ اطلاق حديث ( رفع ما لا يعلمون ) لا يمكن أن يشمل هذا الطرف لتعارضه بشموله لذاك الطرف ولا يشمل ذاك لتعارضه بسمول هذا فهو من البداية لا يشملهما فالمقصود من التعارض والتساقط هو أنه لا يشمل من البداية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo