< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

33/10/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
 مستند شيخ الشريعة(قده) في إثبات عدم الذيلية:-
 إن مدعى شيخ الشريعة هو أن ( لا ضرر ) الوارد في روايتي الشفعة وفضل الماء ليس ذيلاً للحكم الذكور فيهما ، ولابد أن نستذكر الروايتين حتى نلاحظ أن شيخ الشريعة ماذا يريد أن يفعل ؟ ان رواية الشفعة تقول:- ( عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال:- لا ضرر ولا ضرار ، وقال:- إذا أرِّفَت الأرف وحدت الحدود فلا شفعة ) ، وأما رواية فضل الماء فهي أيضاً عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أهل المدينة في مشارب النخل أنه لا يمنع نقع [1] الشيء ، وقضى بين أهل البادية أنه لا يمنع فضلُ ماءٍ ليمنع فضلُ كلاء وقال لا ضرر ولا ضرار ) ، إنه(قده) يدعّي أن ( لا ضرر ) الوارد في الحديثين هو من جمع الراوي بين روايتين مستقلتين.
 وأما دليله فحاصله:- إن النبي صلى الله عليه وآله توجد له عدّة أقضية ، فهو قضى بأن الولد للفراش وللعاهر الحَجَر ، وقضى بأن العجمات جرحها جُبار - أي أن البهيمة إذا جرحت شخصاً فجرحها هدراً ولا يخسر صاحبها شيئاً - وقضى بلا ضرر .... ) وقد نقلت هذه الأقضية من قبل العامة في مسند أحمد بن حنبل عن عُبادة بن الصامت وعددها عشرون [2] وقد نقلت في كتب حديث الخاصة أيضاً والناقل لها عقبة بن خالد مرّة والسكوني أخرى وشخص ثالث مرة ثالثة .
 وإذا قارنا بين النقلين لاحظنا أن عُبادة ينقل حديث ( لا ضرر ) وقضاء النبي صلى الله عليه وآله به مستقلاً وليس ذيلاً لحديث الشفعة ولا لحديث فضل الماء فان مجموع الأقضية كما ذكرنا عشرون قضاءً وقضاء الشفعة كان هو القضاء السادس ، وفضل الماء كان هو القضاء الثامن عشر ، و لا ضرر هو القضاء الخامس عشر ، أي أن كل واحدٍ مستقل عن الآخر لا أن البعض ذيلٌ للآخر [3] . هذا بالنسبة إلى رواية عبادة.
 وإذا جئنا إلى رواية الخاصة التي ينقلها عقبة بن خالد يحصل الوثوق لدى الناظر بأن ما ذكره كذيلٍ في حديث الشفعة وفضل الماء ليس ذيلاً وإنما هو قضاءٌ مستقل غايته أن عقبه جعل حديث ( لا ضرر ) ذيلاً لحديث الشفعة وفضل الماء وإلّا فهو ليس بذيلٍ وسبب هذا الوثوق هو ملاحظة حديث عبادة في مسند أحمد بن حنبل فانه نُقل مستقلاً ، وإذا قال قائل:- لم لا نقول إن عبادة قد فصل بين القضاءين وإلّا فالقضاء بلا ضرر كان متصلاً بقضاء الشفعة وفضل الماء كما ورد في حديث عُقبة وعُبادة هو الذي فكك بين المتصلين ؟ أجبنا بأن هذا بعيد إذ أي نفعٍ لعبادة في التفكيك بين المتصلين وماذا يتضرر من الاتصال حتى يحتاج في دفع هذا الضرر إلى التفكيك ؟! إنه لا نفع له بالتفكيك ولا ضرر يتوجه إليه من التذييل والاتصال خصوصاً لو لاحظنا بقية رواياته لوجدناه شخصاً ضابطاً ومتقناً لها وقيل عنه إنه كان من أجلاء الشيعة بل عن الكشي ( أنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام ) . هذا ما أفاده(قده).
 ونتمكن أن نقول:- إن شيخ الشريعة(قده) له كلامان في إثبات مدّعاه وهذا هو كلامه الأول.
 وأما كلامه الثاني فذكر فيه ما حاصله:- إن الذيلية والاتصال بين حديث ( لا ضرر ) والحكم بالشفعة ليس ظهوراً لفظياً وإنما رواية عقبة ذكرت هذا بعد هذا حيث قالت ( قضى رسول الله بالشفعة وقال لا ضرر ) فإن ذكر جملة ( وقال لا ضرر ) بعد جملة ( قضى بالشفعة ) يولد ظهوراً في أن هذا متصل بذاك وهذا ليس ظهوراً لفظياً حتى يقال إن الظهور اللفظي حجّة ولا ترفع اليد عنه إلا بحجّة أقوى وحيث أنها مفقودة فيتّبع ذلك الظهور اللفظي ، كلا فإن الظهور المذكور ليس ظهوراً لفظياً وإنما هو ناشئ من ذكر هذا بعد هذا ومثل هذا الظهور قابل لأن يتزعزع بسرعة إذا وجدت قرائن في مقابله ونعني بالقرائن ما أشرنا إليه بالكلام الأول فان ما ذكرنا هناك إن كان موجباً للوثوق والاطمئنان بأن الحديثين منفكّان وقد وردا مستقلين فهو المطلوب وإن لم يحصل فيمكن أن نستفيد من هذا الذي أشرنا إليه كدافعٍ ومزعزعٍ للظهور المذكور الذي هو ضعيف . هذا توضيح كلامه(قده) وهو كما ترى لا تشويش فيه خلافاً لبعضٍ حيث قال إنه لا يخلو من تشويش واختصار.
 وإذا أردنا أن نفكر في كيفية رد ما أفاده شيخ الشريعة(قده) فلابد من أخذ اللّب منه وهو أن رواية عبادة بن الصامت التي ذكرت فيها الأقضية مستقلة توجب الوثوق أو تزعزع الظهور في الذيلية وتثبت أنه لا ذيلية.


[1] والنقع من الشيء:- هو ما فضل منه.
[2] مسند أحمد 22 845.
[3] هذا في كتب العامة وهو ما راجعته فوجدته كما قال في مسند أحمد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo