< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفصل الثامن ( النقد والنسيئة ) - الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

الفصل الثامن:- النقد والنسيئة.

من باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد. كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الامتناع من اخذه.

..........................................................................................................

يشتمل المتن على حكمين:-

الحكم الاول:- من اشترى شيئاً فعليه دفع الثمن حالّاً إذا لم يُشتَرط تأخيره.

الحكم الثاني:- إذا اراد المشتري دفع الثمن عقيب البيع فوراً فليس من حق البائع الامتناع عن قبضه.

أما الحكم الأول:- فيمكن الاستدلال له بوجهين:-

الأول:- الشرط الضمني، حيث يوجد شرطٌ ضمنيٌ على أنَّ البائع يريد الثمن حالّاً، وإذا كان هذا الشرط الضمني ثابتاً فسوف نطبق كبرى لزوم الوفاء بكل شرطٍ ما لم يكن محرّماً - أي ( المؤمنون عند شروطهم ) - وبذلك يثبت المطلوب.

الثاني:- موثقة عمّار بن موسى الساباطي، وهي ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلا:- ( في رجل اشترى من رجل جارية بثمن مسمّى ثم افترقا، فقال:- وجب البيع. والثمن إذا لم يكونا اشترطاه فهو نقدٌ )[1] .

وسندها معتبر:- فإنَّ محمد بن يحيى فهو الاشعري القمي الثقة الذي يروي عنه الكليني كثيراً، وأما احمد بن محمد فهو ابن عيسى الثقة فإنَّ محمد بن يحيى كثيراً ما يروي عن احمد بن محمد بن عيسى فهذه الكثرة تصير قرينةً على كونه احمد بن محمد بن عيسى، وأما احمد بن الحسن فهو ابن علي بن فضّال وهو فطحي لكنه ثقة، وأما عمرو بن سعيد فهو المدائني وهو ثقة، وأما مصدّق بن صدقة فهو ثقة أيضاً، وأما عمار بن موسى ثقة أيضاً، وعليه فتكون الرواية معتبرة السند.

وهنا سؤال:- وهو أنه هل هناك ثمرة عملية بين كون المدرك لهذا الحكم هو الاشتراط الضمني وبين كونه الرواية أو أنَّ النتيجة واحدة من دون ترتب ثمرةٍ عملية؟

والجواب:-

قد يقال:- إنه بناءً على كون المدرك هو الاشتراط الضمني فسوف يثبت الخيار عند تخلف دفع الثمن فوراً، لأنه يوجد اشتراط ضمني للدفع فوراً فإذا لم يدفع فوراً فسوف يثبت خيار تخلّف الشرط، وأما بناءً على كون المدرك هو الرواية فلا يثبت خيار تخلّف الشرط.

وفي المقابل قد يقال:- إنَّ الرواية حينما ألزمت بالدفع الفوري وأوجبته فذلك من باب الاشتتراط، وعليه فسوف تكون النتجية واحدة وحينئذٍ لا ثمرة عملية في الببين.

لكن في الجواب نقول:- إنَّ موثقة عمّار حينما ألزمت بالدفع الفوري لعل ذلك من باب التعبّد الشرعي وليس من باب الاشتراط، وعليه فلا يمكن أن نقول بعدم وجود ثمرة في البين.

وعلى هذا الاساس بناءً على كون المدرك هو الرواية لو تخلّف الطرف عن الفورية فلا يمكن أن نقول بثبوت خيار تخلف الشرط، بخلافه بناءً على فكرة الاشتراط الضمني.

وأما الحكم الثاني:- فقبل أن نذكر الدليل عليه لابد وأن نلاحظ رأي الفقهاء في هذه المسألة، وفي هذا المجال ادعى صاحب الجواهر(قده) عدم وجود الخلاف فيه، ثم نقل عن صاحب الرياض(قده) دوعوى الاجماع عليه، ثم تمسك لذلك بقاعدة لا ضرر، حيث ذكر أنَّ المال لو كان بيد المشتري وأراد دفعه إلى البائع فإذا لم يقبل البائع بقبضه فهذا ضررٌ على المشتري ووجه الضرر هو أنه سوف يلزم المشتري التحفّظ عليه، وقد تمسك الشيخ الاعظم(قده) بهذا الوجه أيضاً ولكنه صعّد لهجته، قال صاحب الجواهر(قده):- ( ضرورة تحقق الضرر على المشتري ببقائه مشغول الذمة )[2] ، وقال الشيخ الاعظم(قده):- ( لأن في امتناعه اضراراً وظلماً إذ لا حق له على من في ذمته في حفظ ماله في ذمته والناس مسلطون على انفسهم[3] )[4] ثم اضاق قائلاً:- ( إذا امتنع بغير حقٍ سقط عتبار رضاه لحديث نفي الضرار ) ثم ذكر بعد ذلك:- ( إنَّ مقتضى القاعدة اجبار الحاكم له على القبض فإن تعذر تولاه الحاكم لأن السلطان ولي الممتنع )، فتيمكن المشتري أن يبلغ الحاكم بذلك والحاكم يجبر البائع على القبض فإن تعذَّر ذلك تولّى الحاكم القبض.


[3] يعني من حق المشتري أن يمتنع أن تبلقى ذمته مشغولة للبائع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo