< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/08/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 188 ) احكام ترتبط بالمكيل والموزون - الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

ومنها:- معتبرة الحلبي، وهي ما رواه الشيخ الطوسي باسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن عبد الله بن مسكان عن الحلبي قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قومٍ اشتروا بَـزّاً[1] فاشتركوا فيه جميعاً ولم يقسّموه أيصلح لأحدٍ منهم بيع بَزّهِ قبل أن يقبضه؟ قال:- لا بأس، وقال:- إنَّ هذا ليس بمنزلة الطعام إنَّ الطعام يُكال )[2] .

أما دلالتها الجواز:- فواضحة.

وأما سندها:- فهو معتبر، فإنَّ سند الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر، وأما صفوان فهو من أجلَّة اصحابنا، وأما عبد الله بن مسكان فهو من اجلة اصحابنا أيضاً، وأما الحلبي فهو ثقة أيضاً وقد ورد في حق الحلبيون:- ( الحلبيّون بيتٌ معروفٌ في الكوفة كلّهم ثقات).

وبعد اختلاف هذه الروايات بين التجويز والمنع كيف تكون طريقة الجمع بينها؟

والجواب:- نقول إنه بقرينة الجواز الوارد في هاتين الروايتين نحمل النهي الوارد في الرواية السابقة عليهما على الكراهة[3] .

يبقى شيء:- وهو أنه توجد عندنا بعض الروايات التي تنهى عن بيع ما ليس عندك حيث قالت:- ( لا تبع ما ليس عندك )[4] ، ومادام المشتري لم يقبض المبيع فهو ليس عنده فماذا نصنع مع هذه الروايات؟

والجواب:- إنَّ تعبير ( ليس عندك ) هو تعبيرٌ مجملٌ ومردَّد، فيحتمل أن يكون المقصود منه أنه ليس ملكاً لك، والمفروض في مقامنا أنه مملوك له، أو نحمله على أنه مملوكٌ ولكنه ليس مقدوراً لك وإنما هو تحت قدرة غيرك، فيحمل هذا التعبير على هذا المعنى أو ما شاكله بقرينة الروايات المصرَّحة بالجواز.

والنتيجة التي انتهينا إليها هي أنه يجوز بيع المبيع الذي لم يقبضه المشتري مادام ليس مكيلاً أو موزوناً والدليل على ذلك العمومات باضافة الروايات المجوزة، وأما المعارض من قبيل ( لا تبع ما ليس عندك ) فهو قابل للحمل على محامل أخرى.

الفرع الثاني:- يجوز بيع المكيل والموزون قبل قبضه برأس المال.

ويمكن التمسك للجواز بالعمومات كـ﴿ أحل الله البيع ﴾ وأصالة الحل و﴿ افوفوا بالعقود ﴾ من دون حاجةٍ إلى مجوّزٍ خاص، مضافاً إلى وجود عدَّة روايات خاصة يستفاد منها الجواز:-

الأولى:- ما رواه محمد بن الحسن باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه:- ( أنه سأل اخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجلٍ يشتري الطعام ايصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال:- إذا ربح لم يصلح حتى يقبض، وإن كان يوليه[5] فلا بأس ).

أما سندها:- فهو معتبرٌ، فإنَّ للشيخ الطوسي طريقٌ معتبرٌ إلى علي بن جعفر.

وأما دلالتها على المطلوب:- فهي واضحة.

وينغي الالتفات إلى أنه توجد تكملة لهذه الرواية في التهذيب:- وهي:- ( وسأله عن الرجل يشتري الطعام أيحلُّ له أن يولي منه قبل أن يقبضه؟ قال:- إذا لم يربح عليه شيئاً فلا بأس فإن ربح فلا بيع حتى يقبضه )[6] .

ولكن الشيء الملفت للنظر في هذه الرواية هو أنها قالت في ذيلها:- ( وسأله عن الرجل يشتري الطعام أيحلُّ له أن يولي منه قبل أن يقبضه؟ قال:- إذا لم يربح عليه شيئاً فلا بأس فإن ربح فلا بيع حتى يقبضه )، فما الفرق بين هذا السؤال الوارد في ذيل الرواية عن السؤال الوارد في صدرها؟ الظاهر إنه لا فرق بينهما، ولكن هذه قضية ليست مهمة لأنَّ السؤال الوارد في صدرها يدل على مطلوبنا أما أنَّ السؤال الثاني فسواء دل على نفس مطلوبنا أو دل على شيءٍ آخر فهذه قضية جانبية لا تؤثر على الاستدلال بالرواية.

الرواية الثانية:- ما رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا اشتريت متاعاً فيه كيلٌ أو وزنٌ فلا تبع حتى تقبضه إلا أن تُولِيَهُ فإذا لم يكن فيه كيلٌ ولا وزنٌ فبعه )[7] .


[1] البز هو القماش ومنه البزاز.
[3] أو نحمل بحملٍ آخر وهذا ليس بمهم.
[5] التولية هي البيع من دون زيادة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo