< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 183 )، مسألة ( 184 ) حكم نماء المبيع، مسألة - الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

وهنا سؤال:- وهو أنه لماذا لا نعدّ هذا المورد من موارد تلف المبيع قبل قبضه؟

والجواب:- لا يبعد أن تكون النكتة في ذلك هي أنَّ السيرة وهكذا رواية عقبة ناظرة إلى حالة التلف بآفةٍ سماوية أما حالة اتلاف الأجنبي أو اتلاف نفس البائع له فلا يوجد مثبت لكونه من مصاديق هذه القاعدة، فيكون تطبيق هذه القاعدة الثانوية - وهي قاعدة ( تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه ) - محل إشكال فنبقى نحن والقاعدة الأولية وهي تقتضي كون التلف من المشتري لأنَّ المبيع ملكه، فيرجع المشتري على المتلف منهما.

إن قلت:- لماذا قاعدة ( تلف المبيع قبل قبضه من بائعة ) قاصرة عن شمول المورد وتختص بحالة التلف دون الاتلاف من قبل الغير الذي هو في موردنا إما الاجنبي أو البائع؟

قلت:- إذا رجعنا إلى مستند هذه القاعدة فلا يبعد أن يكون قاصراً عن شمول حالة الاتلاف من قبل البائع أو شخصٍ أجنبي، فإنَّ المستند لها كما عرفنا هو إما السيرة العقلائية اللمضاة بعدم الردع أو رواية عقبة ولو على مستوى التأييد، أما السيرة فهي دليل لبّي والقدر المتيقن منها حالة ما لة فرض أنَّ التلف كان سماوياً، وأما وراية عقبة فهي أيضاً ناظرة إلى حالة التلف السماوي فإنها قالت:- ( في رجل اشترىة متاعاً من رجل وأجوبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه قال آتيك غداً إن شاء الله فسُرِق المتاع من مال من يكون؟ قال:- من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته )، فموردها هو السرقة لا ما إذا كان بإتلاف متلفٍ إلا أن يجزم بعدم الفرق من هذه الناحية، وعليه فقاعدة ( تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه ) لا يمكن تطبقيها في المقام وإنما نطبق القاعدة العامة.

ثم إنه جاء في عبارة المتن المشيرة إلى الحكم الأول ما نصه:- ( إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي فالأقوى صحة العقد )، والمقصود من عبارة ـ( فالأقوى صحة العقد ) هو عدم انفساخ العقد، وعليه فهذا العبير لا يكون مناسباً لأنَّ العقد صحيحٌ من البداية، بل المناسب أن يقال:- ( فالأقوى عدم انفساخ العقد ).

الفرع الثاني:- للمشتري حق الخيار في فسخ العقد لتعذّر التسليم.

وقبل أن نبيّن ذلك قد يقال:- قد حصل تهافت بين ما ذكره في الفرع الأول وما ذكره في الفرع الثاني، فإنه في الفرع الأول ذكر أنَّ للمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من المثل أو القيمة بمقتضى عدم انفساخ العقد، بينما حكم في الفرع الثاني بحقه في خيار فسخ العقد، فكيف حكم بصحة العقد في الفرع الأول بينما حكم بحقه في خيار الفسخ في الفرع الثاني؟!

والجواب:- لا توجد تنافٍ في البين، إذ مرةً نتكلم عن بطلان العقد وعدمه وهذا ما بينه في الفرع الأول وقال الأقوى صحة العقد، وأخرى نتكلم على تقدير صحة العقد أنه هل الصحة لازمة أو هي جائزة وقد أجاب بأنها جائزة فيجوز للمشتري الفسخ، وعليه فلا هافت في البين.

وأما المستند لثبوت خيار الفسخ للمشتري:- فهو فكرة الشرط الضمني، إذ لا يبعد وجود شرطٍ ضمنيٍ من قبل الطرفين وهو أنه إذا أُتلِف المبيع بسبب متلفٍ قبل القبض فللمشتري حق الفسخ، وعليه فالمشتري مخيرٌ بين أمرين بين عدم الفسخ فيرجع على المتلف بالبدل من مثلٍ أو قيمة وبين حقه في فسخ العقد من باب الاشتراط الضمني ويرجع بنفس الثمن.

 

مسألة ( 184 ):- إذا حصل للمبيع نماءٌ[1] فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

..........................................................................................................

المقصود من هذه المسألة واضح، وهو أنَّ المفروض أنَّ المشتري قد اشترى المبيع وقبل أن يقبضه من البائع حصل فيه نماءٌ ثم فرض أنَّ المبيع تلف قبل قبضه فالمناسب أن يكون النماء للمشتري لأنَّ المبيع قبل القبض هو ملكٌ للمشتري ولا تتوقف ملكيته له على قبضه وعليه فيكون النماء له.

ومن الواضح أنه لابد أن نفترض أنَّ المبيع قد تلف قبل القبض، لأنه إذا لم نفرض ذلك فالقضية واضحة جداً، ولكن إذا تلف قبل القبض فسوف تأتي شبه انفساخ العقد ويقال إذا انفسخ العقد فمن المناسب أن يكون النماء للبائع، لكن الجواب قد اتضح فإنه حسب فرضنا أنَّ النماء قد حصل قبل الفسخ والمبيع قبل الفسخ هو ملكٌ المشتري وقد حصل النماء في فترة ملك المشتري فيكون النماء ملكاً له.


[1] أي حصل للمبيع نماءٌ قبل قبض المشتري، وكان المناسب التنبيه على ذلك في متن المسألة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo