< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 180 )، مسألة ( 181 ) عدم التمكن من المبيع قبل قبضه بحكم التلف، مسألة (182 ) لو أمر المشتري شخصاً بقبض المبيع كان بمزلة قبض المشتري- الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

الحكم الثاني: - بم يتحقق القبض في المنقولات؟

ذكر السيد الماتن(قده) إنَّ القبض يحقق بأخذ المبيع، فإذا بعت ساعة يدوية مثلاً فالقبض يصير بأخذها من قبل المشتري، وهكذا الكتاب قبضه يصير بأخذه من قبل المشتري، ولذلك قال السيد الماتن: - ( وأما في المنقولات فلابد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه ).

ونحن نقول: - لا يبعد أن يقال إنَّ الشرع المقدس بعد أن ترك تحديد القبض وأنه كيف يتحقق فذلك يعني أنه اوكل الأمر إلى العرف، والعرف في غير المنقولات التي لا يمكن أخذها باليد كالسيارة يحكم بكفاية التخلية، أما في المنقولات التي يمكن أخذها باليد كالكتاب فما ذكره السيد الماتن والسيد الحكيم - بأنه لا يتحقق قبضها بمجرد التخلية وإنما يلزم أخذها باليد فأخذ الفرس مثلاً يكون بأخذ لجامه - هو شيءٌ بعيد، بل نقول ليس من البعيد القول بكفاية التخلية هنا أيضاً، وليس المراد من التخلية هنا أن يضع البائع الكتاب مثلاً على مسافةٍ بعيدة عن المشتري كعشرة أمتار مثلاً وإنما المقصود أن يضعه أمام المشتري مباشرةً وحينئذٍ هذا يكفي عرفاً في تحقق القبض[1] ، والقضية لا تستحق التوقف أكثر من هذا.

 

مسألة ( 181 ):- في حكم التلف تعذّر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو افلت الطائر أو غير ذلك.

.........................................................................................................

تشير المسألة إلى أنَّ تعذر وصول المشتري إلى المبيع هو بحكم تلفه قبل قبضه أي يكون مضموناً على بائعه، فلو كان المبيع طيراً مثلاً فطار ولم يمكن المشتري قبضه فهذا يكون في حكم التلف فتشمله قاعدة ( تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه ).

ولعل عبارة المتن قاصرة عن بيان هذا المعنى، وكان المناسب له الاشارة إلى ذلك للتوضيح فيقول مثلاً: - ( في حكم التلف الموجب لضمان البائع للمبيع - حيث إنَّ تلف المبيع قبل قبضه من مال البائع - تعذّر الوصول إليه ).

وقد تعرض الشيخ الأعظم(قده) إلى هذا الحكم وقال:- ( ثم إنه يلحق بالتلف تعذر الوصول إليه عادةً مثل سرقته على وجهٍ لا يرجى عوده )[2] ، كما أشار إلى أنَّ العلامة قد ذكره أيضاً.

ويمكن أن يستفاد هذا الحكم من رواية عقبة: - فإنها قالت: - ( في رجلٍ اشترى متاعاً من رجل واوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه فسُرِق المتاع من مال من يكون؟ قال:- من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته )، فعدَّت السرقة موجباً من موجبات ضمان المالك الأول الذي هو البائع وليس المالك الجديد الذي هو المشتري، فهي واضحةٌ في ذلك إلا أنها ضعيفة السند.

والأحسن من ذلك الاستدلال بالسيرة: - فإنها تعدّ المبيع هنا بحكم التالف ولا ترى اختصاص التلف بالتلف الحقيقي كأن يحترق المبيع أو يغرق أو يُسرَق وإنما تعدّ عدم التمكن من المبيع نحواً من انحاء التلف أيضاً، فلا يتعين أن يكون التلف بالمعنى الحقيقي وإنما السيرة أعم من هذه الناحية، وهي تكفينا.

 

مسألة ( 182 ):- لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخصٍ معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، وكذا لو أمره بإرساله على بلده أو غيره فأرسله كان بمزلة قبضه، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه.

.........................................................................................................

تشتمل المسالة على ثلاثة أحكام: -

الحكم الأول: - لو قال المشتري للبائع سلّم المبيع لابني هذا أو لصديقي فلان فيكفي التسليم إلى الولد أو الصديق، فلو تلف المبيع في يد الولد أو الصديق وقبل قبضه من قبل المشتري فالتلف يكون من مال المشتري، لأنَّ المشتري هو الذي أمر بتسليم المبيع إلى هذا الشخص المعين فيكفي التسليم إليه، فلو تلف يكون مضموناً على المشتري ولا يكون مضموماً على البائع.

والمستند لهذا الحكم هو أنه يمكن أن يقال: - إنَّ أمر المشتري البائع بدفع المبيع إلى ولده أو صديقه فدفع البائع المبيع إلى الولد أو الصديق كان ذلك دفعاً على نفس المشتري عرفاً، وهذا يكفي في رفع الضمان عن البائع؛ إذ يصدق عرفاً أنَّه سلّم المبيع إلى المشتري كما يصدق عرفاً أنَّ المشتري قد تسلَّمه.

كما يمكن سلوك طريقٍ آخر لإثبات هذا الحكم: - هو أن نقول إنه في مثل هذه الحالة السيرة أو العرف يحكم بأنَّ هذا ليس تلفاً للمبيع قبل قبضه.

وإن شئت قلت: - إنه يوجد قصورٌ في مقتضي الضمان، فالسيرة التي قضت بضمان البائع للمبيع إذا حصل التلف قبل قبض المشتري هي قاصرة عن اثبات الضمان على البائع في مثل هذه الحالة.

مضافاً إلى أنَّ وراية عقبة التي كانت تقضي بالضمان لا يبعد أن يقال هي قاصرة أيضاً عن شمول هذا المورد: - لأنها عبرت عن التسليم بإخراج المبيع من البيت، وإخراج المبيع من البيت كناية عن إيصال المبيع إلى المشتري، والتسليم إلى الابن هو نحوٌ من التسليم إلى نفس المشتري، وعليه فتكون قاصرةً عن اثبات الضمان على البائع في مثل هذه الحالة.


[1] ولا يلزم الاستيلاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo