< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 179 ) حكم تلف المبيع أو الثمن قبل القبض - الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

مسألة (179 ):- إذا تلف المبيع بآفةٍ سماويةٍ أو أرضيةٍ قبل قبض المشتري انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري، وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائ

..........................................................................................................

هذه المسألة من أحكام القبض وهي تشتمل على حكمين:-

الحكم الأول:- إذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه وإن كانت القاعدة تقتضي كون التلف من المشتري، لأنَّ المشتري قد صار مالكاً للمبيع عند تحقق البيع وإن لم يقبضه ولكن الحكم هو أنَّ التلف قبل القبض يكون من مال البائع.

الحكم الثاني:- إذا تلف الثمن قبل قبضه فهو من مال المشتري لنفس النكتة.

ونذكر قضيةً جانبية:- وهي أنَّ ألفاظ المسألة أكثر من محتواها العلمي، إذ لا حاجة إلى ذكر عبارة ( بآفة سماوية أو أرضية انفسخ البيع ) وإنما يقال ( إذا تلف المبيع قبل قبض المشتري كان تلفه من البائع ).

أما الحكم الأول:- فمثاله ما لو فرض أنَّ شخصاً اشترى ثلاجةً مثلاً من البائع ولكنها تلفت قبل القبض ففي مثل هذه الحالة يكون التلف من البائع وليس من المشتري رغم أنَّ القاعدة تقتضي كون التلف من المشتري لأنه قد ملكها بالبيع والملكية لا تتوقف على قبض المشتري للمبيع ولكن قد اتفقت كلمة الأصحاب على ما قد يقال إنَّ التلف يكون من مال البائع - يعني من المالك الأول للمبيع وليس من المالك الجديد - وإنما الكلام في التخريج الفني لهذا الحكم.

وقد يستدل على هذا الحكم بما يلي:-

أولاً:- رواية العلامة النوري في المستدرك عن عوالي اللآلي عن النبي صلى الله عليه وآله قال:- ( كل مبيعٍ تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه )[1] .

ودلالتها واضحة:- إذ مادام المبيع قد تلف قبل القبض فالخسارة تكون على البائع.

وهنا كيف نفسّر الرواية:- يعني كيف يصير التلف من البائع والحال أنه حينما تلف هو ملكٌ المشتري، لأنَّ البيع قد تم وقد انتقل المبيع إلى ملك المشتري ولكنه تلف قبل أن يسلّمه البائع إلى المشتري ففي مثل هذه الحالة كيف يكون التلف من البائع رغم كون المبيع ملكاً للمشتري؟

ذكر الشيخ الاعظم(قده):- أنه يمكن أن نلتزم بإنه قبيل التلف بآنٍ ما ينفسخ البيع وبالتالي يرجع المبيع ملكاً للبائع ويتلف في ملكه، والنكتة في ذلك:- هي أنه كيف يكون التلف قبل القبض من مال البائع والحال أنه قد صار ملكاً للمشتري؟!! فإذأ لابد وأن نفترض أنَّ الانفساخ قد تحقق قبيل التلف بآنٍ ما فيندفع هذا الاشكال، قال:- ( إنَّ مرجع الحديث – إلى انفساخ العقد قبيل التلف آناً ما ليكون التالف مالاً للبائع، هذا وإن كان خلاف ظاهر الرواية ولكن لما لم يتعقَّل اضطررنا إلى هذا التوجيه ومرجعه إلى أنه يتجدد انتقال الملك إلى البائع قبل الهلاك بجزءٍ لا ييجزأ من الزمان )[2] .

ونحن نقول:- إنَّ هذا من أحد موارد تغلّب الصناعة على الوجدان فإنها قد تجعل الفقيه يقول بنتائج مخالفةً ولو للنص.

وفي مقابل ذلك يوجد احتمالٌ آخر ذكره الشهيد الثاني(قده) في مسالكه حيث قال:- ليس المقصود من ( تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه ) هو المعنى الظاهري على حقيقته وما يعطيه الظهور وأنه يصير ملكاً للبائع ويتلف منه بل المقصود هو أنَّ ضمانه وخسارته تكون من البائع رغم كونه ملكاً للمشتري، فهو ملكٌ للمشتري ولكن مادام قد حصل التلف قبل قبضه فالضمان يكون على البائع لا أنَّ التلف يكون من البائع حقيقةً حتى يلزم أن نقول بانفساخ البيع قبيل التلف بآنٍ ما، بل البيع لا ينفسخ والمبيع بَعدُ على ملك للمشتري ولكن المقصود من كون التلف من البائع هو أنَّ ضمانه يكون على البائع في هذه الحالة.

وقد نقل الشيخ الأعظم(قده) هذا الاحتمال في مكاسبه[3] أيضاً عن المسالك، وبناءً عليه لا تصل النوبة إلى ما أفاده الشيخ الأعظم(قده).

يبقى أنَّ تحقيق الحال في كون المناسب ما افاده الشيخ الاعظم(قده) أو ما أفاده صاحب المسالك قد لا يكون شيئاً مهماً، لأنَّ الحديث مرسل، فهو مروي عن كتاب عوالي اللآلي فهو ضعيف السند، وبعد ضعف سنده فلا تعود آنذاك ثمرة لتحقيق الحال في كون المناسب في تفسيره ما هو خصوصاً بعد اتفاق العلمين على كون الضمان على البائع.

والخلاصة من كل ما ذكرنا:- إنَّ المستند الأول لقاعدة ( تلف المبيع قبل قبضه من مال البائع ) لا يمكن التعويل عليه إلا بنحو المؤيد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo