< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 177 )حكم اشتراط سكنى الدار المبيعة أو ما شاكلها، مسألة (178 ) ما هو التسليم الواجب على المتبايعين، الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

مسألة ( 177 ):- يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الارض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدّةً معينة.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح، وهو أن يفترض أنَّ شخصاً باع داره مثلاً واشترط على المشتري أن يسكن فيها بعد البيع لفترة محددة كشهرٍ أو شهرين مثلاً فهنا يجوز ذلك ولا محذور فيه، والوجه في ذلك هو التمسك بعموم (المؤمنون عند شروطهم)، فإنَّ هذا شرطٌ جائزٌ، وكل شرطٍ جائزٍ في حدَّ نفسه يكون مشمولاً لعموم ( المؤمنون عند شروطهم ).

ونحن لا نرى حاجةً لذكر هذه المسألة فإنها واضحة المدرك.

نعم ذكرها المحقق الحلي في شرائعه حيث قال:- ( وكذا لو اشترط البائع سكنى الدار أو ركوب الدابة مدة معينة كان ايضاً جائزاً )[1] ولعل بقية الاعلام ذكروها تبعاً له، ولكن لا توجد نكتة علمية حتى تذكر لأجلها.

وقد يقول قائل:- إنَّ البائع إذا اشترط ملكية السكن لفترة شهرٍ مثلاً فهو يشترط الملكية لا أنه يشترط نفس السكن من دون ملكيته له، فإذا فرض ذلك فيمكن أن يقال إنَّ هذا شرطٌ غير جائزٍ في حدّ نفسه فإنَّ المشتري قد ملك السكن فيها بمجرد تمامية البيع والشراء ولا معنى لأن يشترط البائع ملكية السكن فيها فإنَّ هذا شرطٌ مخالفٌ لمقتضى العقد أو أنه مخالفٌ للكتاب والسنَّة، وعليه فالشرط إذا كان لملكية السكن فلا يجوز، أما إذا كان الشرط لنفس السكن فهو جائزٌ. ولكن نقول:- إنَّ المفروض في المسألة هو أنَّ الشرط لنفس السكن لا لملكية السكن، فإنَّ المسألة قالت:- ( يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار )، وعليه فهذه المسألة لا مشتملةً على نكتةٍ علميةٍ حتى تحتاج إلى الذكر في كتاب الشرائع أو الكتب العلمية الاخرى.

 

مسألة ( 178 ):- التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول هو التخلية برفع المانع عنه والاذن لصاحبه في التصرف.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح، فإننا نعرف أنَّ تسليم المبيع بعد البيع شيءٌ لازم، ولكن ما هو معنى التسليم وما المقصود منه، وهذه المسألة جاءت لبيان هذا المطلب وهو أنَّ التسليم الواجب بم يتحقق؟ وقد اجاب السيد الماتن وقال:- إنه يتحقق بالتخلية - أي بتخلية المبيع - عن الموانع، فإن كانت هناك موانع فيلزم على البائع ازالتها، كما لو كانت الدار مملوءةً بأشياءٍ كالطابوق بحيث لا يمكن للمشتري دخولها، فالتسليم الواجب عبارة عن التخلية زائداً الإذن للمشتري في التصرف في المبيع.

وما ذكرناه بلحاظ المبيع يأتي نفسه بلحاظ الثمن، فتسليم الثمن واجب أيضاً ويتحقق بالتخلية زائداً الإذن.

وعبارة السيد الماتن تعم المبيع والثمن حيث قال:- ( التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية برفع المانع عنه والان لصاحبه في التصرف )، فهو قال ( الواجب على المتبايعين ) يعني البائع يلزمه تسليم المثمن والمشتري يلزمه تسليم الثمن.

وهنا توجد بعض الامور الجانبية لا بأس بالاشارة إليها:-

الأمر الاول[2] :- يمكن أن يقال إنَّ التخلية وحدها تكفي في تحقق التسليم ولا يحتاج إلى الإذن في التصرف، كما لو اخليت الدار من جميع الموانع فحينئذٍ لا يحتاج المشتري إلى الإذن في السكن فيها وإنما التخلية بنفسها كافية من هذه الناحية.

نعم الإذن إن كان معتبراً فهو معتبرٌ في تحقق التخلية لا أنه معتبرٌ اضافةً إلى التخلية، كما لو فرض أنَّ الشخص اشترى مقدار وزنةٍ من الرز مثلاً فحينئذٍ يأمر البائع - صاحب الحانوت - العامل أن يزن للمشتري مقدار الوزنة من الرز فهنا الإذن معتبر ولكن من ناحية فرز مقدار المبيع - وهو الوزنة عن بقية الرز - فإذا حصلت التخلية فحينئذٍ سوف يتحقق التسليم بنفس التخلية.

فإذاً نحن نحتاج إلى الإذن في تحقق التخلية والفرز لا أنه بعد تحقق التخلية نعتبر الإذن عاملاً ثانياً في تحقق التسليم كما توحي به عبارة السيد الماتن حيث قال:- ( التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية برفع المانع عنه والاذن لصاحبه في التصرف )، بل الإذن معتبر في أصل التخلية والفرز لا أنه معتبر كشيءٍ مضافٍ وعنصرٍ ثانٍ إلى التخلية ليتحقق بالمجموع الستليم.

الأمر الثاني:- هناك قضية مهمة لم يشر إليها الفقهاء وكانت هي الاجدر بالاشارة إليها، فهم أكدوا على مسألة التخلية والإذن والحال أنه توجد أشياء أخرى معتبرة عرفاً في تحقق التسليم[3] وهي ازاحة الموانع، كما لو فرض أنَّ شخصاً اشترى داراً وكانت مملوؤةً بالاوساخ والطابوق والحديد وما شاكل ذلك فهنا مجرّد التخلية لا يكفي في تحقق التسليم بل لابد من ازاحة هذه الموانع، كما قد يقال بأنه لابد من تحويل ورقة الطابو باسم المشتري أما إذا لم يحولها باسمه فيمكن أن يقال إنَّ التسليم لا يتحقق عرفاً، والمستند لذلك هو أنَّ الواجب شرعاً بعد تحقق البيع هو تسليم المبيع، وتسليم كل شيءٍ بحسبه، وربما يختلف التسليم في كل زمانٍ باختلاف ذلك الزمان، وفي زماننا ورقة الطابو مهمة في تحقق التسليم، فعلى هذه الأساس هذه الامور الأخرى معتبرة في تحقق التسليم ولا يكفي مجرد ما اشار إليه السيد الماتن بقوله ( يتحقق التسليم بالتخلية مع الإذن )، بل هذا وحده لا يكفي وإنما يعتبر ما أشرنا إليه، وربما توجد أمور اضافية جديدة معتبرة في هذا المجال في مثل زماننا.


[2] هذا التعديل أضافه سماحة الشيخ الأستاذ في المحاضرة اللاحقة/ المقرر.
[3] هذا التعديل أضافه سماحة الشيخ الأستاذ في المحاضرة اللاحقة/ المقرر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo