< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

الحكم الثاني: - إنما يلزم التسليم الفوري على كل طرفٍ فيما إذا لم يحصل التأخير في التسليم من قبل الطرف الثاني، وأما مع تأخير الطرف الثاني له فلا يجب على الطرف الأول تسليم ما بيده له.

والتجريج الفني لهذا الحكم ضمن وجوه: -

الوجه الأول :- أن يقال: يتمسك بفكرة القصور في مقتضي وجوب التسليم، فإنَّ المقتضي لوجوب تسليم كل واحدٍ منهما ما عنده لصاحبه هو الوجهان المتقدمان في الحكم الأول، وهذان الوجهان إنما يتمان فيما إذا فرض أنَّ كل واحدٍ من الطرفين كان مستعداً للتسليم، أما إذا لم يكن أحدهما مستعداً لذلك فلا يأتي هذان الوجهان ومعه يرجع إلى الأصل وهو يقتضي البراءة من وجوب التسليم، أو لا أقل من الشك، فعند عدم التسليم من قبل الطرف الثاني سوف لا يأتي الوجهان السابقان وبالتالي سوف نشك في وجوب التسليم على الطرف الأول، ومع الشك في وجوب التسليم عليه يجري أصل البراءة.

الوجه الثاني: - أن نقول: إنَّ التعاقد بعدما تم على اشتراط التأخير فسوف يكون التأخير في التسليم هو من مقتضى العقد وليس تخلّفاً عن مقتضاه كما يكون من الوفاء بالعقد ولا يكون هذا التأخير منافياً لمقتضى العقد وللوفاء به، بل مقتضى العقد هو ذلك إذ هما قد اشتراطا التأخير في التسليم لأحدهما أو لكليهما.

الحكم الثالث: - لا يجوز لأيّ واحدٍ من المتعاقدين تأخير التسليم إلا برضا صاحبه.

وفي توجيه هذا الحكم نقول: - أما عدم جواز التأخير من قبل الطرف الثاني فذلك لما أشرنا إليه في الحكم الأول، حيث ذكرنا أنَّ مقتضى العقد هو وجوب تسليم كل واحدٍ منهما ما عنده إلى صاحبه وذلك للوجهين المتقدمين.

ومن هنا تتضح النكتة في هذا الحكم الثالث، فإنَّ الوجه في ذلك هو ما أشرنا إليه في الحكم الأول، حيث قلنا إنَّ مقتضى المعاقدة هو تسليم كلٍّ منهما ما عنده لصاحبه إذ أنه قد ملكه بمجرّد العقد مضافاً إلى أنَّ التعاقد قد تم على التسلُّم والتسليم، فنفس ما ذكرناه في توجيه الحكم الأول يأتي هنا أيضاً فنقول لا يجوز لأحدهما التأخير إلا برضا صاحبه.

وأما أنه مع رضا صاحبه يجوز التأخير في تسليم العوض فذلك باعتبار أنَّ المورد هو من الحق وليس من الحكم، أي من حق كل طرفٍ أن يطالب بما انتقل إليه من صاحبه، وهذا حقٌ له وليس حكماً غير قابلٍ للإسقاط، وفي مقامنا نقول: إنَّ عدم جواز التأخير هو حقٌّ لكل طرف، فحقّ كل طرفٍ هو أن لا يؤخر الطرف الآخر عليه تسليم العوض، فإذا فرض أنَّ أحدهما رضي بالتأخير فهذا حقٌّ له ولا مانع من اسقاطه من قِبَله، وعليه فيجوز التأخير مع رضا الطرف الآخر.

الحكم الرابع: - إذا امتنع الطرفان من التسليم أُجبِرا عليه.

فإذا فرض أنَّ كلا الطرفين قد امتنعا عن التسلّم والتسليم فهنا يجبرهما الحاكم الشرعي على التسليم.

ولابد من الالتفات إلى أنَّ قضية الاجبار على التسلّم والتسليم تصح فيما إذا فرض أنَّ كل واحدٍ من الطرفين كان يريد التسليم ولكنه يمتنع من ذلك لأجل أنه يتخوف من عدم تسليم الطرف الآخر له، أما مع فرض تنازلهما عن التسليم الفوري واتفاقهما على كون التسليم في يوم الجمعة مثلاً فهنا لا يجبران على التسليم لأنَّ التأخير قد حصل بالتراضي منهما، أما إذا لم يرضيا بالتأخير فسوف يجبرهما الحاكم الشرعي على التسلّم والتسليم في نفس الوقت، ففي نفس الوقت الذي يسلّم الطرف الاول ما في يده للطرف الثاني أيضاً الطرف الثاني يسلّم ما في يده للطرف الأول مقارناً لزمان التسليم من قبل الطرف الأول.

ومن خلال ما ذكرنا يتضح التأمل فيما ذكره السيد الخوئي(قده) في التنقيح حيث قال:- ( الصحيح في المقام عدم وجوب التسليم ابتداءً على كل منهما فلا هذا يجب عليه التسليم ولا ذاك لاشتراط كل منهما بتسليم الآخر وهو غير حاصل )[1] .

ونحن نقول: - ينبغي التفصيل بين ما إذا لم يريدا ذلك لأجل التنازلٍ من كل واحدٍ منهما فهنا صحيح أنهما لا يجبران على التسلّم والتسليم، وبين أما إذا فرض أنَّ كل واحدٍ منهما يريد التسلّم والتسليم ولكنه يحذر من صاحبه ففي مثل هذه الحالة لا معنى لما افاده من أنهما لا يجبران على التسلّم والتسليم، وإنما ما ذكره يتم في احدى الحالتين لا في كلتيهما، فهو يتم في حالة ما إذا لم يريدا التسلّم والتسليم الفوري لرضاً منهما بذلك، أما إذا كانا يريدان التسلّم والتسليم ولكن يحذر كل واحدٍ منهما الآخر فحينئذٍ يجبرهما الحاكم الشرعي عليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo